حنان المقوب.. من صندوق أمام مسجد إلى حضن العائلة بعد عقود من الفقد


قصة الإعلامية الليبية حنان المقوب تجسّد مأساة إنسانية تحمل في طياتها أوجاعًا وأملًا، وكأنها مشهد سينمائي يلامس القلوب.
بدأت القصة في أوائل عام 1981 بمدينة بنغازي، حيث عُثر على رضيعة عمرها يومان فقط داخل صندوق وُضع أمام أحد المساجد.
كانت الطفلة قد اختُطفت من المستشفى وأُطلق عليها في دار الأيتام اسم "فردوس عبد الله"، قبل أن تتبناها عائلة ليبية أسمتها "حنان"، لتبدأ مسيرة حياة مليئة بالمفاجآت.
اقرأ أيضاً
تربّت حنان في كنف والديها بالتبني حتى بلغت السادسة والعشرين من عمرها، لكن بعد وفاتهما، تدخّل عمّها بالتبني وواصل الوصاية القانونية عليها للحيلولة دون إعادتها إلى دار الأيتام.
وعلى مدار السنين، خاضت حنان رحلة بناء ذاتها، فبرعت في مجال الإعلام وأصبحت مدافعة عن حقوق الإنسان في ليبيا.
ولم تقف عند ذلك، بل لجأت لاحقًا إلى مصر لتبدأ حياة جديدة وهناك دشّنت صفحة على تطبيق تيك توك وقدّمت برنامجها الذي لاقى انتشارًا واسعًا تحت اسم "تعال نحكيلك".
لكن القدر كان يُخبئ لحنان أكثر مما تخيّلت. خلال إحدى الحلقات المباشرة من برنامجها على تيك توك، انضم شاب ليبي يُدعى عمر موسى ليشارك حكايته الصادمة.
تحدّث عن والدته التي أُجبرت على الإنجاب في سن الرابعة عشرة وأُبلغت حينها بوفاة طفلتها حديثة الولادة، لكنها ظلّت تؤمن أن ابنتها لا تزال على قيد الحياة.
المفاجأة حدثت عندما رأت والدته وجه حنان صدفةً عبر البث، فأطلقت صرخة مليئة بالأمل والدموع قائلة: "هذه ابنتي".
مع تشابه تفاصيل قصة الأم الليبية مع تاريخ ميلاد حنان وحياتها، شعرت الإعلامية بصدمة جعلتها تغلق البث وهي ترتجف.
لكن الحقيقة بدأت تتكشف شيئًا فشيئًا. أجرت حنان فحص الحمض النووي لتتحقق من الانتماء العائلي، وجاءت النتيجة تؤكد بأنها حقًا الابنة المفقودة وأن عمر موسى هو شقيقها.
في إحدى مقاطع الفيديو المؤثرة، كشفت حنان عن مشاعرها قائلة: "ظننت أنني مجهولة النسب طوال عمري، ثم اكتشفت عائلة تمتد مني وأمّا تشبهني، وأعمامًا وخالات يحتضنونني وقبيلة تنتظرني".
وبحلول التاسع والعشرين من مايو 2025، كان مطار القاهرة الدولي شاهدًا على لقاء تاريخي جمع حنان بعائلتها البيولوجية.
احتضنت والدتها التي انتظرتها عقودًا وهي تحمل باقة زهور وتغالب دموع الفرح بينما عانقت أسرتها لأول مرة. كان اللقاء مشهدًا إنسانيًا استثنائيًا يعكس انتصار الحب والأمل رغم سنوات الفراق والوجع.