الأحد 14 ديسمبر 2025 04:54 مـ 23 جمادى آخر 1447هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
بقلم آدم وحوا

د.حسام بدراوي يكتب: كيف تحولت من طبيب إلى مريض

حسام بدراوي
حسام بدراوي

كتبت بعد إجراء أول تدخل جراحى لى فى ألمانيا منذ شهرين، ولم أكن أعلم حينها أننى سأمر فى مضاعفات رهيبة ومعاناة عنيفة وعمليات أخرى وعناية مركزة لمدة اثنين وخمسين يومًا، كتبت أقول: تتشابه مناحى الحياة، ولا نعرف كنهها إلا بالمرور فى تجاربها وتحمل مشقتها، والتعبير عنها.. والتطبيب واحدة من المهن الإنسانية الاستثنائية، التى لا مثيل لها والتى يخفف من خلالها الممارس آلامًا ويعالج أمراضًا ويزيل أعراضًا، ولكنه بتكرار فعله، وسهولته بالنسبة إلى مهارته، قد ينسى الجانب الآخر من صورتها، جانب أن يكون الطبيب هو نفسه المريض، أن ينسى كيف يكون الخوف من شكة الإبرة وهى تدخل من الجلد إلى الوريد أو الشريان، والألم من الفتحة الجراحية بعد العملية عند بدء الحركة. وصعوبة ما يفعله كل إنسان ببساطة فى يومه، من أن يأكل، ويتبول بدون قسطرة أو أن يكون مجرد دخول الحمام أملًا بعيدًا.

عندما ننتقل إلى الجانب الآخر من الصورة تتغير الأحوال، ويرى الطبيب أن ما يراه دلعًا من المريض عندما يتخوف ويتألم من تكرار شكة هنا وشكة هناك ربما هو أكبر فى هذه اللحظة مما يتصوره الفاعل بتكرار فعله.

الإحساس بالرهبة والخوف والألم من فقدان الوعى له ألوان تختلف تمامًا حسب موقعك من اللوحة، بين الرسام والمرسوم.
وفى تجربة شاقة، وجدت نفسى فى تجربة معكوسة، لست فيها الجراح، بل المريض، القَلِق الخائف المتألم ومشرط الجراح يقطع جلدى وعضلاتى، وبكل ما فى ذهنى من علم ومعرفة بالمضاعفات ونسب الأخطاء المهنية والظرفية، ومع ثقتى فيمَن حولى، إلا أن هذا الجانب من الصورة على كل منّا، عندما نمر به، علينا أن نتذكره، بل نُعَبّر عنه حتى لا تضيع إنسانيتنا بميكانيكية مهارتنا، فلا نرى سوى أنفسنا وعلمنا وإحساسنا بقدرتنا كأطباء، وننسى أن ذلك ما هو إلا وسيلة لإظهار الرحمة والعون على الشفاء بإذن الله.

الدورة الثانية من المضاعفات جعلتنى أرى بُعدًا ثالثًا ورابعًا لهذه اللوحة. وأنا بين الحياة والموت، بدا لى أن أينشتاين كان على حق فى نسبية الزمن، الذى ارتبط فى نظريته بالحركة، شارحًا أن الزمن يتقلص حسب سرعة الحركة، التى إن وصلت إلى سرعة الضوء يتوقف الزمن. ولكنى وفى حالتى وأنا بين الوعى واللا وعى لم أحتَج إلى الحركة لأكتشف نسبية الزمن، فقد كانت الأحداث حولى تمر، والإجراءات الطبية تُتخذ، وأنتقل من الأشعة المقطعية إلى الموجات الصوتية إلى محاولات إيجاد طريق إلى جهازى الدورى وتركيب أنابيب وتقليب فى سرير المرض وذهنى يتصور أنه قد مر يوم، إلى أن أكتشف أنها كانت دقائق، وأن الساعة مازالت فى بداية اليوم.. كيف لا يمر الزمن، وكيف لا تمر الأيام وأنا فى حالتى هذه؟!!!.

نسبية الزمن ندركها عندما نقول إن وقت البهجة والسعادة يمر سريعًا ووقت الحزن والمعاناة يمر ببطء.

أما الجانب الرابع من اللوحة فقد تكشف لى عندما كنت أحس أن الأشخاص حولى فى العناية المركزة فى ذهنى لهم بُعدان فقط وكأننى أعيش فى داخل فيلم كرتون، ولا أعود إلى البُعد الثلاثى إلا لما تمسك ابنتى أو ابنى أو زوجتى أو أختى يدى أو تُمَلس واحدة من حفيداتى على رأسى أو تحتضن ساقى، وكأن التواصل الجسدى يعود بى من عالم يخلقه ذهنى من بُعدين إلى واقع ثلاثى الأبعاد تعود به لمسة يد أو حضن إلى الواقع الحياتى.

نسبية الزمن الحياتية، ورؤيتى من عالم اللاوعى إلى ثنائية وثلاثية أبعاد الحياة حولى كانت تجربة غريبة وعجيبة لم أمر بها من قبل.

العجيب أيضًا هو الحياة وأنا مغمض العينين، ولست نائمًا، فمَن أقابلهم وأتكلم معهم فى هذه اللحظات يختفون تمامًا بمجرد فتح عينىَّ لأجد نفسى وحيدًا بين الأسلاك والأنابيب، وأن الأحداث التى تدور فى ذهنى كلها تخيلات يخلقها العقل عندما يغيب الوعى.

الوعى هو حالة عقلية يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق التى تجرى من حولنا، وذلك عن طريق اتصال الإنسان مع المحيط الذى يعيش فيه واحتكاكه به فيُتاح له إدراكه.

إن الوعى ينضج بإدراك كل ما حول الإنسان من موجودات من خلال منافذ الوعى، التى تتمثل فى حواسه التى تنقل إلى ذهنه ذلك فيُترجمها ويُركبها ويُدرك، فإذا لعب المرض والعقاقير فى قدرة استخدام منافذ الوعى لدى الإنسان يختل الوعى ويصبح أوهامًا وصورًا وأفلامًا فى العقل بلا ارتباط بالواقع.. وعند عودة الوعى قد يحاسب الإنسان غيره على قول أو فعل دار فى خياله وهو خارج الوعى بدون إدراك أن لا علاقة له بالواقع وأنه لم يحدث.

العقل البشرى بإمكانياته الجبارة فى الإبداع والابتكار هو أيضًا بوتقة ممكن أن تسيطر عليها الأوهام.

أعود إلى ما أود نقله من تجربتى المريرة إلى الآخرين، فلا هناك قيمة للحياة بدون المحبة والمودة، ووجود الأسرة والأصدقاء، والمشاعر الصادقة بلا ضغوط وبلا انتظار لمردود.

لقد رصد تلفونى الذى لم أكن أراه ومكتبى وأسرتى الكثير من التمنيات والدعوات، وأعتقد أن التأثير الجمعى لدعاء صادق من الأحبة كان له تأثير على مرورى من هذه الأزمة بسلام، مما يأخذنى إلى البُعد الخامس الإيجابى لتجربتى.

أنا رجل چيناتى متفائلة، وأعلم أن الطاقة الإيجابية تصنع فعلًا، وفى هذه المحنة وجدتنى ألجأ إلى الإيمان والدعاء إلى الله أن ينقذنى من محنتى، ويساعدنى أن أتخطى آلامى.

إن احتياجنا إلى الله مهم، وهو احتياج إنسانى وجدانى جميل ومريح. وجدتنى أدعو ربى وأنا على شفا الوقوع فى «الثقب الأسود» قائلًا:

أدعوك يا رب الأكوان كلها، أن تعفينى من آلامى وأن تقوى أسرتى وأحبائى ليتحملوا معاناتى. يا رب الجمال والكمال ساعدنى ونَور طريقى لأمر من هذه المحنة بأى نهاية تختارها لى بيسر.

الحياةُ فى عرف الناس نقيض الموت، لذلك فعندما أحسست بتسرب الحياة من جسدى وجدتنى أفكر فى الموت، ولكنى لم أستطع الإفصاح لعائلتى حتى لا أرعبهم وأخيفهم.

ولأن الحياة عندى لها مفهوم جمعى وتراكمى، ورغم أنها تخص كل إنسان بذاته، إلا أن مجموع البشر يؤثر فى بعضه البعض، والإنجازات البشرية تتراكم وتُنقل من جيل الى آخر، مما يجعل لكل مخلوق أثرًا فيمَن يأتى بعده، فالحياة ليست تجربة شخصية، بل تجربة جمعية لها أثر تراكمى.

ظل ذهنى فيما بين الوعى واللاوعى يفكر فيما تركت خلفى من إرث علمى وثقافى واجتماعى ومَن أَثّر على عائلتى وتلاميذى ومجتمعى!!.

ورفرف ذهنى قائلًا لى: إن للإنسان حيوات متعددة، ما قبل خلقه وتكوينه، تنتهى بولادته، ليخرج إلى حياة يتكون فيها وعيه وإدراكه، وهى الحياة التى نعيشها. هذه الحياة تبدأ بتكوين جسده ومعها نفسه، ووجودهما مرتبط بروحه، والتى تنتهى بخروج الروح وعودتها إلى بارئها، فيسقط الجسد وتموت النفس، أى أن مكون الحياة التى نعيشها: روح، لا نعرف كنهها؛ ونفس تحيا وتموت، وجسد وعقل يستوعبهما.

هنا أدركت عبقرية الطب، الذى احتفظ بالجسد سليمًا معافًى لمدة 52 يومًا، يتلقى غذاءه بالأنابيب، ومحفوظ من الجراثيم الفتاكة، فى انتظار إرادة إلهية بعودة الروح وإفاقة النفس إليه ليجدا الجسد حيًّا ومستعدًّا لممارسة الحياة مرة أخرى.

بعد الحياة، لا يتبقى من الإنسان إلا نتائج عمله وذكراه فى وعى مَن عاشوا معه أو تأثروا بوجوده فعلًا وفكرًا.

كل ذلك كان يدور فى ذهنى، والدرس هنا أنه مهما آمنّا بالعقل والعلم والمعرفة، تتبقى راحة الإيمان بالله، وبالطاقة الإيجابية الجمعية لدعاء الأحباء، فشكرًا وامتنانًا لكل مَن دعا لى وتمنى شفائى.

حسام بدراوي

أسعار العملات

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 47.5123 47.6114
يورو 55.4801 55.6053
جنيه إسترلينى 63.4669 63.6040
فرنك سويسرى 59.3978 59.5291
100 ين يابانى 30.7423 30.8084
ريال سعودى 12.6598 12.6869
دينار كويتى 154.8035 155.1768
درهم اماراتى 12.9356 12.9636
اليوان الصينى 6.7185 6.7329

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 6430 جنيه 6405 جنيه $135.24
سعر ذهب 22 5895 جنيه 5870 جنيه $123.97
سعر ذهب 21 5625 جنيه 5605 جنيه $118.34
سعر ذهب 18 4820 جنيه 4805 جنيه $101.43
سعر ذهب 14 3750 جنيه 3735 جنيه $78.89
سعر ذهب 12 3215 جنيه 3205 جنيه $67.62
سعر الأونصة 199950 جنيه 199240 جنيه $4206.45
الجنيه الذهب 45000 جنيه 44840 جنيه $946.68
الأونصة بالدولار 4206.45 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأحد 04:54 مـ
23 جمادى آخر 1447 هـ 14 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:10
الشروق 06:43
الظهر 11:50
العصر 14:38
المغرب 16:56
العشاء 18:19