ماجدة موريس تكتب: أم كلثوم والزمن الضائع
ذهبت الي فيلم (الست) وفي ذهني كل الافلام التي رأيتها عنها ،والمسلسل ، وجيش الفيسبوك الرافض ، ومع ذلك كله استطاع الفيلم ان يدفعني الي التفاعل معه ،والاهتمام به برغم الاسئلة التي نبعت أثناء المشاهدة ، فحين يؤكد العمل الفني علي إهمية الإبداع من خلال جهد وبراعة صناعه ،وحين يستحوذ عليك كمشاهد برغم ملاحظاتك فلا بد من تقديره ، خاصة حين يطرح علينا زوايا مختلفة عما نعرفه عن ام كلثوم ،ويعيد تقديم قصص نعرفها جيدا ،ولكن بصورة مختلفة وتقنيات جديدة تعيد الينا هذه السيرة الخالدة لصاحبة الصوت الساحر والحضور المضيء في تاريخنا ، ومن المدهش ان الكثيرين ممن هاجموا الفيلم في البداية كانت حجتهم ان بطلته مني ذكي لا تشبه ام كلثوم ،وهو نفس الهجوم الذي طال صابرين عندما قامت بدور أم كلثوم في المسلسل ،ولكن الشبه الشخصي ليس هو الأساس في الأداء ،فهناك الاجادة والاجتهاد والنفاذ الي روح الشخصية هو ما قدمته صابرين بقيادة المخرجة إنعام محمد علي ،وما قدمته مني ذكي بقيادة المخرج مروان حامد ،وبدون قيادة واعية وحكيمة يفقد العمل الفني الكثير جدا من قيمته ،وتفقد الشخصية المحورية الكثير ،وهنا نكتشف المزيد من موهبة مني ذكي وتإلقها منذ بداية الفيلم وذهابها للقاهرة مع أبيها ،وغنائها للتواشيح ثم بداية اكتشافها لعالم جديد مختلف كثيرا عن عالم قريتها التابعة لمركز السنبلاوين في محافظة الدقهلية ، عالمان عبر عنهما الفيلم ببراعة لتبدإ رحلة صعود البطلة بالغناء في الحفلات الخاصة بعد الغناء في الموالد بالقري.،والفرق الكبير في كل شيء ،من الملبس الي الاجر ،وبدايات التفاعل مع المدينة وكبارها ،قبل القفزة الكبري في حياة ام كلثوم قبل ان تصبح الست .
رحلة الصعود الصعبة
برغم إنه فيلم من افلام السيرة الذاتية،إلا إنه يتجاوز البناء التقليدي لهذه النوعية من الأعمال ليدخلنا منذ اللحظة الاولي ،وقبل العناوين ،فيما حدث في نهاية عام ١٩٦٧حين ذهبت الست للغناء في باريس دعما للمجهود الحربي ،وما حدث لها علي مسرح قاعة الأولمبيا من تشجيع جنوني وقفز شاب عربي ليقبل قدميها فسقطت علي المسرح لتبدإ التيترات،وبعدها يبدأ الفيلم بالبداية لها كطفلة في قرية (طماي الزهايرة) قبل ان يعود في نهايته الي نفس المشهد ،(السقوط علي المسرح) ليكتمل بنهوضها ،وغنائها، وإبداعها وسط تصفيق جنوني وحفاوة استثنائية ،وبعدها، انقذت الشاب المعجب من البوليس الذي احضره مدير المسرح ،وبين البداية والنهاية إختار كاتب الفيلم احمد مراد ،ومخرجه مروان حامد ،إجزاء من حياة ام كلثوم لتكون شاهدة عليها ،ومعبرة عنها ولم يقدما كل ما عرفناه عنها ،وايضا ،اختارا بعض من كانوا جزئا هاما من مسيرتها الفنية الطويلة ولم يختاروا الكل ، وبالطبع فإن الفن هو عملية اختيار من البداية وحتي كلمة النهاية ، خاصة حين يتعلق الأمر بقصة حياة علي هذه الدرجة من التنوع والثراء ،وأسطورة من أساطير الغناء في العالم لعشرات السنين ،فهل استطاع صناع الفيلم تقديم رؤية منصفة لام كلثوم ؟ ولماذا اختاروا اوقاتاً من حياتها ،،وأضاعوا اوقاتاً اخري ؟
القاهرة ،،والقرار
اقرأ أيضاً
ارتفاع نسبة الترمل بين النساء في فرنسا.. تحديات اقتصادية واجتماعية تضرب بشدة بعد الستين
رد ناري من والدة منى زكي بعد الهجوم على ابنتها
ماجدة موريس تكتب: ولنا في الخيال حب
أفكار مبتكرة لتنسيق السترات الصوفية بأسلوب أنيق ومميز
ماجدة موريس: الجونة وعالم من محبة الفن من (عيد ميلاد سعيد) الي (الشيطان يدخن)
دراسة تكشف: الإيبوبروفين قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان
بحكم محكمة.. إعدام قاتلة زوجها وأطفاله الستة في المنيا
المرأة وحكايات الخرافات حول العالم.. رموز تعكس القوة والإيمان الشعبي
ماجدة موريس تكتب: في انتظار باسم يوسف
المسرح المصري يحتفل بذكرى أكتوبر بعرضين مسرحيين في يوم واحد
ماجدة موريس تكتب: سينما من أجل الإنسانيةقرار قضائي عاجل بشأن محاكمة المتهمة بقتل زوجها وأطفالها الستة بقرية دلجا
برغم معرفتنا بطفولة ام كلثوم من خلال المسلسل الشهير ،إلا ان الفيلم ينجح في تقديم هذه البداية من خلال الصورة والمناخ القاتم لعائلة ريفية فقيرة يتقدمها الاب (سيد رجب )ومعه الابن (احمد خالد صالح )،والابنة الطفلة التي تسير معهما طويلا لتنشد في الموالد والمناسبات بعد ان اكتشفوا جمال وقوة صوتها ، وبعدها تإتي المغامرة الكبري الاولي في حياتها حين يتلقي الاب دعوة للذهاب للقاهرة والإنشاد في حفل رجل مهم ،وليحدث التحول التاريخيّ لها حين تكتشف (العالم الآخر ) بكل ما فيه من بشر وسلوك ،ونقود ،وبرغم ما نالها من صفاقة بعض ضيوف الحفل وبينهم من رفع مسدسه مهددا الاب ليوقف الدق علي الدف ، وبرغم ذلك الوجه ألقاتم للحفلة الاولي،فإن العائلة عرفت الوجه الآخر للقاهرة في حفل ثان بعدها حين تخلصت ام كلثوم من زيها الفلاحي ،بفضل أمرأة صاحب الحفل (بإداء إمينة خليل )التي صنعت معها جميلا لا ينسي في تغيير ملبسها وهيئتها ،لتبهر المدعوين للحفل بصوتها ،ولتصبح صاحبة قرار بعدها ،ترفض العودة مع ابيها للقرية ، وتقرر الحياة في مصر ،،ام الدنيا . هذا الجزء المهم الذي قدمه الفيلم كبداية لحياة ام كلثوم كان مقدمة لفهم الكثير عنها ،عن قوة شخصيتها منذ بدايتها،،وعن تمسكها بالفرص التي جاءتها مبكرا ،ومع ذلك ،فلم يتوقف الفيلم عند اجزاء مهمة اخري في مسيرتها مثل تطور علاقتها بالفن من الغناء الي العمل بالسينما ،وبطولتها لمجموعة افلام ساهمت كثيرا في دعم صورتها ، وايضا اختار الفيلم من رفاق رحلتها الفنية الشاعر احمد رامي ، والملحن محمد القصبجي فقط ولم يقدم زكريا احمد ورياض السنباطي وهما من اهم المبدعين في مسيرتهامن البداية والذين قدما الكثير لها وللفرقة،ولم يقدم الأخرين ايضا من اعضاء فرقتها مثل محمد عبده صالح واحمد الحفناوي ،او فاروق سلامة وسمير سرور وحسن انور،وغير هؤلاء الكبار ،لم يتعرض الفيلم لعلاقة ام كلثوم بعبد الوهاب ،وبليغ حمدي وقبلهما محمد الموجي ، وكلهم ساهموا كثيرا في تإلق مسيرتها ، وبرغم ان العمل الفني كما ذكرت هو اختيارات لكاتبه ومخرجه ،إلا ان المشكلة هنا اننا كمتابعين لام كلثوم ولكل ما قدمته لن ننسي هؤلاء الكبار ووجودهم معها غالبا ونحن نشاهد ، ولان ما اختاره صناع الفيلم من فترات حياتها لم يتوازن مع ما لم يختاروه ، وكإنهم يقدمون لنا فقرات سريعة من هذه الرحلة ،وهو ما نراه في علاقتها برامي ،وبالقصبجي ،وبزواج لم يتم من محمود الشريف ،وبفوزها في انتخابات نقابة الموسيقيين لتصبح اول نقيبة في هذا المنصب بعد منافسة مع عبد الوهاب ،وايضاً صعودها الاجتماعي الذي لم يكتمل حين هام بها البرنس شريف صبري (بإداء كريم عبد العزيز ) في قصة لم تكتمل لانه من العائله الملكية ، وفي الجزء الثاني ،يذهب بنا الفيلم الي علاقتها بالوطن ،والي تفاصيل ما بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ولكنه لا يقدم لنا علاقتها بالرئيس عبد الناصر كما عرفناها وقرأناعنها ،بل يقدمه كشخصيّة بلا شخصية (بإداء باهت من عمرو سعد ) وبسرعة تتوالي احداث ما بعد النكسة ،وبداية حملاتها لدعم المجهود الحربي في مصر وصولا لرحلاتها الي الخارج ،ورحلة باريس التي بدأ بها الفيلم ،ولنعود معه الي البداية ،ولكن مع تفاصيل صغيرة ،مهمة ،قبل ان نصل الي كلمة النهاية مع وداع الشعب لام كلثوم مع رحيلها وداع أسطوري،تلك اللقطات الوثائقية التي لا تنسي لملايين المصريين وهم يودعونها .فيلم مهم برغم كل الملاحظات ،،فيه جهد ملحوظ في الاخراج والتصوير والمونتاج والتمثيل في الجزء الاول اكثر ،وصوت عال للموسيقي .










