هالة فهمي تكتب: جوائز وحكايات


كل عام مع إعلان نتائج الجوائز يحدث نفس السيناريو مع إختلاف الحوار لإختلاف الشخصيات بالتأكيد .. والسبب الرئيس هو أننا كمثقفين نعاني من حالة مراهقة مزمنة في وريد الديمقراطية الذي يسري في عقولنا .. لم نصل بعد لحالة من النضج .. وهذا لا يعني النزاهة الكاملة في تحكيم جوائز الدولة !!
فهذا لن يحدث أبدا .. ومن يتتبع تاريخ الجوائز منذ منحت وحتى الأن سيدرك قولي .. كل فائز له شلته وحواريه يهللون لفوزه وكل خاسر .. يهلل اتباعه بأن الظلم وعدم المصداقية يجب أن ترفع عن كاتبهم .. وهذا شيئ طبيعي - الإختلاف - وبما أننا بشر ولا نمتلك العدل وإن كان بعضنا يحاول الوصول إليه .. لكنه صفة إلهية وبالتالي لن يتحقق على الأرض.
لذا وجب علينا أن ننضج ونفهم أن ما يحدث هو ناموس الحياة وسيستمر مادمنا بشر .. يفوز (س) من الفائزين فيفرح له أتباعه ويغضب أتباع (ص) وهكذا .. وهناك أيضا الجانب الآخر وهو جزء عن عدم مصداقية اللجان بنسبة النصف تقريبا ولهذا حكايات وروايات لا تنساها الذاكرة تدلل على عدم العدل المطلق لمنح الجوائز .. منها :
حكاية الأديب والروائي الكبير الذي تجاوز السبعين من عمره وأقسم بالطلاق على الملأ بأنه إن لم يحصل على جائزة الدول في عامه هذا سيلقي بنفسه من نافذة المجلس الأعلى .. فحصل عليها في زمن وزير الثقافة فاروق حسني .
حكاية أخرى عن أدباء منحت لهم لأنهم يزوجون أولادهم أو سيجرون جراحات كبيرة .. وبهذا تخرج قيمة الجائزة كمنحة من الوزير متقمصا دور وزير التضامن الإجتماعي .. مع أنه يملك أن يفعل هذا بعيدا عن الجوائز فتصبح الجائزة خالصة لوجه الإبداع .. ونوافذ الصرف كثيرة في وزارة الثقافة .. لكنه قانون المنع والمنح .
حكاية أخرى في التشجعية لكاتبة شابة وقتها أبلغها يوسف الشاروني وهو أحد أعضاء لجنة الجوائز بل رئيسها في هذا العام أنها الفائزة .. وبعد أن أبلغت سرا قبل إعلان النتيجة بساعات .. تغيرت النتيجة ومنحت لكاتب آخر كمنحة له لدعمه الوزير في حرب صحفية كانت ضده .. وأسقط في يد رئيس اللجنة يوسف الشاروني وأعتذر وطلب بخوف عدم فضح أمره والتزمت الكاتبة الصمت تقديرا للكاتب الكبير .
حكايات وروايات . هناك حكاية ولكنني لا أملك الدليل عليها بمناصفة الجائزة مع عضوين لجنة بشرط حصول المبدع الكبير فلان الفلاني عليها .
الحكايات كثيرة لا تنتهي
ولكن مع كل الحكايات حكاية لا أنساها وهى جائزة مبارك سابقا النيل حاليا .. في عام رشح لها الكاتب أنيس منصور والأستاذ الدكتور شوقي ضيف رئيس المجمع اللغوي وأستاذ أساتذة الآداب في عالمنا العربي كله .. والكارثة أنهم منحوها لأنيس منصور على أن يحصل عليها شوقي ضيف العام التالي .. وهذا إن دلل على شيئ فلا أكثر من جهل اللجان لقيمة شوقي ضيف الذي سارعت المملكة العربية السعودية بمنحه جائزة الملك فيصل أكبر وأهم جائزة على مستوى العالم العربي !!
وقد طلبت منه وكنت من المقربين إليه ألا يقبل جائزة مبارك بعد أنيس منصور لكنه أجابني بأن هناك أمور تجعله يقبل مالا يجب قبوله .. فألتزمت الصمت !!
حكايات كثيرة تملأ التاريخ .. بين الفائز وحوارييه .. وبين وزارة الثقافة ولجانها .. لكنها كلها تؤكد على شيئ مهم وهو أن تحقيق العدالة في هذا الجانب نسبية .. وسيظل معجم السب والقذف بين الفريقين قائم ومتطور .
كل هذا لا يعني عدم أحقية الكثير ممن فازوا بها .. أومجاملات بينة وكبيرة لبعض من فازوا بها ظلما وعدوانا على الثقافة .. وكل عام والحال هو الحال .. ومبروك للفائزين المستحقين .. ولا عزاء للمنتظرين العمر كله لبعض حقوقهم .
وهذا لا يتنافى بأن المبدع الحقيقي ليس من تكرمه جائزة .. بل من يثقل اسمه تلك الجائزة .