قصة مؤثرة.. مأساة هند بين زواج القاصرات ومعاناة الأمومة المسروقة


في حي المنتزه بالإسكندرية، كانت ملامح السعادة ترتسم على وجه هند عبد العزيز، الطالبة بمدرسة عبد الخالق حسونة الإعدادية، وهي تخرج من المدرسة حاملة بشائر تفوقها الدراسي.
لم يخطر ببالها أن تلك الفرحة ستكون لحظات عابرة قبل سقوطها في دوامة من الأحزان والمعاناة.
بعد إدراج اسمها ضمن قائمة المتفوقين، هرعت هند إلى منزلها لتزف لوالدها الخبر السعيد، وكلها أمل بتحقيق حلمها الأكبر بالتحاقها بكلية الطب، لكن الكلمات التي تفوه بها والدها صدمت أحلامها، قال لها: "جهزي نفسك للزواج.. جايلك عريس".
اقرأ أيضاً
شاب سوداني يتحرش بطالبة في الدقي.. التفاصيل الكاملة للتحقيقات والإجراءات الأمنية
مشروب الموز والسوداني.. وصفة لذيذة غنية بالفوائد والطاقة
السودان.. البرهان يعزز مجلس السيادة السوداني بتعيينات نسائية جديدة
أكواب الكوكيز الصحية.. طريقة مبتكرة لتحضير وجبة خفيفة مغذية
السودان على حافة الهاوية، تحذيرات من أزمة إنسانية تُعيقها وعود دولية ناقصة
إمام عاشور يحتفل بعيد ميلاد ابنته من موريتانيا... والأهلي يستعد لمعركة الهلال بدوري الأبطال
الترمس في عيد الفطر.. فوائده الصحية وآثاره الجانبية المحتملة
كحك العيد بالفول السوداني.. وصفة اقتصادية بطعم غني ومقرمش
تفاصيل تنفيذ جامعة بني سويف لندوات عن ”التنمر والتحرش والزواج المبكر” بقرية قمبش
رحيل المطربة السودانية آسيا مدنى
قرار قضائي عاجل بشأن السيدة السودانية قاتلة طفلتها في أكتوبر
بشري لربات البيوت.. أسواق اليوم الواحد فى الجيزة تطرح كيلو اللحوم بـ275 جنيهًا
كانت اللحظة بمثابة انهيار لكل ما تطمح إليه الطفلة ذات الخمسة عشر عامًا، فقد أخبرها والدها بأن العريس سوداني الجنسية، وقرر أن يتم الزواج عند بلوغها 16 عامًا، مع عزم على إرسالها للسعودية حيث سيقيم الزوج.
بداية الكابوس: زواج قاصر بلا إذن
هند لم تكن سوى واحدة من آلاف الفتيات اللواتي وقعن ضحية الزواج المبكر، وهي ظاهرة تمثل نحو 15% من إجمالي حالات الزواج في مصر، وفقاً لتقارير رسمية.
متجاوزًا القوانين المصرية التي تمنع زواج القاصرات دون سن الثامنة عشرة، سافر والد هند إلى السودان ليصبح وكيلًا لعقد زواج ابنته رغماً عنها ودون علمها.
في يوليو 2011، عاد والد هند من السودان برفقة زوجها الذي يكبرها بـ12 عامًا وقال لها: "سلمي على عريسك". انهارت الطفلة بالبكاء لكنها لم تجد مخرجًا.
وبعد أسابيع قليلة وجدت نفسها في مطار برج العرب تستعد للسفر إلى السعودية، حيث ستنطلق نحو ما اعتقد أهلها أنها حياة جديدة.
معاناة قاسية خلف الأبواب المغلقة
لم تكن الصدمة فقط في إجبارها على الزواج القسري، بل في ما عاشته بعد انتقالها للإقامة مع زوجها في المدينة المنورة بالسعودية.
سريعًا ما انقلب الفقيه المتدين الذي درّس الشريعة الإسلامية ليصبح زوجًا متطرفًا. كما أخفت هيبته الظاهرية تصرفاته القاسية والمجردة من الإنسانية.
احتجز جواز سفرها، عاملها باستعباد وحبسها في شقة الزوجية، مانعًا إياها من التواصل مع أسرتها أو حتى جيرانها. كانت مجرد أداة لتلبية شهواته.
ورغم كل الظروف القاسية التي عاشتها، حاولت هند التأقلم والصمود وسط ظروف فرضت عليها. تقول بحسرة: "تقبلت كل هذا رغم أنه لم يعاملني كما أمر الدين، فقط صمتُّ لأن أهلي لن يساندوني ماليًا ولأن أبنائي كانوا دافعي الوحيد".
كفاح من أجل التعليم وسط المعاناة
بين سنوات القهر والصبر، قررت هند ألا تقف مكتوفة الأيدي. تحدّت واقعها واستكملت تعليمها رغم رفض زوجها.
التحقت بالتعليم الثانوي ثم حصلت على شهادة جامعية في أصول الفقه من كلية المسجد النبوي بالمدينة المنورة، رغم كل التحديات.
إلى جانب ذلك، أنجبت هند خمسة أطفال هم عمر وعبد الله وهدى وأحمد وأويس. لكن زوجها امتنع عن الإنفاق عليهم، مما أجبرها على البحث عن عمل لتأمين احتياجات أسرتها.
طلب الطلاق بعد 11 عامًا من المعاناة
استمرت رحلة التعذيب النفسي والجسدي 11 عامًا مع زوج لم يتغير. ازداد قسوته بحد وصلت إلى تهديد حياتها والتعرض لمرض بسبب الضغط النفسي والبدني. بعد طول صبر اتخذت قرار الطلاق وحصلت عليه بعد أول جلسة قضائية.
ومع ذلك رفض طليقها مساعدتها ماليًا حتى بعد تدخل أمير المدينة المنورة للحصول على دعم لنفقاتها.
لم ينته كابوس هند عند طلاقها؛ طليقها قرر الانتقام عبر خطف أبنائهما خلسة وتهريبهم إلى السودان بمساعدة عائلته. بينما كانت تأمل الاعتناء بهم وتعويضهم عن كل الآلام التي عاشوها، جاء هذا الحدث ليعيد فتح جراح الماضي.
قلب الأم لا يستسلم
بعد هذا المخطط المدمر ومعرفة أن أطفالها الآن في أم درمان، السودان – منطقة تعاني أصلاً من صراعات العنف وانعدام الخدمات الأساسية