الجمعة 7 فبراير 2025 07:11 صـ 8 شعبان 1446هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
بقلم آدم وحوا

عماد النشار يكتب: سناء البيسي.. بين الكلمات والألوان إبداع لا ينتهي

عماد النشار
عماد النشار

سناء البيسي ليست مجرد كاتبة؛ هي فنانة تمزج بين الكلمات والألوان، تأخذ الحروف فتمنحها أبعادًا جديدة، كما يأخذ الفنان الريشة ويحولها إلى لوحات حية. في قلمها، الكلمات ليست مجرد حروف مفصولة، بل تتناغم كأوركسترا موسيقية، حيث تنبض الجمل بالحياة وتتكلم بلسان الإبداع. في كل مقال، تتحول الأفكار إلى صور حية، وكأنها لوحات تروي قصصًا بصمت ولكن بكل شغف. كلماتها ليست سطورًا جامدة، بل جسور تخلق بين العقل والمشاعر، تأخذ القارئ في رحلة تأملية عميقة، حيث يلتقي الفن بالأدب في تناغم ساحر.

في قلب القاهرة، حيث تلتقي العراقة بالحداثة، وفي في الثالث من أغسطس عام 1937، وُلدت سناء حسين البيسي، في أسرة غنية بالثقافة والحب للفنون. كان والدها، حسين حسن البيسي، مديرًا للآثار العربية والإسلامية، ما جعلها تنشأ في بيئة متشبعة بتاريخ وحضارة الأمة. أما والدتها، دينا نور، فكانت ربة منزل تهتم بالقراءة والأدب، مما زاد من تغذية خيال ابنتها وروحها الفنية. وهكذا، نشأت سناء محاطة منذ نعومة أظافرها بالكلمات والكتب، فغرس والدها في قلبها شغف القراءة والكتابة، حتى قبل أن تدرك معانيها.

كانت سناء طفلة شغوفة بالقراءة، حتى إنها بدأت تُلمّ بحكايات الأدب العربي القديم قبل أن تبلغ العاشرة. لم تكن هناك حدود للأدب في عالمها، فكان والدها يُجلسها بجواره لقراءة الجريدة، على الرغم من أنها لم تفهم منها الكثير. لكن ذلك لم يمنعها من السعي وراء عالم الكلمات، حتى أصبحت الكتابة بالنسبة لها طريقًا للتعبير عن كل شعور وفكرة.

وفي مدرستها في العباسية، برعت سناء في اللغة العربية، حيث حصلت على العديد من الجوائز في مجال التعبير. كانت كلماتها تُرسم بحرفية وجمال، إذ كان قلمها يروي الحكايات بجمال ورشاقة، ويحول كل فكرة إلى نص ينبض بالحياة. كانت الرياضيات والهندسة تتسلل بعيدًا عن اهتمامها، بينما كانت اللغة العربية هي الوسيلة التي تعبر بها عن كل مشاعرها وأفكارها.

مع دخولها إلى الجامعة، كانت سناء قد حسمت قرارها بالالتحاق بكلية الآداب في جامعة القاهرة، حيث قررت أن تتبع شغفها الصحفي بدلاً من إتمام دراستها في كلية الحقوق. في عام 1953، بدأت رحلة جديدة تحت إشراف أساتذة كبار مثل الدكتور محمد مندور، الذين ساعدوها على تنمية مهاراتها وتوجيهها إلى عالم الصحافة.

لحظة فارقة في حياتها كانت عندما كانت طالبة في كلية الآداب، حيث حضر مصطفى أمين لإلقاء محاضرة على الطلبة. أُسند إليها كتابة خبر عن المحاضرة، وقد كتبت المقال بكلمات بسيطة لكنها مليئة بالصدق والبراءة: "حضر الأستاذ مصطفى أمين ليلقي علينا محاضرة لم أفهم معظمها لأنه كان ينفث كلماته بين أنفاس سيجارته التي غرسها بين شفتيه، فضاعت كلماته مع الدخان". ورغم أن هذه الكلمات قد تُغضب بعض الشخصيات العامة، اختارها مصطفى أمين لتكون جزءًا من فريقه الصحفي بسبب جرأتها وأصالتها. ومن هنا بدأت مسيرتها الصحفية.

لم يقتصر دور سناء البيسي على الصحافة فقط، بل امتد لتشمل الفنون التشكيلية. كانت رسامة ماهرة، وأسندت إليها "أخبار اليوم" مهمة رسم "موتيفات" الصفحة الأخيرة. كان لأسلوبها الفني الذي أضفته على الكتابة تأثير عميق في حياتها الشخصية والمهنية، كما كانت كلماتها تحمل بداخلها ذات الحس الجمالي الذي كانت ترسمه على لوحاتها. ففي عام 1963، التقت بالفنان التشكيلي منير كنعان، الذي كان من عشاق الفن. ورغم أنها كانت تبرز بمهارات الكتابة، كانت أيضًا مصدر إلهام لزوجها، الذي كان يرسمها بفرشاته، مما جعل حياتهما مليئة بالإبداع المشترك. رحل منير كنعان في عام 1999، لكنها قالت عن لوحاته: "لم أعد أسكن لوحاته، ولكن أصبحت لوحاته تسكنني".

في عام 1960، بدأت مرحلة جديدة في حياة سناء البيسي مع انضمامها إلى "الأهرام"، حيث التقت بأساتذة الصحافة مثل محمد حسنين هيكل الذين منحوا لها الثقة وفتحوا أمامها فرصًا كبيرة. في "الأهرام"، كانت سناء البيسي نقطة التحول الكبرى في مجال الصحافة النسائية، حيث تولت منصب رئيسة قسم المرأة، وعملت على إصدار مجلة "نصف الدنيا" في بداية التسعينيات، التي كانت أول مجلة نسائية تصدر عن مؤسسة الأهرام. نجاح المجلة كان غير مسبوق، حيث تجاوز توزيعها مئات الآلاف.

لكن بيئة العمل في "الأهرام" كانت تتطلب منها أكثر من مجرد إصدار مجلة. كان عليها أن تحمل عبء المسؤولية عن تطور الصحافة النسائية، ولذا خاضت معركة طويلة لتأسيس نفسها بين عمالقة الصحافة.

وقد حصلت سناء البيسي على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإبداعها الصحفي والفني. حصلت على جائزة مصطفى أمين عام 1992، وجائزة الإعلام من منظمة الصحة العالمية عام 2004، وجائزة الاستحقاق الكبرى من مؤسسة فاروق حسني للثقافة عام 2024. كما تم تكريمها بجائزة "إنجاز العمر" في مهرجان الأفضل عام 2024، وجائزة أفضل كاتبة صحفية من جمعية الكتاب والصحفيين في مصر. أيضًا، كانت أول من حصلت على جائزة الصحافة النسائية من مؤسسة الأهرام، تكريمًا لإسهاماتها الكبيرة في مجال الصحافة النسائية. كما تم تكريمها من قبل العديد من المؤسسات الثقافية والفنية في مصر والعالم العربي.

من خلال أعمالها القصصية مثل "هو وهي"، التي ألهمت المسلسل التلفزيوني، وكتاباتها الصحفية المتميزة، تركت سناء البيسي بصمة دائمة في ذاكرة الأدب والصحافة في مصر والعالم العربي. كما كتبت أيضًا العديد من المقالات الصحفية الأخرى التي أثرت في الفكر الثقافي والاجتماعي، التي عكست رؤيتها المميزة والمتفردة في هذا المجال. كما أسهمت في نشر العديد من التحقيقات الصحفية الهامة التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية معقدة.
من بين أعمالها الأدبية الأخرى التي لا يمكن تجاهلها: "دندنة"، "ست لكل العصور"، "مجموعة قصصية في الهواء الطلق"، "الكلام الساكت"، "مصر يا ولاد"، "أموت وأفهم"، "عالم اليقين"، و"الكلام المباح"،"سيرة الحبايب- 55 شخصية من قلب مصر"،" "الحرف الشريف " وفيه تتكلم عن كواكب الصحافة والثقافة من طه حسين والعقاد وفكرى أباظة وتوفيق الحكيم وهيكل ومصطفى وعلى أمين والتابعى وجمال حمدان وعبدالرحمن بدوى والشرقاوى وصلاح عب الصبور وسهير القلماوى ونعمات أحمد فؤاد ونجيب محفوظ وزكى نجيب محمود ورجاء النقاش وخيرى شلبى و أحمد بهاء الدين والطيب صالح وفتحى غانم.

لقد كانت أكثر من مجرد كاتبة صحفية أو فنانة تشكيلية؛ فقد كانت امرأة تمثل التوازن بين الحرف والريشة، بين الكلمات والألوان. سناء البيسي، بكل حروفها، بكل لوحاتها، وبكل لحظة من حياتها، أضاءت الطريق أمام الأجيال القادمة لترسخ مكانتها كأحد أبرز الأسماء في تاريخ الصحافة والفن المصري.

عماد النشار

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 07:11 صـ
8 شعبان 1446 هـ 07 فبراير 2025 م
مصر
الفجر 05:13
الشروق 06:41
الظهر 12:09
العصر 15:14
المغرب 17:37
العشاء 18:56