عماد فرغلي يكتب: ست بـ 100 راجل

عندما تتحدى المرأة قسوة الظروف وتقلبات الحياة وتكافح وتصارع لإثبات جدارتها وتحقيق طموحاتها يقال عنها "ست بـ 100 راجل" وهو وصف مجازي مبالغ فيه لا نعلم من أطلقه ومتى وأين وكيف ولماذا ، والشيء المؤكد أنه مصريا فنحن شعب ليس كمثله شعب في منح الثنايا وجزل التحايا نبالغ في مدحنا ونرفع من قدر من توسمنا فيه الخير إلى سابع سما ونبالغ في قدحنا ونقسو على من لا نستلطفه ونلقي به لسابع أرض .

يا صاحب القول وصفك غير دقيق وفيه مهانة للمرأة ، ولقد ظلمت بوصفك هذا كل النساء فخلّعت بعضهن ثوب الأنوثة وتشبهن بالرجال فمنهن من امتهنت عملا لا يليق كتلك التي حملت القصعة ومواد البناء والتي قادت التوكتوك والميكروباص والتي عملت بالمصانع والمحاجر وورش السيارات ومن اتجهت لنبش القمامة وجمع الخردة وبيع الفوارغ ، لا نعيب عليهن ولا ننكر جهودهن بل نتعاطف معهن فليس ذلك ما يناسب المرأة ، فالمرأة هي الجنس اللطيف حيث الرقة والنعومة والأناقة والجمال وحسن الطلة فلما التحقت بتلك الأعمال أضطرت لتغليظ صوتها ففقدت رقتها ومن غير ما تدري أخشنت يداها وزالت نعومتها ومن غير اختيار ارتدت افرولا فتشوهت أناقتها ومن غير تعمد أهملت مظهرها ولم يعد لها من الجمال مجال والطلة حيالله .

وأزيدك من الشعر أبياتا يا صاحب القول لقد جعلت الكثيرات من السيدات أو بعضهن يبحثن عن نيل شرف هذا اللقب بأية وسيلة كانت وبأي ثمن يدفع فوصل الأمر إلى أن بعضهن الآن يتزعمن عصابات للنشل والسرقة والتسول وخطف الأطفال وليت الأمر توقف عند ذلك بل تعداه إلى النصب والتحايل التقليدي والالكتروني وتوظيف الأموال وغسيلها وتجارة الرقيق وتصنيع وتهريب وترويج المواد المخدرة ولنا في واقعة القبض على الشبكة العالمية للمخدرات التي جرت مؤخرا في القاهرة والتي تتزعمها إعلامية معروفة دليل على مقارعة المرأة للرجل في أعتى المجالات وأكثرها مخاطرة .

ومازال الطموح جارفا لدى بعض النساء في هذا السياق فهناك أصواتا تنادي بألا يكون قوامة للرجل على المرأة والمطالبة بالمساواة في توزيع الميراث وتقسيم التركة على غير ما أمر الله به في كتابه العزيز.

يا صاحب القول دلنا على تلك المرأة التي تفوقت بمعجزاتها المائة رجل هل هي من زمننا هذا أم من أزمان فانية لقد بحثت في المجلدات وكتب التراث فلم أجدها حتى أن أمهات المؤمنين "رضي الله عنهن" لم تلقب واحدة منهنّ بهذا اللقب ألم يكن من بينهن ما تستحق ذلك ، وهل ما قامت به "أم العرب" السيدة هاجر من جهد لإنقاذ ابنها إسماعيل من الموت عطشا كان عملاً هيناً ! لقد خارت قواها من شدة التعب وهي تهرول في الصحراء وتصعد الجبال في الصفا والمروة بحثاً عن الماء حتى فجر الله لهما ينبوع زمزم ومع ذلك لم يقال عنها سيدة بمائة رجل.

وهل تعلم أن كتابا مثل الذي كتبه مايكل هارت بعنوان " الخالدون المائة " وهو عبارة عن قائمة احتوت على أسماء مائة شخص رتبهم الكاتب حسب معايير معينة بمدى تأثيرهم في التاريخ والذي جاء على رأسها سيد الخلق أجمعين سيدنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، لم يكن من بين المائة شخصية في هذه القائمة سوى إمرأتين فقط الملكة إيزابيلا الأولى التي حكمت أسبانيا وأمريكا اللاتينية وساعدت كريستوفر كولومبوس على اكتشاف امريكا ، والملكة إليزابيث الأولى التي جلست على عرش انجلترا أكبر امبراطورية استعمارية في التاريخ ، فلا الملكة إيزابيلا ولا الملكة إليزابيث وصفتا بمئة رجل ولا حتى برجل بواحد.

وبالمناسبة قائمة الخالدون المائة ضمت شخصية مصرية عظيمة وهو الملك "مينا" موحد القطرين ، وبالمناسبة أيضا أن أول من ترجم هذا الكتاب كان مصريا أيضا وهو الكاتب الصحفي الكبير "أنيس منصور" .

ختاما وحبا في المرأة أقول المرأة مرأة وستبقى إمرأة مهما حاول البعض مقارنتها بالرجال وعليها أن تعتز بذلك وتتباهى به وتتمسك بطبيعتها الأنثوية وتحافظ عليها . أما الرجل فسيبقى رجل ولكن تقاس الرجولة بالمواقف .