فاطمة عمر تكتب: ليٌ عنق الزجاجه
{رأتنا نسحقهم دون أن يهتز لنا جفن ..نقتلهم ونحن متصورون أن هذا من طبائع الأمور .وهم لم يجنوا شيئاً سوي أنهم أبنائنا أبناء العجز وقلة الحيله}
عبارة شديدة الواقعيه والصدق والدقة معاً جاءت على لسان العبقري أحمد زكي في واحد من أهم أفلام السينما المصريه ..ضد الحكومه.. قصة الكاتب وجيه أبو ذكري سيناريو وحوار أستاذي و صديقي المبدع بشير الديك إخراج أحد سادات الإخراج السنيمائي الرائع الراحل عاطف الطيب
أجدها تحاصرني كل عام وأنا أرى ضحية جديدة من ضحايا الثانوية العامه ..عنق الزجاجه .. كلمتين قميئتن تعلمناهما من آبائنا وعلمناهما بجهل وحمق لأبنائنا ...ونسوا أن يعلمونا ونسينا أن نُعَلِم أبناءنا أن فوهة الزجاجه مغلقة بإحكام وعنقها ملوي عن عمد
ومع كل عام يدفع أحد أبنائنا أو إحدى بناتنا زهرات عمره ..ونقاء حلمه المشروع..وسنوات شقاء أبويه .. ثمناً للخروج من عنق الزجاجه تلك اللعينه المسماه بالثانوية العامه ..فتذبل الزهرات ويتحول رحيقها الى رائحة الموت ...وتتكسر الأحلام وتصبح كوابيساً ..ويضاف الى شقاء الأبوين بندا آخر الا وهو الحزن على فقد ابنهم أوابنتهم..
وفي كل مرة يخرج علينا بيان تزرف منه دموع ليس فيها الإ البريق
.. وتُشكل لجانفي غير إدراك لتلك العبارة التي ابتكرها المصريون في ذكاء ساخر من واقع اكثر سخرية إذا أردت أن تُضِيع أمرا شَكِل له لجنه
..ويحول المسؤول الى التحقيق وهذا يعيدني الى فيلم ضد الحكومه عندما تحول عامل التحويله وسائق الاتوبيس الى المحاكمه
ماذا يفعل كل هذا أمام ذلك المشهد المحزن لهذه الزهرة البريئه وهى تصرخ انهياراً من عبثية امتحان الفيزياء..حزناً على تعب وجهد وحلم ووقت ضاعوا هباءاً..وفي النهاية تموت سواء كان موتاً معنوياً او حقيقياً
ايها السادة الأفاضل واضعي الإمتحان ومراجعيه وكل مسؤول في وزارة التربيه والتعليم
أين كنتم عند وضع الامتحان؟!! ألم تكتشفوا كل هذه الأخطاءقبل ان تقتلوا بها ابناءنا ؟!! ما الذي سيعود على ابنائنا وبناتنا من ادراككم للخطأ بعد توترهم داخل اللجان مما أثر على تركيزهم في هذا اليوم والأيام التاليه؟!!
ماذا تكسبون من كل هذه التعقيدات سوى السخط عليكم و على مناهجكم وتعليمكم إن كان لديكم تعليم؟!!
إن ما لديكم هو مجرد دراسة انهارت امام الكتب الخارجيه التي قضدت بشكل يقيني على كتبكم.. أمام الدروس الخصوصيه التي طالما وعدتم بالخلاص منها ولم تفوا ..امام سياسات تعليميه تتبدل مع كل تغيير وزاري اوحتى مجرد تعديل
اذا كان ما لديكم هو تعليم حقاً هل لكم أن تعلموننا كيف نربي أولادنا على الإنتماء لهذا البلد الطيب العريق وانتم تقتلون بداخلهم كل قيمه بامتحاناتكم المعقده ؟!!
هل لكم أن تفهموننا كيف نعلم أولادنا ان تحقيق الحلم يكون هنا في بلدك وليس خارجها وانتم تقيدون طموحهم بدرجات قد تكون سبباً في وأد الحلم في مهده ؟!!
هل لكم ان تحددوا لنا مساراً نتبعه عندما تموت بقلوب أبنائنا قيم الحق والخير والجمال والحب والإنتماء التي طالما حشوتم بها مناهجكم العقيمه وكتبكم التي يتبخر مدادها فور انتهاء الإمتحان ؟!!!
ما كل هذه التعقيدات وماذا تريدون أن تثبتوا من وراءها؟!!
ماذا ستقولون لهولاء الاولاد والبنات عندما يختصموكم أمام الله ؟!!
وبما أننا في مرحلة جديدة ووزير جديد للتربية والتعليم والتعليم الفنى ليتنا ندرك الأخطاء ونتداركها ونتعلم منها
وختاما أقول لكل من تسبب في لحظة ألم لأبنائي وبناتي من طلاب الثانوية العمياء عن كل حلم وطموح وأمل سواء هذا العام أو الأعوام السابقه أو اللاحقه تذكروا قول المولى عز وجل { واتقوا يوماً تُرجَعُون فيه الى الله ثُم تُوفَى كُل نفس ما كسبت وهم لا يُظلَمون} صدق الله العظيم