هالة فهمي تكتب: على المتضرر اللجوء للقضاء 2!


نعود لما بدأنا به فقد تحدثنا عن فصائل تعيش بيننا من الكتاب أو المستكتبين وقلنا كيف أنهم تسببوا فيما آل إليه حال المبدع في الوطن العربي جيل بعد جيل .. وكيف تسببوا في فقره وعوزه وقهره .. بحقدهم وميلهم للشللية التي نادرا ماتكون محمودة العواقب .. أو بسلبيتهم التي تدمر أكثر من تدمير الحاقد أو الفاشل .
اليوم نتحدث عن بعض أحد أسلحة أووسائل من أفسدوا في الأرض وهم يظنون أنهم من المصلحين .. وهنا سأبدأ بسؤال :
هل الهجاء طبيعة عربية؟
كان هذا أحد الأسئلة التي جاوبت عليها في كتابي دراسات في الشعر العربي تناولت فيه ظاهرة الهجاء في الشعر .. خاصة هجاء الشاعر لزوجته وقد أخترت الموضوع لطرافته وندرته . ورغم أن الهجاء موجود في الأدب الإنجليزي.. إلا أن للهجاء العربي مذاقه الخاص ! فالهجاء نوع أدبي يهدف إلى النقد أو السخرية من الأفراد أو المجتمعات أو الأفكار .. غالبًا باستخدام أدوات الفكاهة أو التهكم و المبالغة.
ففي الأدب الإنجليزي مثلا هناك العديد من الأمثلة على الهجاء الساخر .. "رحلات جوليفر" لجوناثان سويفت .. ويعتبر هذا العمل واحدًا من أشهر الأمثلة على الهجاء في الأدب الإنجليزي حيث يسخر سويفت من السياسة والمجتمع في عصره .. أيضا هناك "حكاية حوض" وهو عمل آخر لسويفت يهجو فيه الدين والكنيسة.
كذلك "كانديد" لفولتير الكاتب الفرنسي الأشهر .
ولا نغفل كتاب "1984" لجورج أورويل .. والذي يحتوي على عناصر هجائية قوية تجاه الشمولية والرقابة .. أيضا مؤلفه "مزرعة الحيوان" عمل هجائي ينتقد الثورة الروسية والشمولية باستخدام رموز حيوانية.. ولدينا في الأدب العربي كليلة ودمنة أعتمد الحيوانات الناطقة وسيلة لبث أفكار ونقد أوضاع .
لكن الحقيقة أننا العرب تفوقنا في فنون الهجاء ربما لا أقصد الهجاء المجتمعي أو السياسي .
ما سوف أكتب عنه اليوم كيف يهجوك المسئول باستخدام أقلام نذرت نفسها للبيع فمن يدفع ينال كحال شعراء العرب قديما وقد أستخدم الهجاء كأسلحة في الحروب .. بل بسببه قامت الحروب .
ماعلاقة ما قلته الأن بمقالي السابق أو بالجزء السابق منه !!
العلاقة وثيقة جدا .. فبعض المثقفين عندما يعتلي المنصب الذي يشتاق إليه ويعتبره قضية حياة أو موت يدافع عن هذا المنصب بكل ما أوتي من أسلحة شريفة وغير شريفة وكلما أنحط المستوى الأخلاقي والفكري والإبداعي كلما كان سلاح الهجاء البذيئ هو أهم وأقوى أسلحته وهذا ما يدفع أحدهم ولا نلصق التهمة بشخص بعينه إنما نعطي مثالا وعلى رأي الفنانة شريهان في فوازير رمضان ( قالك ايه قالك آه .. قالك مثلا مثلا ) فمثلا لو تولى أحدهم هذا المنصب بعد صبر وكفاح لسنوات طوال ليناله ليس عن جدارة ولكن لأنه لا يملك غيره هدفا.. فبدأ مشواره بسياسة فرق تسد .. ثم جمع قلة من الصغار في كل شيئ حوله ليبدو قويا .. كبيرا .. ثم دفع ببعضهم للهجوم على أعدائه بأقذع الألفاظ واحطها
فهل هذا يقدم لنا ما قدمه فولتير أو جورج أورويل .. أو جوناثان سويفت والذين تركوا خلفهم مؤلفات مازلنا نذكرها .. وإن كانت في الهجاء إلا أنهم يمتلكون الهدف النبيل خلف واجهة السخرية والمبالغة .
أحدهم هذا الذي نقصده كمثال حتى لم يرق للحطيئة تاركا قصائد رائعة في الشعر العربي .. بل أنحط بلغته وأسلوبه تاركا في ذاكرة المبدعين حدوتة (الست أم ترتر) الجميع يعرف أنها لصة وأنها بذيئة ويخشونها لهذا السبب ويكتفون بالابتعاد عنها والحديث خلف ظهرها في ظاهرة غريبة وكأن لسان حالهم يقول وأنا مالي .. والحقيقة أن هذه النماذج تضر بالمجموعة التي تنتمي إليها فهو حين يهجو أو يسلط من يهجو يخرب دون وعي كمسئول في مجتمعه .
وهذه الجريمة لا تنسحب على الأفراد فقط لأن الهجاء ليس ظاهرة فردية .. بل دولية أيضا فأكم من حكام حاولوا تقطيعنا وتجزيرنا من منطق هذا سوداني وهذا مصري وهذا عراقي .. في محاولة لتفريق الشعوب.. ورغم فشلهم إلا أنهم تركوا بذور الفتنة .. تركونا لا نشعر أننا شعب واحد ينطق لغة واحدة .
فهل نستطيع أن نقاوم هذا ؟!
أم علينا اللجوء للقضاء .