الجمعة 4 أكتوبر 2024 05:49 مـ 30 ربيع أول 1446هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
بقلم آدم وحوا

د. حسام بدراوي يكتب.. الفرصة للإنقاذ.. وعى المجتمع ومستقبل التعليم

أنا حوا

كل المجتمع يتكلم عن التعليم، ويعانى منه ويأمل فيه، والجميع غرقى فى تفصيلاته، فرأيت بعد عشرة مقالات متتالية أن أعيد تعريف مقاصدى، وأن أربط المستقبل بالحاضر والماضى.

هناك خلط بين مفهوم التعلم والمعرفة وبين التعليم، بين الهدف والوسيلة، فالتعليم وسيلتنا للتعلم وليس هدفنا، الحوار حول المدرسة والمعهد والجامعة، وللأسف يدور حول الوسيلة وليس الهدف.

تعالوا معى لرحلة مختصرة عن تاريخ المدرسة والجامعة وكيف بدأت المدارس بادئ ذى بدء، وكيف تطورت، لنعرف إلى أين يقودنا الحوار.

قرأت كتابًا عن أعظم الشخصيات التى أثرت فى واقع البشرية فلم أجد فى الغالبية العظمى منهم من كان تلميذًا فى مدرسة بمفهومها الحالى.. فلا محمد ولا عيسى ولا موسى ولا إبراهيم بكل تأثيرهم فى تاريخ البشرية قد تعلموا فى مدرسة، ولا بوذا ولا كونفشيوس، ولا الفارابى ولا أبقراط، ولا نيوتن صاحب نظرية الجاذبية وقبله المصرى الذى كتب على أوراق البردى، ولا مهندسو المعابد والأهرامات، ولا من اخترعوا التقويم، وآلات الزراعة، ولا أغلب من بدأوا الثورة الصناعية، ولا جوتنبزج مخترع المطبعة، ولا ليونارد دافنشى ولا شكسبير، وأنا هنا أذكر أمثلة يعرفها القارئ العادى.. ولم يكمل الأستاذ العقاد دراسته المدرسة بعد الابتدائية ولم يدرس فى جامعة، وأضيف إليهم من كانوا أسسا للحضارة مثل أرسطو وأفلاطون وابن رشد وابن خلدون وغيرهم، كلهم لم يدخلوا مدرسة نظامية بمفهومنا، والتى هى الشكل والوسيلة التى ارتضيناها نظاميا فى القرن الثامن عشر فقط بهدف تعليم الدين وإعداد الجيوش.

نعم، الهدف الضمنى كان الدعوة للدين بمفهوم رجاله والطاعة، والمهارة الحربية بمفهوم الغزو والسلطة.

إذن، المدرسة بمفهومها النظامى كان، وللأسف ما زال، إخراج مجموعات البشر الذين يؤمنون بأفكار من وضع لهم نظامهم، وأن ينجحوا إذا وفقوا إلى الإجابة المحددة وأن يرسبوا إذا خالفوها. هناك صح واحد والباقى خطأ، هناك اختبار يقيس مدى توافق التلميذ مع الإجابة المحددة، مع أن كل من صنع قفزات التاريخ هم من خرجوا عن المعتاد، وفكروا خارج الصندوق والنمطية، ورفعوا سقف خيالهم إلى أبعد مما قرر جيل سابق لهم.

لو نظرنا إلى مدارسنا اليوم بمنطق براجماتى عملى، فلا بد لنا من وقفة جادة وإحداث نقلة نوعية حادة..

ما هو هدفنا من التعلم؟

المدرسة ونظامنا التعليمى مجرد وسيلة وليست الهدف فى حد ذاتها.. ماذا نريد من أطفالنا وشبابنا فى المستقبل؟.. وعلينا إيجاد وسائله، وليس اتباع نفس الوسائل التى أنتجت ما نشكو منه الآن.

سأعطيكم مثلًا عمليًا:

عندك مصنع، وفيه خطوط إنتاج، يخرج منها منتجات، هدفها أن تباع فى السوق المحلية والتصدير وتصلح لاحتياجات الناس.. فإذا أتيت بأفضل الآلات، وأوقفت على خط الإنتاج عمالا غير أكفاء، وأنتجت ببطء، منتجا لا تحتاجه السوق، (فى حالتنا لا يحتاجه مستقبل بلادنا) وخسرت قيمة مدخلاتك الإنتاجية وموادك الخام الممتازة، ولم تستطع الاستفادة من مخرجات هذا المصنع، لأن السوق لا تريده فأنت خاسر وستفلس لا محالة.

المدارس فى مصر هى مصانعك لإنتاج البشر الكفء المنافس الذى يرفع قيمة وطنك، فإذا استمر المصنع فى العمل بنفس الطريقة، فستحصل على نفس الخسارة سنة بعد سنة وجيلا بعد جيل.

القليل من الصبر معى على فهم النظرية..

موادك الخام، هم أطفالنا وشبابنا وهم من أجود الأنواع ومماثلون لأقرانهم فى بلاد العالم، وأستطيع إثبات ذلك تاريخيا وحاضرا.. ولكننا قررنا عبر الخمسين سنة الماضية تكرارا، أن يكون مدرسونا ومسؤولو التعليم وهم قوتنا البشرية فى إدارة مواردنا هم الأقل كفاءة والأدنى أجرًا (طبعًا يوجد طفرات واستثناءات)، وأصبحت خطوط إنتاج مصانعنا (أقصد ِمدارسنا) بمعدات غير كفؤة، ومنتجنا الذى تظل موادنا الخام داخل خطوط إنتاجه ١٨ عاما متتالية، ليس منافسا ولا تحتاجه السوق، ونحن نصر على استكمال العمل بنفس الطريقة.

هل هناك غباء وضبابية رؤية مثل هذا؟.

المصنع يخسر، ومهما جددت آلياته، وغيرت محتوياته، وأنفقت مليارات على تكرار بناء مصانع مشابهة فستحصل على نفس النتيجة، بل تتضاعف الخسارة.

مثل آخر، كأنك تريد الذهاب إلى الإسكندرية وتركب القطار أو السيارة إلى أسوان، فمهما جددت فى السيارة وغيرت السائق ووسعت الطريق وأعدت رصفه عشر مرات، ففى النهاية أنت ذاهب إلى حيث لا تقصد.. ستصل أسوان وليس الإسكندرية..

فهل حققت غرضك؟.. هل وصلت إلى مبتغاك؟.. هل مباهاتك بالإنفاق والجهد والعرق فى الوسيلة أوصلتك إلى ما تريد؟.

القضية يا سادة ليست فى المدرسة لأنها وسيلة، مصنع للتعلم والحصول على المهارة والمعرفة ونحن ندير التعليم ولكننا لا نسعى لتحقيق الهدف.

اصبحنا، كمسؤولين وأولياء أمور غرقى فى الوسيلة.

وللأسف الكل يغش ويرشو (أنا أعتبر الدروس الخصوصية فى التعليم النظامى لجموع الشعب رشوة للحصول على الشهادة ولا علاقة لها بالتعلم والمعرفة)، والكل يصرخ من الامتحانات العامة والنتائج، لكن لا أحد ينظر إلى الهدف.

إن أهم المهارات التى يحتاجها الشباب هى القدرة على العمل الجماعى، ومهارات التواصل والاتصال والقدرة على التكيف مع التغيير.

يضاف إليهم، مهارات القيادة التى يحتاجها الكثير من الوظائف على مستويات متعددة.. هذا بالإضافة إلى المهارات الرقمية واستخدام الحاسب الآلى والتعامل مع الذكاء الاصطناعى، ومعرفة لغة ثانية بجانب اللغة العربية.

ولا تظنوا أن هذا خارج نطاق التخصصات مثل الطب والهندسة والمحاماة والكليات العسكرية والكليات العملية؛ لأن هذه المهارات يحتاجها الطبيب والمهندس والمحامى والضابط والمدرس وكافة التخصصات، فلا مكان فى العمل اليوم وقطعًا فى المستقبل لمن لا يملكها.

لقد اصبح التعليم والتدريب عن بعد واقعا، من دون الحاجة لشراء أراض أو استئجار مبان وإنفاق المليارات، وتظهر وستظهر الشهادات المتناهية الصغر (Nano degrees) التى لا تُكلف الراغبين موارد كبيرة، ودبلومات مهنية لرفع مستوى أداء الموظفين طالما يتمتع طلابها بالمهارات اللازمة لها.

كذلك فإن التعليم العالى لا ينبغى أن نفكر فيه كرد فعل لحالة سوق العمل الحالية، أو نسب البطالة أو حال مهنة من المهن فى لحظة زمنية بعينها.. إلا أنه سيظل هذا النوع من التعليم الذى يرسم ملامح المستقبل، ويبنى البشر القادرين على صنع التنمية وليس ملء فراغ الاحتياجات فقط.. يبنى الإنسان صانع الفرصة ومحققها وليس فقط المستفيد منها. يؤهل الشباب ويبنى الشخصية السوية التى تحترم الاختلاف وتبتعد عن التطرف.

النظام التعليمى الذى يتجاهل المستجدات والتغييرات التى تشكل الغد ينهى بذلك علاقته أو ارتباطه بحياة الطلاب وسيضمحل شيئا فشيئا، ولهذا يجب إعادة صياغة مؤسساتنا التعليمية منذ ما قبل المدرسة إلى الجامعة لنعد طلابنا الإعداد المناسب للمستقبل وليس للماضى.

القضية ليست فى منهج نتعارك عليه بل فى بناء الشخصية داخل المؤسسة التعليمية، الذى لا يتم الآن ولن يتم غدًا إلا بالمعايشة داخل المؤسسة التعليمية، بالرياضة التنافسية، بتذوق الفن وممارسته، بالرحلات التثقيفية والممتعة، بالحوارات بين ومع التلاميذ والطلاب، وغير ذلك، والسؤال كيف يتم ذلك مع ٢٥ مليون تلميذ فى مدارسنا و٤ ملايين تلميذ فى جامعاتنا.

إننى أؤكد أننا نملك رؤية موثقة، وعندنا استراتيچيات للتعليم، ولكن ليس لدينا تطبيق ولا قياس أداء وندور فى حلقات مفرغة من زمن إلى زمن، حتى تدنى تعليم أولادنا بشكل مرعب وتسربت القيم القويمة وحل محلها قيم سلبية.

مشاكلنا معروفة وحلولها معروفة، وهى بالقطع ليست فى المناهج التى يتعارك عليها المجتمع، فالدول والتجارب حولنا نأخذ منها ما نريد.. مشكلتنا فى طرق تطبيق ما تقوله الرؤية والاستراتيجية التى نتبعها حتى وصلنا إلى هذا التدنى.

أذكركم أننا لم نر تاريخيًا هجومًا على وزير مثل الذى يواجهه وزير التعليم الحالى، إلا الهجوم الجبار الذى كان موجهًا لفاروق حسنى فى الصفحات الأولى من الجرائد الكبرى بعد توليه الوزارة، وهو الذى أثبت بعد ذلك أنه كان من أفضل وزراء الثقافة فى مصر.

لقد حاورت وزير التعليم الجديد الأستاذ محمد عبد اللطيف، أكثر من مرة، ثم ناقشته ومساعديه الأكفاء، وطلبت مرجعيات لكل ما يتم ويُطرح، وتابعت تركيزه على التطبيق وعلى حل التحديات على الأرض، وعلى عكس التيار السلبى الناقد فقد قررت مساندته ومساعدته لأن ما يقوم به يستحق المساندة، وقد يكون نقلة نوعية فى مواجهة تدنى مستوى اللاتعليم المصرى، وهو موضوع مقالى القادم الذى أدعوكم لمتابعته.

تصورا، إننى أرى فعلا أملًا.

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 05:49 مـ
30 ربيع أول 1446 هـ 04 أكتوبر 2024 م
مصر
الفجر 04:24
الشروق 05:50
الظهر 11:44
العصر 15:06
المغرب 17:37
العشاء 18:54