رحيل الدبلوماسية المغربية حليمة الورزازي، سيدة الظل التي أنارت دهاليز الأمم المتحدة


لم تكن حليمة الورزازي يوما من الباحثين عن الأضواء أو المتهافتين على المراتب الأمامية، رغم أنها امتلكت من المؤهلات ما كان كفيلا بأن يجعلها في صدارة الدبلوماسية الدولية، اختارت لنفسها أن تكون في الهامش، في أقصى يمين أو يسار الصور الجماعية، حيث تفضل أن تنثر الألفة على أن تجذب الأضواء، لم تكن تحب الاستعراض، وتمقت التفاخر بالمنجزات، ورغم ذلك، فقد كانت البسمة لا تفارق وجهها، بعفويتها وذكائها الاجتماعي، وحضورها الدافئ الذي يخترق برودة البروتوكول.
ولدت حليمة الورزازي في 17 أبريل 1933 بمدينة الدار البيضاء من أم فرنسية وأب مغربي ينحدر من تطوان، عاشت طفولة صعبة بعد انفصال والديها، ولم تتعرف على والدها إلا في كبرها، ورغم هذه البدايات المتعثرة، شقت طريقها بثبات نحو المحافل الدولية، فكانت أول مغربية تقتحم عالم الدبلوماسية وحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وأول امرأة في شمال إفريقيا والعالم العربي تتقلد مناصب عليا داخل أروقة المنظمة الدولية منذ عام 1959.
أتقنت أربع لغات (العربية، الفرنسية، الإسبانية، والإنجليزية)، وخاضت غمار أول انتخابات تشريعية مغربية سنة 1963، رافعة برنامجا انتخابيا حقوقيا طموحا ومدافعا بشدة عن قضايا النساء.
تميزت مسيرتها داخل الأمم المتحدة بخدمات جليلة استمرت لعقود، اشتبكت خلالها مع قضايا معقدة، وعملت إلى جانب كبار خبراء حقوق الإنسان في العالم، في سبتمبر 1966، حققت في سن الثالثة والثلاثين إنجازا غير مسبوق حين انتخبت رئيسة للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لتقود معركة دبلوماسية مريرة انتهت بانتصار تاريخي، إذ تم اعتماد العهدين الدوليين لحقوق الإنسان يوم 16 دجنبر 1966، إلى جانب الإعلان العالمي، في لحظة ستظل موثقة في أرشيف المنظمة الأممية، وقد ألقى فيها الأمين العام يو ثانت بنفسه كلمة تقدير بحقها.
حليمة الورزازي كانت صوت المغرب الهادئ في دهاليز الأمم المتحدة، ترافع بصمت رزين من أجل قضايا العالم الثالث، والدول النامية، وبشكل خاص من أجل قضية الوحدة الترابية المغربية، ونسجت عبر شبكتها الدبلوماسية، خصوصا مع دول أمريكا اللاتينية، علاقات وازنة خدمت بها المواقف المغربية، بأسلوب ناعم وفاعلية بارزة.
شغلت مناصب عديدة منها مديرة المنظمات الدولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ورئيسة مجموعة العمل الأممية حول الممارسات التقليدية الضارة، وعضوة في اللجنة الأممية لمناهضة التمييز العنصري، ورئيسة لمجموعة العمل حول الأشكال الجديدة للعنصرية سنة 1992، ثم نائبة رئيس اللجنة الفرعية في 1997، كما حضرت مؤتمري طهران 1968 وفيينا 1993 حول حقوق الإنسان، وكانت من أبرز الأصوات الحاضرة فيهما، في كل مرة صعدت منصة الأمم المتحدة، كانت تفعل ذلك بقفطان مغربي أنيق، ورسالة قوية، اعتزازها بهويتها الثقافية، وإصرارها على تمثيل المغرب بكرامة وجمال.
أرشيفها في الأمم المتحدة، بحسب مكتبتها الرقمية، يضم 554 وثيقة ومنشورا، 490 توصية وقرارا، 115 خطابا، و19 تقريرا، وهي أرقام شاهدة على حيوية عطائها ووزنها في تاريخ المنظمة.
رحلت حليمة الورزازي في هدوء يشبه حضورها، رحلت أيقونة الدبلوماسية المغربية، وسيدة القفطان في دهاليز السياسة الدولية، تاركة إرثا من العمل المتفاني، والدفاع النبيل عن العدالة والكرامة الإنسانية.
رحم الله حليمة الورزازي، المناضلة الصامتة التي علّمت العالم كيف يكون الدبلوماسي صادقا، وكيف يكون الحضور الهادئ أكثر وقعا من الضجيج.
[6:14 PM, 5/15/2025] Mohamed Elghity: رئيس حزب حركة الإصلاح ببلجيكا يدعو للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء
أعلن جورج لويس بوشيز، رئيس حركة الإصلاح (MR)، الحزب الليبرالي الأكبر في بلجيكا، عن تقديمه مشروع قانون إلى مجلس النواب البلجيكي يدعو فيه الحكومة إلى الاعتراف الصريح بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وجاءت هذه المبادرة عقب زيارة قام بها بوشيز مؤخرا إلى المغرب، حيث أكد أن العلاقات الوثيقة بين الرباط وبروكسيل يجب أن تُترجم إلى مواقف سياسية واضحة، لا سيما في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية والطاقية المشتركة.
وقال بوشيز في تصريحه: "إن صداقتنا مع المغرب يجب أن تسمح لنا بالتحدث بصراحة عن هذه القضايا، ودعم خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب هو موقف ملموس يعكس عمق هذه العلاقة"، واعتبر أن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء يُعد "خطوة أساسية للمغرب، ومهمة أيضاً لعلاقاتنا الثنائية".
وتأتي هذه المبادرة في سياق الدعم المتزايد الذي تحظى به المبادرة المغربية للحكم الذاتي داخل القارة الأوروبية، حيث كانت بلدان مثل فرنسا وإسبانيا قد عبرت عن مواقف داعمة بشكل صريح للمقترح المغربي، وها هو رئيس حركة الإصلاح يسعى إلى أن تنضم بلجيكا رسمياً إلى هذا التوجه.
يُذكر أن الحكومة البلجيكية كانت قد اعتبرت، على لسان وزير خارجيتها برنارد كوينتين خلال زيارته للرباط في يناير الماضي، أن خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب تمثل "أساساً جيداً للغاية" لحل سياسي متوافق عليه.