جمال قاتل.. كيف تحوّل حلم الفتيات بـ”اللمسة التجميلية” إلى كابوس يهدد الحياة؟


في الأيام الأخيرة، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بقصة مأساوية جديدة تُضاف إلى سجل طويل من "ضحايا التجميل"، بعدما توفيت شابة أثناء خضوعها لحقن تجميلي قبل زفافها بأيام داخل أحد المراكز الراقية بالتجمع الخامس.
القضية لم تمرّ مرور الكرام، بل أعادت فتح ملف "النصب باسم الجمال"، حيث تتحول بعض مراكز التجميل إلى ساحات تجارب، تتاجر بأحلام النساء ورغبتهن في الجمال السريع، وتخفي خلف الأضواء الزائفة قصص ألم وفقد.
عروس حلوان.. الجمال الذي انتهى بالموت
اقرأ أيضاً
السمنة وصحة البشرة.. كيف تؤثر البدانة على الأمراض المزمنة للجلد وسبل الوقاية؟
طرق العناية بالبشرة في الصيف.. الأقنعة المثلى لمظهر نضر
الصحة تفجر مفاجأة بشأن آليات الوقاية من الأمراض الجلدية الصيفية
الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر: تفشى اليرقان والأمراض الجلدية والتنفسية بغزة
احذر من الحرارة.. اعرف الأمراض الجلدية الشائعة في فصل الصيف وطرق الوقاية
هاني الناظر يعلن عن أقوى علاج من الطبيعة للصدفية بمنطقة سفاجا
حبوب الشباب وتأثير الهواتف الخلوية على المرضى.. إسلام صبحي يوضح
القصة الكاملة لـ مواطنون يستخدمون مياه الصرف الصحي بزعم أنها تشفي من الأمراض الجلدية بالبحيرة
تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة.. تعرف على أخطر الأمراض الجلدية إصابة للأطفال
اطفال المخيمات السوريين وانتشار الأمراض الجلدية ..تفاصيل
القصة التي هزّت الرأي العام كانت إسراء كرم، عروس لم تتجاوز الخامسة والعشرين، ذهبت لإجراء تعديل بسيط في وجهها قبل زفافها بأيام. دقائق قليلة بعد الحقن كانت كفيلة بتحويل الفرح إلى مأساة.
فقدت الوعي فجأة، ودخلت في غيبوبة، قبل أن يتضح أن المادة التي حُقنت بها مغشوشة والمكان بلا ترخيص. وبعد أيام قليلة، فارقت الحياة تاركة سؤالًا موجعًا: كم امرأة يجب أن تدفع حياتها ثمن الجهل والفوضى باسم الجمال؟
التجميل يتحول إلى تجارة خطيرة
تقول الدكتورة رضوى عراقي، أخصائية الأمراض الجلدية بجامعة شبين الكوم، إن ما يجري اليوم تحت اسم "الحقن التجميلي" لم يعد ممارسة طبية بالمعنى العلمي، بل فوضى تجارية تستغل رغبة النساء في الكمال.
وتوضح أن المواد المغشوشة أصبحت تغزو السوق، تُعبّأ في عبوات أصلية أو تُحقن داخل سرنجات ملوثة، بينما لا أحد يعرف حقيقتها.
بعضها مواد كيميائية مخصصة للأغراض الصناعية، لكنها تُباع كـ"فيلر أوروبي أصلي".
وتحذر الطبيبة قائلة:"ما يُحقن اليوم في وجوه النساء خارج العيادات المعتمدة لا يختلف عن السم، الفارق فقط في الوقت الذي يحتاجه ليُظهر أثره."
آثار لا تزول.. وثقة لا تُسترد
الضحايا لا يفقدن وجوههن فحسب، بل يفقدن ثقتهم بأنفسهن.
المواد المغشوشة قد تسبّب:
ـ تكتلات وتشوهات دائمة في الوجه.
ـ انسداد الأوعية الدقيقة وتلف الأعصاب.
ـ فقدان الإحساس أو الحركة في منطقة الحقن.
ـ حساسية حادة قد تصل إلى الاختناق.
ـ فقدان الملامح الطبيعية واستحالة الإصلاح الكامل.
أما البوتوكس المغشوش، فهو خطر آخر، إذ يُباع في الأسواق منتهي الصلاحية أو مقلدًا، وقد يؤدي إلى شلل في عضلات الوجه أو غرغرينا في مواضع الحقن.
“خصم 70%”.. فخ الجمال الزائف
تُغري الإعلانات على مواقع التواصل الكثير من الفتيات، بعناوين براقة مثل “جلسة بوتوكس مجانية” أو “خصم كبير على الفيلر الأوروبي”.
لكن وراء تلك العروض، فوضى عارمة، كما يوضح تقرير نشره موقع Taega.
فالإجراءات التجميلية ليست "روتين عناية"، بل تدخلات طبية تحتاج إلى تعقيم، تشخيص، ومتابعة دقيقة.
الإهمال في أي خطوة منها قد يسبّب التهابات، نزيفًا تحت الجلد، أو موتًا لخلايا الوجه نتيجة انسداد الأوعية الدموية الدقيقة.
والأخطر، أن حتى من تنجح معهن الجلسات في البداية، يدفعن الثمن لاحقًا، لأن تكرار الحقن يُضعف الجلد ويسرّع من ظهور التجاعيد. وهكذا، يتحول بحث المرأة عن الشباب إلى طريق أسرع نحو الشيخوخة.
مراكز بلا ترخيص.. والمتضرر الأكبر “النساء”
يرى الأطباء أن الأزمة لا تكمن في الفيلر أو البوتوكس بحد ذاته، بل فيمن يستخدمه.
فالكثير ممن يقدمون أنفسهم كـ"خبراء تجميل" عبر وسائل التواصل لم يتلقوا أي تدريب طبي حقيقي، ويعتمدون على فيديوهات قصيرة لا علاقة لها بعلم التشريح أو أسس الحقن الآمن.
النتيجة: تشوهات، إصابات، ومآسٍ إنسانية تدفع ثمنها النساء في المقام الأول.
حقائق لا تعرفها كثير من النساء
بحسب تقارير طبية من Health Harvard وCanadian Aesthetic Council، فإن:
ـ الفيلر قد يؤدي إلى انسداد وعائي خطير يوقف تدفق الدم عن خلايا الوجه.
ـ البوتوكس مستخلص من سمّ البوتولينوم، ويحتاج إلى دقة شديدة في الاستخدام.
ـ الحقن التجميلية عمومًا ليست بلا مخاطر، بل تتطلب إشرافًا طبيًا صارمًا.
ـ نصيحة لكل امرأة قبل الحقن
ـ قبل اتخاذ قرار التجميل، تذكّري أن الجمال الحقيقي يبدأ من الوعي.
ـ اختاري طبيبًا متخصصًا مرخصًا، لا “خبير تجميل” على إنستجرام.
ـ لا تنخدعي بالعروض المذهلة والأسعار المخفّضة.
ـ تحققي من العبوة ومصدر المادة قبل الحقن.
ـ استشيري طبيبك فور ملاحظة أي أعراض غير طبيعية.
في النهاية، الجمال لا يُشترى بالإبرة، بل يُصان بالعقل.
وربما آن الأوان لأن تتوقف النساء عن ملاحقة “الوهم اللامع” الذي يبيعه البعض، فكم من فتاة دخلت مركز تجميل لتُصبح أجمل، وخرجت منه محطّمة.. أو لم تخرج أبدًا.