سهير صقر تكتب: عقلية الضحية


ليس هناك من تخلو حياته من الأوجاع والآلام ، ليس هناك إنسان يعيش حياته بدون ضغوط أو مشكلات ، ليس هناك من لا يمتلك ذاك الصندوق الأسود الممتلئ بأحداث الماضي والذكريات وبالتجارب ، والخيبات، ومن قسوة وإهمال وسوء معاملة الآباء والحرمان، مهما كانت لهم المبررات والأعذار فقد تركت بداخله آثارا وبصمة لاتنسي مهما مر به الزمان ، والتي بسببها أصبح معظمنا يعاني الآن من الوهن النفسي والإنكسار . وعلي الرغم من ذلك تمضي بنا الحياة لإن لكل منا مازال له دور في الحياة .
إلا إننا نري هناك من تجمددت حياته، متلذذا بأوجاعه وآلامه، مستسلما لظروفه وأحزانه ، ونظرته التشاؤمية لكل الأمور بل لكل الحياة ، ونجده يرمي دائما اللوم علي من حوله رافضا الاعتراف بتحمل المسؤلية ودوره فيما وصل إليه ، ولا يقر ولا يعترف بأخطائه أو فشله في اختياراته ، نجده رافضا كل الحلول التي تدعو للتغيير، مكمما لأصوات اللوم والنقد والعتاب ، رافضا ومقاوما لأي فكرة للإصلاح ، كثير الشكوي، غير راضي عن حياته وعن عيشته ، فهو عاشقا لدور الضحية راغبا في استعطاف الآخرين له ولا يدرك بأنه بذلك يؤذي نفسه ويؤذي الآخرين .
قال تعالي " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم "
هذه هي عقلية الضحية.ذات النظرة الدونية لذاته ، ذات الشخصية الضعيفة، تلك العقلية التي أصبحت سجينة لتشوهاتها الفكرية ولجهلها بقوانين الكون فما يعيشه هو نتاج لتفكيره هو ، فقد تجمدت بداخله كل معاني الحياة، لا أحلام ولا أهداف ولا طموحات ، فهو إنسان مكبل وعاجز لا يستطيع إنجاز شيئا في حياته أو التقدم ولو بخطوة واحدة بل يتراجع آلاف الخطوات، يبحث دائما عمن يشبه في قصوره وعجزه وجمود تفكيره ويبتعد عن من يختلفون عنه، بل ويبحث لهم عن أي قصور أو أخطاء . إذن هي حياة مع إيقاف التنفيذ حياة بلا روح بلا معني فهي أشبه بالموت. هذه العقلية لا إصلاح لها ولا فائدة منها إلا إذا أرادت هي التغيير بنفسها والتخلص من تلك العقلية السلبية، ويقر بأنه المسؤول الأول عن حالته وعن حياته وعن قراراته، فهو قائد لحياته وليس لعبة بأيدي الآخرين أو نتيجة لأي ظروف مر بها مهما كانت المعاناة ومهما كانت قسوة الحياة ،ومهما مر بتجارب فاشلة فلابد من الاستفادة منها ولا تتجمد الحياة عند محاولات الفشل ولو كان هذا صحيحا لكانت البشرية بأكلها مازالت تعيش في ظلام حالك لولا محاولات العالم (أديسون) الذي وصف بأنه أغبي طفل في العالم ولم يقل أنني فشلت آلاف المرات بل بعد آلاف المحاولات من التجارب أخترعت المصباح ، فنحن لانبغي المثاليةولكن نسعي للوصول لأفضل نسخة لنا ، فالنجاح لا يأتي إلا بعد عديد من التجارب والمحاولات الفاشلة ، فالطفل يخطو أول خطواته بعد عدة محاولات من الفشل وفي كل محاولة يكتسب شيئا جديدا ، المهم أن يكون لديك الإصرار والرغبة في تحقيق الهدف والاستفادة من كل المحاولات ولا تقف لتبكي علي اللبن المسكوب وتبحث بعقلية الضحية عن السبب في فشلك . فلتتحرر من تلك العقلية المدمرة العقيمة حتي تري الواقع أكثر وضوحا ، ولتكن بدايه الوعي بذاتك ،ومن هنا تكون بداية النجاح ، وبداية لحياة جديدة.