وفاء أنور تكتب: الحياة ورصيد الابتسامات


كلنا نعيش الحياة بأعبائها، بمسئولياتها، نحمل أقدارنا ونسير في رحلتنا التي كتبها لنا الله، لا أحد منا يحيا حياة وردية تملؤها الأحلام على الدوام، لكن هذه الابتسامة هى سر من أسرار الحياة، أمل جديد يرتسم على الشفاه، لا تتعجب إن رأيت بعض الناس يداومون على الابتسام -رغم الأسى- رغم الألم، فهم يفعلون ذلك من منطلق إيمان تام برحمة ربهم، وبأن العبوس لن يحل المشكلات.
كأن الابتسامة التي يطلقها هذا الإنسان أو ذاك تسخر من صراع داخلي دائر بلا هوادة، تستفز بداخلهم هذا الحديث الطويل الذي لا أخر له ولا انتهاء، إن سر ابتسامة هؤلاء آتية من قلب شعور بالغ بإدراك تام لحقيقة ومعنى الحياة، من فهم دقيق لها، فهى منذ البداية وإلى الآن لا تستحق كل هذا الجَهد وهذا العناء.
ابتسامة واحدة قد تنجيك من خطر مرض، فالرضا معقود بالنجاة، مرتبط بالسلام، قد تخفي خلف الابتسامة ما بداخل نفسك من مكنونات لأشياء، ترسل بسعادة تمنحها لمن حولك، تبادر في تقديم الخير وتستمتع بلذة العطاء، انظر للحياة على حقيقتها ولا تبالغ في حبها متناسيًا أنها ستمر سريعًا مهما طالت.
كن على ثقة بأن جبر الله آت، وبأن فرجه أقرب ما يكون إليك فاصبر، ذكر نفسك بذلك ولا تنس أنه ربك ومولاك، احذر من صراع دائر في جوف ليل، أو في ساعات من نهار، تجنب شعور دائم برغبة منك في الحصول على كل شيء برغبة في الاستحواذ والامتلاك.
انتبه أيها المغتر بها واعلم أنها مجرد حلم نهايته يقظة، كن على نفسك رحيمًا ولا تجعلها تدور بك في حلقات مفرغات من شد وجذب، من تربص واستنفار، لا تبال بهؤلاء الذين يلومونك في كل قول أو عمل، غادرهم، فمن يراك منهم بعين قلبه سوف يلتمس لك الأعذار، وأما من هو دون ذلك فلا حاجة لك به الآن، ابتعد عنهم وصن قلبك.
دع ابتسامتك تسبقك دون خوف أو مبالاة، تعود أن تلملم جراحك، تخفيها عن هذا وعن ذاك، تحمل الأمر بشجاعة، وإياك أن تشمت بك الأعداء، احتضن ألمك بكل رضًا؛ فأمرك كله مآله إلى الله، اضمم جناحك عليه واحذر أن تروي تفاصيله لكل عابر، فهو في النهاية لا يملك من أمر نفسه شيئًا، فاترك أمرك كله لله.