سهير صقر تكتب.. القوامة.. وكفتي الميزان


ليس هناك بيتا يخلو من المشكلات سواء كانت كبيرة أم صغيرة، ومع ضغوط الحياة تزايدت تلك المشكلات وأصبحنا نعيش صراع وليست حياة، ولكن الأصعب من هذه المشكلات هي المشكلات الأسرية، والتي لها الوقع الأكثر سوءًا علي الإطلاق سواء كان ذلك علي المستوي الخاص أو علي المستوي العام، وهذه الظاهرة ليست خاصة علي مجتمعنا المصري فقط بل امتدت لتشمل المجتمعات المصرية والعربية معًا، ولا أخفق القول حين أقول أنها أطالت المجتمعات الغربية أيضًا.
ولكن ما يهمنا هنا هي بيوتنا المصرية وما بها من تصدع وخلل، فقد أصبحت تتأجج بالخلاف والنزاع بين رؤية قاصرة محدودة وعقول جامدة عنيدة لا تري إلا ما تحتاجه وما تريده وكأنها وحدها في محور الكون.
ومن هنا ينشأ الصراع ويشتد بين زوجة متمسكة بحقوقها وكرامتها وإنسانيتها، وبين زوج لا يريد إلا الطاعة وتلبية أوامره واحتياجاته فقط، ناسيا بأن هناك مخلوق آخر يعيش معه علي نفس الكوكب له متطلبات واحتياجات وهي الزوجة، متخذًا لفظ القوامة بالمفهوم الخاطئ، فهناك كثير من الأزواج من يردد تلك الكلمة دون الفهم الصحيح لمعناها، ضاربًا بحقوق الزوجة عرض الحائط، ناسيا بأن الإسلام قد أعزها وكرمها ورفع من شأنها، متغافلًا وصية نبينا الكريم صلوات ربي عليه وسلامه حين قال: "استوصوا بالنساء خيرًا".
ونحن في هذا الصدد لا ننكر علي الزوج حقه، ولا نعفي الزوجة من واجباتها، فلكل منهما حقوق وعلي كل منهما واجبات، ولكن أبسط أسس الحياة الزوجية الكريمة هي المساواة والموازنة بين طرفي الميزان، وفهم كل طرف لاحتياجات ومتطلبات الطرف الآخر، وإن الحياة الزوجية السوية لن يستقيم حالها إذا طغت إحدى كفتي الميزان علي الكفة الأخري، وإذا كنا هنا نبغي تحقيق العدل والمساواة بين الطرفين وبين كفتي الميزان في الحقوق والواجبات فنحن نرجو الرحمة والإحسان وحسن المعاملة أيضًا بين الطرفين.
وهنا اتوجه برسالتي لكل زوج وليس هذا من منطلق التحيز للمرأة، وإنما من منطلق القوامة التي خصها الله للزوج دون الزوجة، فلا تجعل من القوامة سوطًا في يديك ووسيلة لفرض الرأي والسلطة علي الزوجة، ولكن لتكون سببًا في تأسيس بيت أنت قوامه وعماده، وتكوين أسرة أنت المسؤول عنها وعن متطلباتها المعنوية قبل المادية، فهناك من الأزواج من يختلط عليهم الأمر ويروا أن الاحتياجات هي مأكل ومشرب وملبس فقط، ولكن هناك فرق بين الاحتياجات المادية والاحتياجات المعنوية والتي يغفل عنها الكثير منهم.
والقوامة بمفهومها يحفظ للزوجة كرامتها وإنسانيتها، فهي تكليف للزوج وتشريف للزوجة، وإن ما وضع علي عاتقك عزيزي الزوج أنت أهل له وسوف تحاسب عليه أمام الله، ولتكن خير معين لزوجتك بحسن المعاملة وحسن العشرة، وليحافظ كل منكما علي الآخر من باب الأخلاق والالتزام بميثاق الله الذي عقد بينكما لا من باب الحب، لأن الحب قد يموت ولكن يبقي ماهو أهم منه وهي المودة والعشرة والالتزام بما عهدت الله عليه.
وقالي تعالي: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا".