د. زكريا ابراهيم رجب يكتب.. الشيطان يرفع القبعة لبنى ادم
فى منطقة العجوزة على ضفاف النيل تجد شيئًا غريبًا جدًا، إن الشارع فى ناحية منه فرع النيل حيث جزيرة الزمالك وترسوا على ضفاف الناحية الأخرى منطقة العجوزة العديد من البواخر السياحية بها الملاهى الليلية والديسكوهات المليئة بالرجال والشباب والفتيات والخمور والأموال المهدرة أنهار متدفقة على الأرض.
أما الانحطاط الأخلاقى محيطات وليس مجرد أنهارًا.. أما الناحية الأخر تجد مستشفى العجوزة المليئ بالآلام والمرضى الذين يموت منهم العديد لعدم وجود دواء لغلو سعره أو كونه مستورد من الخارج وغير موجود من الناحيتين تسمع سيمفونية من الانحطاط الأخلاقي ومن الناحية الأخرى سيمفونية الألم حيث الفقر هو المايسترو والقائد ومسجد يذكر فيه إسم الله لعل هؤلاء يهتدون ولعل هؤلاء يصبرون.. مسجد السلام.
مسجد صغير ولكن يؤمه عدد من الناس لصلاة الفجر قبل الذهاب لأعمالهم وأنا اسكن بالقرب منه وكان مشهدًا غريبًا وجود مقهى ملاصق للمسجد ما ان تأتي الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل تجد أن الشارع الموجود على ناصيته المسجد (شارع الفالوجا) مليئ بالسيارات الفخمة والحديثة فى مركونة فى الشارع وعلى شارع النيل الرئيسى والمقهى المجاور للمسجد مليئ بالشباب والرجال من مختلف الأعمار والأشكال يتحدثون متوجين بأنظارهم بين الحين والأخر الى الناحية الاخرى من النيل حيث البواخر السياحية والتى تحوى بداخلها الملاهى الليلية والديسكوهات على النيل مباشرة.
وعرفت فيما بعد أن هؤلاء الأشخاص المنتظرين على المقاهى هم أصحاب السيارات المركونة على جانبى النيل وأن بعضهم يعمل بشكل خاص مع بعض الفتيات أو الراقصات أما الباقى ينتظر لعله يظفر بزبون من السكارى من رواد الملاهى الليلية وكثيرًا ما يعقدون الصداقات مع هؤلاء الزبائن ويتبادلون أرقام الهواتف ليقومون بتوصيلهم حيث أرادوا وتلبية الطلبات الخاصة مثل شراء المخدرات لهم أو احضار القتيات لسهرات خاصة فى المنازل والڤيلل.
و إن العرف السائد أن من يحضر زبونا لأحد تلك الأماكن له الحق فى نصف الفاتورة التى يدفعها هؤلاء الزبائن السكارى للملهى أو أن يتفق الملهى مع السائق على مبلغ محدد يتقاضاه.. بالطبع كنت مندهشا من هذا العالم وتلك الأعراف الغريبة ولكن لكل مجال أعرافه وحتى لغاته.
ولكن ما أثار غضبى وحنقى ما حدث بداية من الساعة السادسة وحتى السابعة من خروج للعديد من الرجال والشباب سكارى تماما تلعب الخمر برؤوسهم فيتبادلون مزاح بذئ وضحك بصوت عال والعديد من الفتيات الكاسيات العاريات يرتدين من الملابس ما يكشف اكثر مما يدارى من اجسامهن والجميع يتمايل ويضحك ويتبادل البذائة الكلامية صراحة فى الشارع ومنهم من يتبادلون أرقام الهواتف للاتفاق على لقاء والسائقون يعرضون عليهم توصيلهم بطريقة تصل للتوسل وبالطبع كل من يمشى على تلك الناحية او ينتظر مواصلة عامل ليذهب لعمله ليبدأ يوما من الشقاء والتعب من أجل بعض المال الذى لا يكفى احتياجاته يبتعد بعيدًا عن تلك المهازل.
وما يثير الحنق بداية وصول الطلبة من مراحل التعليم المختلفة بداية من روضة الأطفال حتى المرحلة الثانوية بسيب وجود مجمع مدارس بالشارع ووقوف عدد من لمشاهدة ما يحدث وتبادل المزاح مما سبب لى حالة من الغضب الشديد، كيف تجتمع كل تلك العناصر بالقرب من بعضها ؟!
مستشفى حكومى حيث آلام الناس وشكواهم وأمراضهم مع مجمع مدارس يفترض انه ينشئ و يربى اجيالا جديدة لتبنى وتعمر وتكمل مشوار التطوير الذى بدأه السيد الرئيس والذى يسابق فيه الزمن ليصلح الأخطاء السابقة ويلحق بركب التقدم فى العالم وفى ذات الوقت يتصدى لمؤامرات الأعداء لإعاقة تقدمنا.. كيف سيكون هذا الجيل عندما يرى كل تلك المهازل وكيف يتم التجمع بهذا الشكل فى الشارع أمام المارة الكادحون المستيقظون منذ الخامسة صباحًا للحاق بالمواصلات للوصول لأعمالهم وصادفت فى مسجد السلام العديد من الموظفين يستغلون وجود محطة غير رسمية للمواصلات العامة فيدخلون للحاق بصلاة الصبح والخروج الى محطة الاتوبيس وقانونًا.
يجب أن يكون أقرب مسجد على مسافة لا تقل عن 150 متر من اى مكان يقدم الخمور أيا كانت وتكون تلك الأماكن معزولة الصوت.. من أعطى التراخيص لتلك المراكب للرسوا والتمركز فيما لا يزيد عن 50 خطوة بالضبط والعدد من المسجد (قمت بعبور الطريق أكثر من مرة وقمت فى كل مرة بعد خطواتى لأجدها 50 خطوة بالتحديد بين مدخل الملهى الليلى والمسجد)، أى حوالى 50 الى 52 مترًا فقط!
الفارق بين التقوى و الفجور و المجون.. بين مياه تنساب للوضوء والتطهر وخمور تنهمر انهارا لتغييب العقول.. بين جملة يعلو بها صوت المؤذن ( الله أكبر) وبين مأثورات الحكمة من حمو بيكا وشاكوش وتمايل أجساد الراقصات، وأخطر نتيجة ما قرأت على احدى صفحات الفيس بوك (والتى تعتبر أحد روابط العالم المظلم) إعلان من أحد الشباب يطلب أن يعمل مع تاجر آثار أو سلاح لرغبته فى الثراء السريع!
ما السبب فى اتجاه شاب فى بداية حياته ليرغب بل و يعلن عن نفسه للعمل فى أى نشاط ضد القانون لتكوين ثروة سريعًا.
ودعونى اختتم مقالى بحكمة قرأتها: (إنه لمن السهل صناعة أطفال أقوياء عن إصلاح رجال محطمون).. فريدريك دوجلاس