الخميس 5 يونيو 2025 10:21 صـ 8 ذو الحجة 1446هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
بقلم آدم وحوا

السيناريست عماد النشار يكتب: الاسم ”جيكل” والفعل ”هايد”!

أنا حوا

حين تنظر النفس في مرآتها المظلمة، وفي أعماق كل إنسان هناك أبواب لا يجرؤ على فتحها، أصوات لا يريد أن يسمعها، وجوانب يخشى أن يعترف بوجودها حتى لنفسه،ليست هذه الأصوات بالضرورة مجنونة أو شريرة، لكنها تلك التي لا تتماشى مع ما ينتظره أو يتوقعه من حولنا منا في وضح النهار أو في العلن،وهو ما نخفيه عن العالم، بل أحيانًا عن أنفسنا.

هذا هو الجوهر الذي أراد الكاتب الاسكتلندي روبرت لويس ستيفنسون أن يستكشفه في روايته الشهيرة "دكتور جيكل ومستر هايد"، التي نشرت لأول مرة عام 1886. رواية تنتمي إلى الأدب القوطي، تسبر أغوار النفس البشرية، وتطرح سؤالاً مقلقًا ،ماذا لو تمكنا أن نفصل بين الخير والشر داخلنا ..أيّ الوجهين سينتصر؟

في أحد أحياء لندن الهادئة، عاش رجل يدعى الدكتور هنري جيكل، طبيب محترم، هادئ الطبع، ذو سمعة طيبة، يحترمه الجميع ويثقون به، لكنه كان يحمل في داخله سرًّا... سرًّا ثقيلًا، لا يعلمه أحد.

كان جيكل يؤمن أن داخل كل إنسان تعيش شخصيتان،واحدة نزيهة، عاقلة، تحب الخير، وأخرى شريرة، جائعة للحرية، لا تعرف حدودًا ولا أخلاقًا،كان يرى أن الإنسان في صراعه الداخلي يرهق روحه، ويتظاهر بالفضيلة كأنه مقيد ومحبوس داخل قفص، فقام وبدافع الفضول العلمي، وربما بدافع أعمق وهو الرغبة في إطلاق ذلك "الآخر" المكبوت اخترع دواءً، دواءً يفصل هاتين الشخصيتين عن بعضهما. لم يتوقع أن أول جرعة ستفتح بابًا لا يمكن إغلاقه.

عندما تجرع أو جرعة من الدواء، حدث ما يشبه السحر، تحولت ملامحه، أصبح أصغر سنًا، وأصبح شخصًا آخر... مستر هايد.

هايد لم يكن فقط وجهًا آخر لجيكل، بل كان إنسانًا بلا رحمة، لا يشعر بأي ذنب، عاش هايد في الظل، يرتكب الأفعال التي لا يجرؤ جيكل على مجرد التفكير بها في العلن … كان حرًّا ، لكن حريته كانت كالعاصفة، تدمّر كل ما في طريقها.

في البداية، كان جيكل يظن أنه يملك زمام الأمور متى شاءليعود لنفسه التي اعتادها هو ومن حوله، لكن الشر حين يطلق لا شئ يوقفه ويكون خارج عن حدود السيطرة،بدأ هايد بالظهور عنوة ليفرض نفسه دون دعوة، دون دواء، بل أصبح أكثر قوة حد التوحش ، وأكثر سيطرة.

وبين لحظة وأخرى، لم يعد جيكل قادرًا على التمييز، ليحدث نفسه ، من أنا؟ هل أنا الرجل الطيب الذي يختبئ خلف قناع؟ أم أنا هذا الشرير الذي أصبح وجهي الحقيقي؟

في النهاية، وبعد أن قتل هايد أحد الأبرياء، وأصبح مطلوبا، أدرك جيكل أن لا مفرّ، فكتب رسالته الأخيرة، اعترف فيها بكل شيء، ثم اختار الانتحار ليوقف الوحش الذي أصبح يسكنه... أو لعل الوحش هو من اختار أن يقتل الاثنين معًا.

هذه ليست مجرد قصة عن عالم وطبيب ودواء،

إنها مرآة لكل واحد منا.

في داخل كل إنسان، هناك "جيكل" و"هايد". الخير والشر، الرغبة في التهذيب، والرغبة في الانطلاق والعربدة بلا قيد.

لكن الرواية تسألنا سؤالًا خطيرًا، ماذا لو قررنا أن نُطلق العنان لجزء واحد فقط منّا؟

هل نظل نحن؟ أم نصبح وحوشًا لا نعرف كيف نعود منها؟

حين تنظر الرواية إلى حاضرنا،وفي زمن السوشيال ميديا، والوجوه المتعددة، والمجتمعات والأشخاص الذين يفرضون علينا "الصورة المثالية" باستمرار، يعيش كثير منا هذا الانقسام بشكل خفي، هناك من يظهر بمظهر الملاك في العلن، لكنه يطلق لنفسه العنان في الظل، خلف شاشة، أو في مكان لا يُراقَب فيه، الكبت لا يقتل فقط، بل قد ينفجر بصورة أكثر عنفًا.

"هايد" اليوم ليس بالضرورة قاتلًا أو مجرمًا، بل قد يكون شخصًا يتنكر كل يوم، يخفي رغباته، أو يبرر أفعاله باسم الحرية،ولكن يبقى السؤال الحقيقي ليس"هل لدينا جانب مظلم؟"، بل "كيف نتعامل معه؟ هل نعترف به، نروّضه، ندمجه؟ أم نتجاهله حتى يتحوّل إلى وحش لا يمكن احتواؤه والسيطرة عليه ؟

دكتور جيكل ومستر هايد قصة تذكرنا بأن الإنسان الحقيقي هو من يوازن بين أضداده، لا من يقمعها أو يطلقها دون عقل.

ليس الخطر في أن نحمل الشر بداخلنا، بل في أن نتجاهل وجوده تمامًا أو نطلق له العنان دون وعي.

فالحكمة ليست في قمع أحد وجهي النفس، بل في احتوائهما معا بتوازن الإنسان الحقيقي.

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 10:21 صـ
8 ذو الحجة 1446 هـ 05 يونيو 2025 م
مصر
الفجر 03:09
الشروق 04:54
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:53
العشاء 20:26