كارثة بيئية تلوح في الأفق: مدن كاليفورنيا الكبرى تغرق في المحيط بحلول 2050

كشفت دراسة حديثة أجرتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" عن خطر محدق بساحل كاليفورنيا، حيث ستشهد مدن رئيسية مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو معدلات غرق غير مسبوقة في المحيط، ويعد هذا التهديد البيئي بالغ الخطورة، خاصة أن ولاية كاليفورنيا، التي تضم قرابة 40 مليون نسمة، يعيش 68% منهم على امتداد سواحلها.

وبحسب ما نقلته صحيفة ديلي ميل البريطانية، فقد تعاون علماء مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا" مع خبراء من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) لدراسة أكثر المناطق عرضة للغرق نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، وقد كشفت نتائج البحث أن معدل ارتفاع المياه قد يتجاوز التوقعات السابقة بأكثر من الضعف في مناطق بعينها داخل سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس بحلول عام 2050.



الأرض تغرق بالتوازي مع ارتفاع المياه

يرجع هذا التسارع الخطير إلى ظاهرة مزدوجة؛ فمن جهة، تؤدي التغيرات المناخية إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، ومن جهة أخرى، تغوص بعض أجزاء كاليفورنيا تدريجيًا نحو الأسفل، مما يعزز تأثير الغمر الساحلي، وتشير التقديرات إلى أن مستوى سطح البحر في لوس أنجلوس سيتجاوز القدم (12 بوصة) خلال الـ25 عامًا المقبلة، بينما قد يصل إلى 17 بوصة في بعض مناطق خليج سان فرانسيسكو مثل مدينة سان رافائيل.

وتُظهر الخرائط الحديثة التي أعدها علماء "ناسا" أن المناطق الأكثر عرضة للغرق تم تمييزها بألوان زرقاء داكنة، مما يعكس خطورة الوضع في تلك المناطق.

التكنولوجيا تكشف حجم الأزمة

استعان الباحثون برادارات الأقمار الصناعية لتتبع حركة الأرض الرأسية، التي تشمل ارتفاعها أو انخفاضها عبر أكثر من ألف ميل من ساحل كاليفورنيا، وقد أظهرت البيانات أن هذه التحولات الأرضية تنتج عن الأنشطة البشرية، مثل ضخ المياه الجوفية وحقن مياه الصرف الصحي، إلى جانب العوامل الطبيعية مثل حركة الصفائح التكتونية.

وشملت الدراسة تحليل بيانات الرادار من أقمار صناعية تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، بالإضافة إلى قياسات من محطات أرضية متصلة بأنظمة الملاحة العالمية عبر الأقمار الصناعية، وقد جُمعت هذه البيانات بين عامي 2015 و2023، ما مكّن الباحثين من رصد التغيرات الزمنية في ارتفاع الأرض وتحديد "النقاط الساخنة" الأكثر عرضة للغرق.

أخطر المناطق المعرضة للغرق

في منطقة خليج سان فرانسيسكو، تعد مدن سان رافائيل وكورتي ماديرا وفوستر سيتي وجزيرة باي فارم من بين المناطق الأكثر تضررًا، حيث تغرق بمعدل يزيد عن 0.4 بوصة سنويًا بسبب انضغاط الرواسب الأرضية.

كما أن بعض مناطق لوس أنجلوس، مثل شبه جزيرة بالوس فيرديس، تشهد معدلات غرق متسارعة نتيجة الانهيارات الأرضية، وتشير تقارير ناسا إلى أن هذه المنطقة تنخفض باتجاه المحيط بمعدل مذهل يصل إلى أربع بوصات أسبوعيًا، مما يشكل تهديدًا مباشرًا على سكانها البالغ عددهم 11 ألف نسمة.

أما شمال كـاليفورنيا، فتشهد البحيرات والمستنقعات المحيطة بخليج سان فرانسيسكو وخليج مونتيري تآكلًا مستمرًا، مما يزيد من خطورة الوضع البيئي.

مناطق أخرى تواجه أزمة الغرق

رغم أن المناطق الوسطى من كاليفورنيـا ليست ساحلية، إلا أن ظاهرة غرق الأرض فيها أكثر تطرفًا، إذ يتسبب الضخ المفرط للمياه الجوفية في هبوط التربة بمعدل يصل إلى ثماني بوصات سنويًا، مما يهدد البنية التحتية للمنطقة.

ووفقًا للتقديرات الحديثة، من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر في كاليفورنيا ما بين 6 إلى 14.5 بوصة فوق مستويات عام 2000 بحلول منتصف القرن الحالي، وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Science Advances، محذرةً من التداعيات الوخيمة التي قد تواجهها الولاية ما لم يتم اتخاذ تدابير جادة للحد من هذه الأزمة البيئية المتفاقمة.