باسم شريف يكتب: الجدار (ضحكة امرأة عجوز)


هل لديكِ علم انني ..
لا اقوى على الغناء ولا الضحك .. لكنني اغني واضحك ..
واهمس لنفسي " سنلتقي "
لعل الضجيج ينسج من الفوضى لحظة تذيب المسافات والقلق ..
هل لديك قلق من انني ..
لم احب يوما حصة الدين بالمدرسة ؟
ولا مدرس الدين بالمدرسة ؟
ولا غلاف كتاب الدين بالمدرسة ..
ولا شيء سواك احببته بالمدرسة ..
هذه هي الحقيقة البائسة ..
فكيف لي ان احفظ ما تيسر ، خوفا وذعرا من التعذيب والترهيب ؟؟
كيف لي ان اظل بالفصل هادئا .. بينما ترتعدين بين يدي المُدرسة ؟!
فلتأذني لي بالهروب والغياب ..
حتى اذا كان الذي بانتظارنا ..
حصة الالعاب ..
فلقد راودني اليأس على شرف الذهاب ..
واختفيت انت وابتسامتك وراء الضباب ..
وشقيقك الغبي الذي يكرهني ، دائما ما ارى في عينيه السُباب ..
بعد ان تلطخت يداه بحمل عصا المدرس المقدسة ..
مقدما له قرابين الطاعة العمياء ، والمودة المدنَسة ..
انا لا احب ايضا حصة اللغة العربية ، ولا الحساب ولا العلوم ،،
ولا حصة التاريخ ..
حتى حصة الرسم . لا اريد ان ارسم في ذكرى يوم النصر ..
صورا عن الحرب .. والدم ..
كنت دوما اريد ان ارسمك على الجدار بالفصل .
لكن زميلي هو من يجلس الى جانب الجدار ،،
وقد علق عليه قصيدة مديح لمدرس القراءة ..
بينما يتحدث عنه في دورة المياه بمنتهى البذاءة ..
هل تلاحظين نظراتي اليكي اثناء تحية العلم ؟؟
هل تشعرين بقلبي الهائم في حلقات ذكرك ؟؟
هل يضجرك جسدي الصنم ؟
هل تمقتين مثلي طلاب الشرطة المدرسية العسس ؟؟
هم يرتجلون اناشيد الذل في ساحات البراءة ..
ولا نملك نحن سوى الخرس ..
الان اخبرك ايضا انني لم احب يوما الانشطة ..
الثقافية منها والترفيهية ..
لم اشعر يوما انني املك قدرات ابداعية ..
الا وانا اشاهدك تلعبين ، ولست مرغمة على تنظيف الفصل ..
وقتها اكون انا مجبرا على قراءة نشرة اخبار العبث،
بالاذاعة المدرسية ..
اخبرك ايضا لم احب يوما الاذاعة المدرسية ..
ولا الكتب المدرسية ..
ولا الازياء المدرسية ..
انا احب امرأة عجوز ، تبيع الحلوى أمام الباب .
تضحك في وجهي فتلهمني ، ويموج بالصدق احساسي ..
فادخل غير عابئا بما في يومي الدراسي ..
......................
.....................
الان وقد كبرنا ، وكبرت ازمات الطفولة ورافقنا الشجن ..
وعانقتنا المحن ..
اخبرك انني في سجن صغير ..
ويتولى التحقيق في القضية .. شخص تعرفينه جيدا ..
شقيقك الذي يسبني الان منتشيا ..
ويود لو اني في سجني مخلدا ..
لكنني لم اكره السجن يوما ..
فلقد استطعت ان ارسم صورتك على الجدار المهزوز ..
والى جانبها ..
ضحكة امرأة عجوز ..