مروة نايل تكتب: مينتلتي الهبدلتي ...!


يقال إن الإنسان لا يُقاس بطوله أو وزنه، أو حتى رصيده البنكي، بل يُقاس بعقليته، تلك البوصلة الداخلية التي تحدد كيف يفكر، وكيف يرى العالم، وكيف يتفاعل معه.
mentality أو "العقلية"، هي كلمة أنيقة توحي بالوعي والانضباط والبعد الاستراتيجي، هي السبب في أن فلان بنى شركة عالمية من حبوب القهوة أو الآيس كريم، وعلان كتب كتابًا ألهم نصف الكوكب.
باختصار، العقلية هي السر، هي التي تصنع النجاح، أو تدخلك في حيط وأنت تضحك، لكن ليس الجميع يمتلك منتيلتي راقية، بعضنا وربما كثير منا يعيش في ظل مدرسة فكرية جديدة، نادرة غريبة، وقد تكون مرعبة في بعض الأحيان، اسمها مينتلتي الهبدلتي، ومينتلتي الهبدلتي، حسب قاموس الأسطى الياس أبو فانوس حلاق الناحية، تعني "عقلية الهبد"، والذي دائمًا ما كان يتباهى بإجادته جميع اللغات الحية والميتة واللي بتفرفر، وهذا ما كانت تؤكد عليه دائرة المعارف أم فانوس الدلالة، حرمه المصون، أثناء صولاتها وجولاتها في أسواق وبيوت وتخوم وشقوق القرية.
اقرأ أيضاً
مروة نايل تكتب: عيلة مزنوق حين تحوّل مرزوق إلى مزنوق!
مروة نايل تكتب: بورصة الهبد..!
مروة نايل تكتب: نجوم من بيض.. النشوء والارتقاء للكائن الرقمي
الجوزاء | حركة غير متوقعة تفتح لك طريق النجاح
نجوى كرم تتألق بحفل غنائي استثنائي في قبرص وسط أصداء النجاح الكبير
برج الحمل: تنظيم هو مفتاح النجاح
برج الثور: الهدوء طريق النجاح
برج الجدي: المحاولة مفتاح النجاح
برج الثور: خطوات واثقة نحو النجاح
برج القوس: العقل يقود النجاح
برج الجدي: ابنِ جسور النجاح
برج الحمل: شغفك يقودك نحو النجاح
وهذه الإجادة ليست لأنه كان الحلاق الخصوصي لقادة قوات الحلفاء والمحور، والفرس والروم، وداحس والغبراء، ولكن لأنه كان صبي الأسطى بنايوتي الأخرس، الحلاق اليوناني، الذي قام بقطع لسانه وهو يحلق شاربه فترة المراهقة، أثناء تدريب نفسه على الحلاقة.
وبعيدًا عن كل هذا الهبد الذي سبق، يمكننا تعريف "مينتلتي الهبدلتي"، بأنها مدرسة فلسفية، تعتمد على أربعة أعمدة رئيسية: الأول، احكي أي شيء بثقة، ولا جراح بريطاني اسم الله،الثاني، لا تتأكد من أي معلومة، فقط قلها بصوت عالي، كأنك تنادي على جهاد بصوت سلامة، واترك قطز وبيبرس يبحثان عن المعلومة مش جهاد ، اربط كل شيء بكل شيء حتى ولو مفيش أي شيء، وهذا ما يعرف في علم الهبدلتي بنظرية "التشيؤ"، وهو الترجمة الحرفية العصرية الروشة لفعل "التقيؤ"، حسب قاموس الأسطى الياس أبو فانوس الحلاق، عندما كان يتطفل بطفاسة على وليمة، حتى يهبر ويغمر على راحته، بعدما يفر المعازيم من أمامه، كفرارهم من المجذوم، وذلك بعد إطلاقهم وابلًا من البصقات عليه.
العمود الرابع والأخير هو المنطق، فعليك اتباع منهج مرسي الزناتي، باب الراجل اللي محطش منطق.
أصحاب المنتليتي الهبدلتي لا يبحثون ولا يؤمنون بالمصادر، فهم يرون أنفسهم مثل الشعوب في الدساتير، المصدر الأول للهمساتي واللمساتي والآهاتي والهبد الرهيبي، يعبرون عن ذلك بمقطع على تيك توك فيه خط درامي ونبرة حماس،هؤلاء لا يخططون للمستقبل، ولا يخطط المستقبل لهم، بل هم الماضي والحاضر والمستقبل، وبابا وماما وأنور وجدي،قراراتهم اللوذعية مبنية على إشاعة قالها لهم سائق تاكسي، حتى "يغفلهم" عن الفصال أو الاعتراض على ثمن التوصيلة، أو حلم ليلة صيف انفجر فجأة داخل أمعائهم الغليظة ، بعد عشاء ثقيل كبس على مرواحهم ،ليقرر الواحد منهم ترك كل شيء ويتخصص في الذكاء الاصطناعي الحيواني، وهو لا عنده فكرة عن الذكاء أصلًا، ولم يملك في يوم من الأيام لا قطة ولا سلحفاة ولا حتى سمكة، ولكنه لديه إيمان يفوق جميع الأيمانات ، من أول إيمان سركسيان حتى إيمان البحر درويش، بأنه عبقري، ولديه منجم أفكار لا يستطيع تطبيقها الآن، لأن العالم ليس جاهزًا له بعد، لأنه سابق عصره بخمسين سنة تقريبًا، لدرجة إن عصره نفسه ما عاد يتحمله.
حين تحاول تصحيح معلومة له، أو تقدم وجهة نظر منطقية، يرد عليك بجملة خالدة: أنا لا أمشي بالعقل، أمشي بإلهام، ليتركك تغوص في عقل عبدالسميع بيه البواب، بعد ماقربع المنقوع كله ، لتجيب عن سؤاله الوجودي وهو يغني للست إلهام هانم، يوم الخميس كان بكره، يبقى النهارده إيه؟ وهنا تتأكد أنك في حضرة عقلية لا تحتاج إلى أدلة، بل إلى واسطة كبيرة، لتوفير سرير له في عنبر الخطيرين.
ربما يمكن علاج المنتليتي الهبدلتي، ولكن بشرط واحد: أن يعترف أن القابع داخل جدران جمجمته ليس بعقل، ولا حتى كيس قطن، وهذا من المستحيلات، لأنه يراك أنت الغريب وأنت الضائع وأنت الذي لا يفهم شيئًا، فهو لا يرى نفسه عبقريًا فحسب، بل يرى نفسه المنقذ، حامل الشعلة، المتحرر من قيود المنطق الجاف، مفكر استراتيجي تحرري من قوالب التفكير الغربي المنهجي التقليدي،وهكذا يعيش في عالمه الخاص، حيث الهبد يحكم، والحقائق تبلها وتشرب ميتها.
وفي النهاية، يبقى السؤال هل نحن أمام وباء عقلي جديد، أم أننا فقط نعيش في عصر الصوت العالي أكثر من عصر الفكرة العميقة، هل نحن أمام موجة عابرة ،أم أننا بالفعل دخلنا في حقبة جديدة اسمها عصر الهبد الاستراتيجي!
مرحبًا بكم يا أصحاب العقول الثقيلة والخفيفة والمعلقة في نصف الطريق، فأنتم مدعوون للغوص في عالم العقلية، وليس كأي عقلية، إنها التحفة المعمارية، الجوهرة الغامضة مينتلتي الهبدلتي.