سهير صقر تكتب.. نقمة الهواتف الذكية


لقد غزت الهواتف الذكية حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها في جميع مجالات الحياة سواء في البيت أو في العمل أو في المدرسة والجامعة أو في جميع علاقتنا الاجتماعية.
فهي سلاح ذو حدين لها فوائد كثيرة وعظيمة وأيضا لها أضرار جسيمة وخطيرة. فالفيصل هنا هو طريقة استخدمها . فهناك للأسف من يسيئ استخدام هاتفه الجوال من خلال تطبيقاته المختلفة والذي تخرج علينا كل يوم بجديد لتهدم بيوتنا وتخرب حياتنا وتفسد أخلاقنا وتضيع أولادنا سواء كان ذلك من خلال تسجيلات صوتية أو فيديوهات أو صور دون علم الغير ليتم ابتزازه بها ويستخدمها ضد، أو من خلال العالم الافتراضي المملوء بالحكايات والكلام المعسول الذي يستغل به أصحاب النفوس الضعيفة والذي أصبح يعيش فيه أكثر من عالمه الواقعي مما أدي إلي إدمان ذلك العالم الافتراضي بكل عيوبه ومساوئه من غش وخداع ونفاق وتلون وجوه ولبس أقنعة وأسماء وصفات وهمية لا تمت للواقع بصلة مما يؤدي إلي الانسحاب من عالمه الواقعي ورفضه والتعلق بهذا العالم الافتراضي، بل وتخلي الكثيرين عن أدوارهم ومسؤلياتهم في الحياة نتيجة وجودهم داخل هذا العالم الافتراضي، فزادت الفجوة بين أفراد الأسرة الواحدة وأصبح كل فرد بمعزل عن الآخر وأصبحوا غرباء يعيشون تحت سقف واحد ومن هنا نجد أسرة ليست بأسرة ولا تمت للمعني بأي صلة غير مجرد الاسم فقط هذا كله أدي إلي تفككها وانهيارها وتشرد وانحراف أبنائها وانفتاحهم علي مواقع شاذة وغرف مغلقة علي أشخاص وسلوكيات لا يمكن الحديث عنهم أو وصفهم فلا يخفي علي بال أحد ما يمكن أن يدور داخل تلك الغرف المغلقة، فالعالم كله أصبح مفتوحا بين يدي الجميع بثقافته وعاداته وتقاليده وأفكاره الغثة والثمينة بلا حدود وبلا قيود وبالتالي مجتمع مفكك ومنهار دينيا وأخلاقيا وسلوكيا، وشباب مقلد تقليدا أعمي، فكم من بيوت خربت ونشرت أخبارها علي الملأ، وكم من علاقات وصلة أرحام تقطعت نتيجة لبلوك أو منشور وبوست، وكم من أسرار نشرت فأضاعت أصحابها، وكم من أرواح زهقت، وكم من دماء أريقت، وكم من مشاكل كثيرة.
كما ظهرت لنا نتيجة لسوء استخدامه وهنا حدث ولا حرج، فليس كل الأبواب متاح لك أن تطرقها، فهناك كثير من أصحاب النفوس المريضة أخلاقيا والتي تستبيح خصوصيات الآخرين وتتابع عوراتهم وأسرارهم وتشيعها علي الملأ فتهدد وتروع أمنها مما يجعلهم يقدمون علي الانتحار ليتخلصوا من هذا التهديد، وقد شاهدنا كثيرا من هذه النماذج للأسف في الآونة الأخيرة، بل ونجد منهم من يتعدي علي حريات الآخرين ويسيئ إليهم سواء كان ذلك بالألفاظ الجارحة أو بالغيبة والنميمة أو بسوء أفعالهم أو بأي طريقة أخري مما يسبب لهم الأذي النفسي والمعنوي,وهذا ماحرمه الله تعالي في كتابه العزيز " ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم " ولا يخفي علينا بالإضافة لما سبق الآثار السلبية التي تعود علينا من سوء استخدام تلك الهواتف الذكية سواء في أفكار ومعتقدات مشوهة أو في سلوكيات منحرفة وغير مألوفة أو في شخصيات مضطربة وغير سوية ضغوط نفسية وذهنية بالإضافة للأبواب المحرمة التي يدخلها البعض في الخفاء.
اقرأ أيضاً
تشريع غير متوقع من الشيوخ الأمريكي بشأن شواحن الهواتف الذكية.. اعرف القصة
سهير صقر تكتب.. القاضي والجلاد
سهير صقر تكتب: خط أحمر
سهير صقر تكتب.. الأواني الفارغة
سهير صقر تكتب.. كلمتين وبس
سهير صقر تكتب: رفقا بالقوارير.. مثني وثلاث ورباع
سهير صقر تكتب : صرخة من أعماق امراءة
سهيرصقر تكتب: الأسرة المصرية وحافة الهاوية
ولا ننسي حديث نبينا الكريم صلوات ربي عليه وسلامه " البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس " فهل تخشي الناس ولا تخشي رب الناس ! فإن لم تستحي فافعل ما شئت وكثير وكثير من الأضرار والفساد الذي يعود علينا من سوء استخدام تلك الهواتف والتي لا يسعنا الحديث عنها بالتفصيل الآن.
فلا تسيئوا استخدام هواتفكم فتظلموا أنفسكم وتظلموا غيركم وهنا تتحول النعمة إلي نقمة. فلا يعقل أن نأتي به من الغرب لنسيئ استخدامه، بدلا من أن نستخدمه فيما ينفعنا وينفع غيرنا, فهنيئا لمن أدرك قيمته وأحسن استخدامه، ولا ننسي أننا قدوة لأبنائنا ومسؤولون عن تنشئة أجيال الغد والذي سوف نسأل عنهم أمام الله فأولادكم أمانة فلا تضيعوها فلا يصح أن ننصح ونمنع أبناءنا من سوء استخدامه ونسيئ نحن استخدامه.
وفي النهاية ولكي نكون منصفين فأننا لا نعمم فليس الكل منجرف لهذا الطريق فلايزال الخير في أمة محمد - صلوات ربي عليه وسلامه - ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة علي الحق حتي تقوم الساعة ) فاستقيموا يرحمكم الله واتقوا الله أينما كنتم فنحن ندخل قبورنا بأعمالنا وليست بهواتفنا فليرزقنا الله حسن العمل وحسن الخاتمة لنا ولفلذة أكبادنا.