د. فتحي الشرقاوي يكتب.. عندما تكون البجاحة.. أسلوب حياة


اللي أنا أعرفه إن الواحد لما يكون حرامي وسارق ولص، ويتم كشف أمره بالشواهد والأدلة والبراهين القاطعة على سرقته، يصبح أمامه أمران لا ثالث لهما، إما السكوت والصمت، انطلاقًا من شعوره بالخجل على ما اقترفته يداه، أو تقديم الاعتذار والندم على فعلته المشينة، لكننا أمام حالة غريبة، افرد لها الاعلام المصري، فرصة لها لكي تبرر سرقتها، بأنها سرقت من سارق، وبالتالي (كلنا لصوص.. يعني كلنا شرفاء وبالتالي الأمر يبدو عاديًا)، وفجأة تحولت صفة السرقة الممقوتة والمستهجنة عن طريق التبرير والقياس الخاطئ للسارق، الى خاصية ومسلك إيجابي، والمطلوب منا طبعًا أننا نصدق ونعتق هذا المبدأ اللاخلاقي الجديد، تحت سمع وبصر الاعلام بكل روافده.
حكايتنا بنوته صغيرة وفنانة تشكيلية، لسه في أول حياتها المهنية، لن أذكر اسمها لكي لا اعطيها شرف الانتشار والذيوع، تم اكتشاف سرقتها للوحات أحد الفنانين الروس، بعد ما قام بالإبلاغ عنها وسرقتها لأعماله، وقامت الشركة الفرنسية المنوط بها تصميم أحد محطات المترو لدينا بإزالة اللوحة المسروقة (الجرافيك) إحساسًا أدبيًا منها بعدم أمانة الفنانة، وتقدمها للوحه مسروقة، لحد هنا تكون الصورة اتضحت، وأصبحنا أمام واقعة سرقة كاملة الأركان، إلا أن الفنانة الصغيرة لم ترتدع ولم تتراجع عن نهجها في مسلكها اللاخلاقي (السرقة)، الذي انكشف إمرة في واقعة المترو، فقامت وكررت نفس الفعل في أحد الاعلانات الخاصة بأحد المشروبات، وعندما سؤلت لماذا الإصرار.. قالت إن الفنان الذي اتهمها بالسرقة هو نفسه سارق من بيكاسو، ومش مسجل لوحاته، يعني هى سرقت من سارق وبالتالي هي كده بريئة.
أي منطق هذا يا ساده ما نتابعه ونلاحظه ونعايشه، أشعر انني أعيش في عالم من اللامعقول، هل أصبحت السرقة والبجاحة أسلوب حياة لبعضنا، كل اللي حصل ان نقابة التشكيليين أعلنت تبرأها منها لعدم انتمائها لنقابتهم، يا سلام.