محمود حسن يكتب: الصراط المستقيم.. والوصايا العشر


نقرأ سورة الفاتحة أكثر من عشرين مرة في اليوم داخل الصلوات المكتوبة ، وأحد آياتها " إهدنا الصراط المستقيم " ، فما هو الصراط المستقيم لغة واصطلاحا ،
من الناحية اللغوية فهو يعني الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ،
ولكن هذا المعنى عاما مبهما لا يوضح المقصود تحديدا من كلمة الصراط المستقيم ،
إجتهد الكثير من العلماء للوصول إلى تفسير معنى الصراط المستقيم ، فمنهم من قال انه هو طريق الحق والخير والعمل الصالح ، وبعضهم قال انه خيط رفيع يفصل ما بين الجنة والنار او انه فوق النار مباشرة ، وانه ادق من الشعرة وأحد من السيف يمر عليه جميع الخلائق ، فمن كان عمله صالحا مر على الصراط بسلام ، ومن كان عمله غير صالح وقع في النار ،
ولأن الله عز وجل أمرنا بالتفكر والتدبر في آياته ، فإنني على المستوى الشخصي لا أقتنع بهذا التفسير ، لأن يوم القيامة يوم عظيم وخطب جلل ، هو يوم الحساب ولا مجال فيه لإختبار اللياقة البدنية للبشر ولا الألعاب الأكروباتية ، وليست هذه هي طريقة معرفة الصالح من الفاسد ، فكل منهم يعرف موقف نفسه ولا يهتم بأمر غيره " لكل إمرء منهم يومئذ شأن يغنيه " تتخلى فيه الام عن رضيعها وتضع كل ذات حمل حملها ، يوما يجعل الولدان شيبا ،
فمنهم من اخذ كتابه بيمينه ، ومنهم من آخذه بشماله وحسم الأمر ،
إذن فما هو الصراط المستقيم ؟
لقد ذكر الصراط المستقيم في عدة مواضع في القرآن الكريم نذكر منها قوله تعالى "
وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١١٨ الصافات﴾
قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٤٢ البقرة﴾
إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۗ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٥١ آل عمران﴾
وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٠١ آل عمران﴾
وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨ النساء﴾
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿١٧٥ النساء﴾
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٦ المائدة﴾
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٣٩ الأنعام﴾
وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٨٧ الأنعام﴾
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١ الأنعام﴾
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦ الأعراف﴾
وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٢٥ يونس﴾
إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٥٦ هود﴾
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٧٦ النحل﴾
شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٢١ النحل﴾
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٣٦ مريم﴾
وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٥٤ الحج﴾
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٧٣ المؤمنون﴾
لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٤٦ النور﴾
وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٦١ يس﴾
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٥٢ الشورى﴾
﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( الملك: 22) ،
ومن خلال تدبر تلك الآيات الكريمة لم نتوصل إلى تفاصيل الصراط المستقيم ، اللهم فقط أنه طريق الحق والخير والهداية ، وهي معاني عامة ومثل عليا شاملة غير محددة التفاصيل ،
ولكن الله عز وجل لم يتركنا في حيرة وجاء لنا بالتفسير القاطع والشرح المنير لتفاصيل الصراط المستقيم في ثلاثة آيات من سورة الأنعام والتي تحتوي على الوصايا العشر تفصيلا والتي هي مواد البناء التي يتكون منها الصراط المستقيم ،
فقال تعالى
*
۞ قُلْ تَعَالَوْا۟ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا۟ بِهِۦ شَيْـًۭٔا ۖ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰنًۭا ۖ وَلَا تَقْتُلُوٓا۟ أَوْلَـٰدَكُم مِّنْ إِمْلَـٰقٍۢ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا۟ ٱلْفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا۟ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١)
وَلَا تَقْرَبُوا۟ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُۥ ۖ وَأَوْفُوا۟ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُوا۟ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُوا۟ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢)
وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَٰطِى مُسْتَقِيمًۭا فَٱتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِۦ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)
*
صدق الله العظيم الذي ذكر معنى الصراط المستقيم بوضوح شديد جامع مانع للجهالة او الإجتهاد ، في عشرة وصايا محددة وامرنا بإتباع تلك الوصايا التي هي صراطه المستقيم ،
" وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه "
وأن من حرم نعمة الإهتداء إلى صراط الله المستقيم أصبح من المغضوب عليهم أو الضالين ،
فاللهم " إهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " .