سهير صقر تكتب: العجز المكتسب.. وعلاقته بالصحة النفسية

هل هناك مايسمي بالعجز المكتسب ؟
نعم ، فهناك العجز الفطري الذي يولد الفرد به نتيحة عوامل وراثية أو خلل في الجينات والكروموسومات ، والإنسان هنا ليس له دخل فيها لأنه يولد به نتيجة لعدة عوامل .

أما العجز المكتسب المتعلم فهو يحدث نتيجة الضغوط والمشكلات والتجارب السلبية المتكررة التي مر بها الإنسان ولا يستطيع حلها أو مواجهتها وأصبح الأفضل له هو الهروب منها و إليها والتعايش معها، ويرفض التغيير حتي لو كان التغيير ممكنا لأن لديه قناعة داخلية بأنه فاشل وليس لديه القدرة عل الحل أو التغيير.

ويسبب العجز المكتسب للإنسان الاضطرابات النفسية مثل الشعور باليأس والعزلة والانسحاب وقد يصل لمرحلة الاكتئاب والقلق والتوتر .

كما يشعر الإنسان بالدونية وعدم تقديره لذاته نتيجة لعجزه عن مواجهة الضغوط و التحكم فيها وفشله في حل مشكلاته ،وهذا يجعله يتبني العيش بعقلية الضحية وأنه مغلوب علي أمره نتيجة ظروف الحياة والتجارب السيئة التي مر بها ، وحياته كلها أصبحت نتاج لتفكيره ومعتقداته وطريقة نظرته للأمور ، وحديثه الداخلي مع ذاته ، ومن هنا فالعجز حالة داخلية غذي بها الإنسان نفسه وعاش حبيسا لها ، والإنسان الفاشل لا يمكن له أن يعلم غيره النجاح لأن الفشل والعجز أصبح جزء من شخصيته بل أصبح أسلوب حياة .

هل يمكن أن يتعافي المرء من هذه الحالة ومن هذا العجز ؟

بالطبع نعم ، يمكن له ولكن هذا ليس بالأمر السهل ولكنه أيضا ليس مستحيلا،
وبما إن العجز مكتسب فالنجاح أيضا مكتسب.

ويتوقف أولا علي رغبة الشخص في تغيير الوضع والمواجهة وعدم الهروب الاستسلام لظروفه وفشله ، وأن يغير من معتقداته وأفكاره السلبية الذي كان حبيسا لها، ويتحول من عقلية الضحية ، لعقلية البطل المسؤل وأن يلتزم بدوره وقيمه ويرفع من تقديره لذاته وأنه جدير ويستحق ولديه القدرة علي المواجهة والتغيير للأفضل وأنه بشر يصيب ويخطئ وليس هناك من هو معصوم من الخطأ وعليه أن يتحمل نتيجة أخطائه.

وضرورة الابتعاد عن النماذج السلبية والمحبطة والتمسك بشخصيات ونماذج ايجابية لأنها تزيد من ثقته بنفسه وتساعده علي التحدي والتغلب علي العقبات وتحقيق الانجازات وهذا بدوره يرفع من تقديره لذاته .
وكما قال رسولنا الكريم صلوات ربي عليه :
" المرء علي دين خليله "
ولا ننسي أن النبي صلي الله عليه وسلم استعاذ الله من العجز والكسل.
وقال تعالي :
" أنا عند حسن ظني بي "
وبما إن العجز بالاكتساب ، فالتفاؤل أيضا بالاكتساب وكله يتوقف علي تفكيرك أنت عزيزي الإنسان ،
فأنت المسؤول وأنت سيد قرارك . إما فشل وإما نجاح
إما حياة بلا حياة وإما حياة بكل معاني الحياة .