التدخين أثناء الحمل.. مخاطر صحية ووصمة اجتماعية تعرقل طلب الدعم

تُعاني النساء الحوامل المدخنات من واقع معقد يشمل مواجهة مخاطر صحية خطيرة ووصمة عار مزدوجة تضعهن بين مطرقة الإدمان وسندان الأحكام المجتمعية.

هذا الواقع غالبًا ما يدفعهن للابتعاد عن البحث عن المساعدة اللازمة، مما يعمق من أزمتهن الصحية والنفسية.

التدخين خلال فترة الحمل ليس مجرد عادة مؤذية من منظور صحي، بل هو تصرف يُثير الإدانة الاجتماعية الكبرى، ففي اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، تسلط الأضواء على هذا التحدي المركب.

تواجه النساء الحوامل المدخنات اتهامات مزدوجة؛ فلا يتم النظر إليهن فقط كمدمنات، وإنما كأمهات يُخفقن في حماية الأجنة داخل أرحامهن، وبين هذين الجانبين، يتعقد الطلب على الدعم الطبي والاجتماعي.

توضح الدكتورة أيشواريا راجكومار، رئيسة قسم طب زراعة الرئة في مستشفى ريلا بتشيناي، أن التدخين أثناء الحمل "يُعتبر جرس إنذار مجتمعي كبيرًا".

المرتكز هنا ليس فقط على أضرار التدخين على النساء وأجنتهن، بل أيضًا على الأحكام التي تُثقل كاهلهن في كل خطوة، تشير الدكتورة إلى أن "كل سيجارة تُعتبر خرقًا غير معلن لعقد أخلاقي تشاركي مع المجتمع".

على الصعيد العالمي، تبلغ نسبة النساء الحوامل المدخنات حوالي 1.7%. قد يبدو الرقم صغيرًا، لكن آثاره خطيرة؛ التدخين أثناء الحمل يُسبب مشاكل متعددة تشمل الولادة المبكرة، انخفاض وزن المولود، تأخر النمو الجنيني، ومتلازمة الموت المفاجئ للرضيع. كما يحذر الأطباء من التأثيرات التنموية طويلة الأمد التي قد تؤثر على مستقبل الطفل.

الأمر لا يقتصر فقط على التدخين المباشر، فالتدخين السلبي يمثل خطرًا صامتًا لا يُستهان به.

توضح الدراسات أن استنشاق أول أكسيد الكربون والنيكوتين المنبعث من سجائر الآخرين قد يُساهم في حدوث الإجهاض، ومشاكل في المشيمة، وحتى العيوب الخلقية.

الدكتورة فيديالاكشمي ر.ك، كبيرة المستشارين في مركز صحة المرأة والعافية (WOW)، تُلقي الضوء على البُعد النفسي والاجتماعي لهذا التحدي قائلةَ: "التدخين أثناء الحمل لا ينحصر في الإدمان فحسب، بل إنه يمسّ العلاقات الصحية والثقة بالمستقبل".

وتضيف أن الاستمرار فيه يُمكن أن يؤدي إلى نتائجٍ مأساوية مثل الإجهاض، الحمل خارج الرحم، ولادة أجنة ميتة أو انفصال المشيمة.

لكن ربما تكون العقبة النفسية الأكثر إضرارًا هي الشعور بالعزلة. تقول الدكتورة فيديالاكشمي: "الوصمة المجتمعية تمنع النساء من طلب الدعم"، ما يفاقم من محنة المدخنات الحوامل اللواتي في النهاية يعانين من اضطراب مزمن قابل للعلاج إذا ما تلقين الرعاية المناسبة والدعم.

تشدد الدكتورة على أهمية التعاطف وتعاون الشريك لتجاوز الأزمة. فالإقلاع الجماعي عن التدخين وبناء بيئة داعمة تشجع النساء على طلب المساعدة يعدان أساسًا للتغيير الإيجابي وتحقيق صحةٍ أفضل لكلٍ من الأم والجنين.