الخميس 17 يوليو 2025 08:47 مـ 21 محرّم 1447هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
فنون وثقافة

مروة نايل تكتب: من القرداتي للسوشيلاتي.. رحلة البحث عن الشهرة والمال

مروة نايل
مروة نايل

في الزمن الجميل، كان هناك مهنة قديمة في مصر تُسمى "القرداتي". كان القرداتي يتجول في شوارع المدينة، يرافقه قرد صغير يتقن بعض الحركات البهلوانية التي تشبه إلى حد بعيد حركات البعض على السوشيال ميديا اليوم، و(الليل الليل يا ميمون). الفرق الوحيد أن القرد كان على الأقل يقدم شيئًا من الفكاهة، أما اليوم، فالأمر أصبح محصورًا في عرض غريب يشد الانتباه مع رفع شعار "كتر يا رب من اللايك والشير"، على حساب أي قيمة أو ذوق.

كان القرداتي في يوم من الأيام نجم الشوارع، يحمل آلة موسيقية كالدُّف أو الناي، ويلوح بقرد صغير يُدهش المارة بحركاته، بينما يتنقل بين الأرصفة، متأملاً في عيون الناس الذين كانوا يشاهدون العرض بفضول وعشق. كان هدفه الوحيد جمع القروش القليلة بعد أن يُسلي قلبًا تعب من روتين الحياة. ورغم بساطته، كانت عروضه تبث أجواء التسلية البريئة في شوارع لم تكن تعرف إلا التفاؤل.

لكن، يا للأسف، الزمن تغيّر. أصبح القرداتي في عصرنا "سوشيلاتي". نعم، ليس "مغنيًا"، ولا "ممثلًا"، بل "سوشيلاتي"! هؤلاء الذين يزدهرون في عالم السوشيال ميديا ليس بموهبة حقيقية، بل بمحاولات مستميتة في لفت الأنظار عبر أي طريقة كانت. مثل "رقصة" في الفيديو، أو "تحدي" غريب، أو حتى استفزاز الناس بمحتوى خليع لا علاقة له لا بالأدب ولا بالقيم. المهم هو أن يحصلوا على مشاهدات، والهدف البعيد هو أن تتحول تلك المشاهدات إلى "فلوس" عبر إعلانات وشركات تبحث عن أسرع الطرق للوصول إلى جمهورها.

بينما كان القرداتي يحيي شعبيته بعروض صادقة وتلقائية، أصبحت العروض الآن تُقدّم بنية الخداع والتلاعب بالمشاعر، بل واللعب على غرائز الجمهور. ففي الماضي، كان الناس يضحكون من قلبهم، أما اليوم، فيضحك البعض منهم من "الغرابة"، ويبكي البعض من "البشاعة"، في حين يتسابق الآخرون لمشاهدة مقاطع تتنوع بين الغريب والمريب والخادش للحياء. والنتيجة؟ مزيد من "اللايكات"، تحصد المزيد من الشهرة والمال.

سيداتي، آنساتي، سادتي، أو "هاي جايز"، نحن الآن في زمن الترند، والترند في اللغة تعني النزعة، الموضة، أو "التقليعة"، وهو أي شيء ملفت للنظر، غير مألوف أو "شاذ".
هل الشذوذ أصبح معيارًا للنجاح والجمود والسيطرة؟
معادلة من أبشع ما يكون، نرى إفرازها يهاجم بيوتنا إلا من رحم ربي.
ماذا ننتظر من جيل قدوته وأيقونته تافهة، يأتي بكل غريب لفت أنظار أكبر عدد من الجمهور، واللايك عنده أغلى من حياته؟
جيل شعاره: "أنا محدش يتوقعني".

أظنكم الآن علمتم سبب انهيار القيم. فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، عادة يتفاخر الرجال بالشهامة، لكن نرى سوشيلاتي تافهًا يعزز الندالة ويتفاخر بها وبذكائه، فهو في راحة لأنه تخلى و"هوب هوب" ينتشر المفهوم الجديد للرجولة، فنجد مثلاً من يتخلى عن زوجته وأولاده ويفتخر.

كما تتفاخر النساء بطاعة أزواجهن، وفجأة تطل علينا واحدة تقول: "المرأة غير ملزمة"، و"لا تعملي لجوزك بلوك بلوك بلوك".
مع ظهور مسوخ تتمثل في الاندبندنت وومن "وهي أصلاً كـ وومن ما تنفعش اندبندنت"، فخرجت من عباءتها بمسوخ جديدة منها السينجل ماذر (كانوا بيطخوها زمان عيارين لأنها جابت العار للعيلة) والاندبندنت العيّوطة.
ولا ننسى مخرب المجتمع الأول، بطل مزابل العلاقات، ونجم شباك السفاهة "الراجل المنسون".

السوشيلاتي لا يحتاج إلى قرد صغير، بل يمكنه الاستعانة بأي شيء: قميص مفتوح، حركة غريبة، فضيحة، تصرفات غير لائقة، أو حتى مبدأ في ظاهره الراحة وفي باطنه خراب البيوت وانهيار العلاقات. المهم أن تخرج أمام الكاميرا وتتصرف وكأنك نجم حفل عشاء في منتجع فاخر، ولكنك في الحقيقة جالس في غرفة مظلمة على سريرك.

لكن لا تحزنوا، فالتاريخ يعيد نفسه. ربما سيأتي يوم تذكر فيه الأجيال القادمة "الزمن الذي كان فيه السوشيلاتي يرقص على TikTok"، تمامًا كما يذكرنا اليوم بجنابي القرداتي وساحاته الشعبية. مع الفارق الأكبر أن جنابي القرداتي احتفظ بكرامته، ولكن التدني الأخلاقي استشرى في "السوشيلاتية" إلى أن أصبحت الفكرة واحدة: كيف يبيعون أنفسهم من أجل الشهرة، حتى ولو كان الثمن كرامتهم. والفلوس بتداوي العيوب.

لذلك، إذا كنت تريد أن تكون "سوشيلاتي" اليوم، تذكر فقط أن "الشهرة" تأتي بطرق قديمة، لكن الهوس بها قد يدمرك كما فعل مع القرداتي الذي نسى أن يُقدّر قيمة التسلية الحقيقية، ليكتشف أنه قد تحوّل إلى مجرد "عرض متكرر" بلا هدف.

نصيحة أخيرة لكل "سوشيلاتي" في العصر الحالي: استمتع بالمشهد، ولكن لا تظن أنك ستكون أكثر من مجرد "عرض قرداتي" في عصر السوشيال ميديا.

مروة نايل القرداتي السوشيلاتي
#
#

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 08:47 مـ
21 محرّم 1447 هـ 17 يوليو 2025 م
مصر
الفجر 03:23
الشروق 05:05
الظهر 12:01
العصر 15:38
المغرب 18:57
العشاء 20:28