الأحد 21 ديسمبر 2025 06:31 صـ 1 رجب 1447هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
بقلم آدم وحوا

د. طارق عرابي يكتب: استبيان .. في عِلل الأوطان!

د. طارق عرابي
د. طارق عرابي

الجهل والفقر هما أقوى أدوات صناعة الخوف وحجب حرية الفكر والإبداع وإجهاض فرص التقدم والارتقاء بمستوى الفرد والمجتمع في أي وطن يعاني منهما. ويقتات عليهما ويتسلح ويتفحل بهما خصمان متنازعان على الدوام ويتمثلان في سلطة فاشلة أو ظالمة أو مصابة بالآفتين معاً، أما الطرف الأخر فيتمثل في جماعات الأيديولوجيات المتطرفة فكرياً أو عرقياً أو دينياً، وقد يصادف أن تشمل سلطة بعض الدول جماعات الأيديولوجيات المتطرفة، ورغم اختلاف وسائل استغلال الفقر والجهل عند هذين الخصمين إلا أنهما متساويان في خوفهما من محو الجهل بشيوع المعرفة وإنهاء الفقر بعدالة التوزيع. فالسلطة الفاشلة والظالمة تستغل الجهل والفقر بسياسة "العقاب والحرمان"، بينما تستغلهما جماعات الأيديولوجيات المتطرفة بسياسة "التودد والعطاء"، وإن تمكن أصحاب الأيديولوجيات المتطرفة من حكم وقيادة مجتمعاتهم الجاهلة والفقيرة فإنهم سرعان ما يستبدلون سياسة "التودد والعطاء" بسياسة "العقاب والحرمان".

أما أخطر عواقب الجهل والفقر وأساليب استغلالهما وأثر ذلك على المجتمع فيتثمل في سرعة تنامي المخزون التراكمي من طاقة الإحباط واليأس الكامنة بعقول ووجدان الناس، وخاصة الشباب، تلك الطاقة التي ستصبح كارثية وتدميرية إن بلغت مع الناس حد "لم يعد لدينا ما نخسره"، وأحذر نفسي وجميع أفراد المجتمع مواطنين ومسئولين بعدم التغافل عن هذا الخطر الكامن والذي قد ينفجر بين ليلة وضحاها، وهو ما لا يتمناه أي مواطن عاقل ومحترم ولديه ولو ذرة محبة وإخلاص ووفاء لبلده وأهل بلده. وعلى كل واحد منا القيام بدوره التنويري والاجتماعي من خلال مجال عمله المهني.

إن الإنسان هو جوهر التنمية والتحول في أي مجتمع، ومن الثابت عملياً أن نجاح وتميز أي مجتمع لا يمكن إدراكهما إلا بنجاحِ وتمَيُزِ الغالبية العظمى من أبناء هذا المجتمع. والنجاح والتميز الجماعي لا يُعقل أن يتحققا بالاعتماد على الأسرة فقط أوعلى مجهود كل فرد على حده، ولن يتحقق النجاح والتميز الجماعي في أي مجتمع مالم يتم ترسيخ مفاهيم منضبطة والتأسيس لنظم ثورية تحمل حلولاً تطبيقية للمستقبل القريب والبعيد وعلى أن تكون قابلة للتطوير المستمر، مفاهيم منضبطة يحميها المواطن قبل المسئول ومظلة نظم ابتكارية فاعلة يستظل بها الجميع دون استثناء.

إن الفوضى الأخلاقية والثقافية والمعرفية لدى العامة ونقص مصادر المعرفة واهتزاز ميزان العدالة الاجتماعية وغياب الرؤى الاستراتيجية بعيدة المدى عند المسئولين واختلال معايير التقييم والفرص المتاحة والاختيار، وتقييد الحريات والتضييق على المبدعين والمبتكرين، مع استمرار صلابة نفوذ شبكات الفساد داخل الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وفشل الأجهزة الرقابية في السيطرة على منابع الفساد في الدولة، بالإضافة إلى حالتي الشيخوخة والترهل في الجهاز الإداري للدولة وافتقاده كذلك لحلقة البحث والتطوير والدراسات المستقبلية في بنيانه الرئيسي، كلها معاً تمثلُ سداً منيعاً أمام الوصول إلى أي نقطة نجاح أو تحقيق أي تقدم.

وعندما أصل بحديثي إلى الوطن الغالي مصر، فإن التغيير والعبور لآفاق غدٍ أفضل يتطلبُ منا جميعاً، مسئولين ومواطنين، أن نتوقف عن التفكير في إيجاد حلول "اليوم الواحد" وأن نسمو فوق رغباتنا الشخصية وما نريده لأنفسنا لننتقل بتفكيرنا إلى كيفية حماية مستقبل أبنائنا وأحفادنا، حتى نجنبهم استكمال المسيرة تحت نفس النيران التي اكتوينا بها على مدى عقود من الزمن، ولن يتأتى ذلك إلا بتحطيم الكثير من المفاهيم والقواعد والقوانين العقيمة التي أثبتت عملياً أنها كانت ولا زالت أدواتاً تساهم في تدهور حال الوطن والمواطن فكرياً وعلمياً وأخلاقياً وثقافياً واجتماعياً وصحياً واقتصادياً.

وينبغي على المفكرين والمثقفين وأصحاب العلم والمعرفة ومكارم الأخلاق أن يتوقفوا في مجتمعات الجهل والفقر عن تحفيز عامة الناس على ثورات الغضب والنزول إلى الشوارع، لأن ذلك سيخلف فوضى عارمة وسيؤدي إلى مزيد من الخراب وتدهور الأحوال الأمنية والمعيشية للمواطنين، فالثورات في المجتمعات التي يطال فيها الجهل والفقر النسبة الأكبر من مواطنيها ما هي إلا وسيلة رافضة للواقع ولكنها لن تكون بذاتها أبداً صانعة لمستقبل أفضل، وهذا لا يعني بلادة الحس أمام معاناة الناس، وإنما يؤكد حقيقة أنها إن لم تأتِ كخطوة سبقتها رحلة طويلة من التنوير ونشر الوعي والمعرفة بين جموع الناس، وإن لم تكن ملحوقة بخطوات تنموية وتنظيمية أعِدت مسبقاً في خطة استراتيجية وطنية كاملة لصناعة المستقبل الأفضل لتلك المجتمعات فإن أضرارها ستسحق فوائدها، وهنا أتحدث عن الثورات ذاتها وليس عن تقييم قدرات من قاموا بها، فالثورة في مثل تلك المجتمعات يكون وقودها الأساسي هو الغضب الناتج عن الإحساس بالقهر والظلم في لقمة العيش والعدالة الاجتماعية أكثر من الغضب على تقييد الحريات والتضييق على المفكرين والمبدعين، وهناك فرق كبير بين أن أرفض وأثور لأنني "أجوع" أو أشعر بالظلم والمذلة وبين أن أرفض وأثور لأنني "أعرف" وأريد أن أتمكن ويتمكن معي كل من "يعرف"، ولذلك فإن أقصى ما تستطيع أن تحققه الثورات في مجتمعات الجهل والفقر هو إزاحة من صنعوا أوساهموا في صناعة هذا الواقع المرير دون أدنى إدراك بما هو قادم وما هو البديل لتغيير الواقع ذاته، فقد تزيح تلك الثورات صانعي ذاك الواقع المرفوض بينما يبقى حال الواقع كما هو عليه مالم يبدأ الجميع مرحلة البناء والعمل على خطة واضحة لتأسيس واقع جديد يرتضيه الجميع.

ورغم تلك الحقيقة المرة حول ثورة 25 يناير 2011، إلا أن إحدى محاسنها تمثلت في براءة ونقاء ووطنية كثيرين ممن شاركوا فيها وكذلك لكونها خطوة جديدة عبرت عن ميلاد "إمكانية كامنة" ماحية للخوف والــ "أنا"، ولم نكن نتوقع أنها ستصبح أداة بهذه القوة، ولكن لأنه لم يكن هناك من يستثمرها في بناء الوطن، تظل خطورة مثل هذه الثورات كائنة طالما وُجد بيننا من يمكن أن يستغلها في غير صالح الوطن والمواطنين، وما يزيد من خطورتها هو جاهزية راغبي الهدم بخطة مسبقة مع افتقار راغبي البناء لأي خطة واضحة تجمعهم أهدافها الوطنية الواحدة ولا تفرقهم وسائلها المتباينة، ذلك لأن مجتمعات الجهل والفقر ليس لديها "رفاهية" اعتماد ثقافة الاختلاف الصحيحة.

إن عمر الثورات الحقيقية التي جلبت الخير لأوطانها ليس قصيراً كما يمكن للبعض أن يعتقد، فالثورة التي يناضل ويعاني أصحابها منذ مراحلها الأولى للعمل على تغيير هندسة قاعدة وجسد ورأس الهرم بالتنوير ونشر المعرفة هي الثورة الوحيدة القادرة على إزاحة الفاسدين و"تغيير النظام الفاشل والفاسد" دون إراقة أية دماء ودون التسبب في خسائر فادحة للوطن والمواطنين، وتلك هي الثورات التي أسميها "ثورات التنوير والإدراك والمعرفة"، وهي الثورات الإيجابية والفعالة التي تحتاج إليها مجتمعات الجهل والفقر بأي مكان في العالم.

د. طارق عرابي طارق عرابي

أسعار العملات

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 47.5123 47.6114
يورو 55.4801 55.6053
جنيه إسترلينى 63.4669 63.6040
فرنك سويسرى 59.3978 59.5291
100 ين يابانى 30.7423 30.8084
ريال سعودى 12.6598 12.6869
دينار كويتى 154.8035 155.1768
درهم اماراتى 12.9356 12.9636
اليوان الصينى 6.7185 6.7329

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 6430 جنيه 6405 جنيه $135.24
سعر ذهب 22 5895 جنيه 5870 جنيه $123.97
سعر ذهب 21 5625 جنيه 5605 جنيه $118.34
سعر ذهب 18 4820 جنيه 4805 جنيه $101.43
سعر ذهب 14 3750 جنيه 3735 جنيه $78.89
سعر ذهب 12 3215 جنيه 3205 جنيه $67.62
سعر الأونصة 199950 جنيه 199240 جنيه $4206.45
الجنيه الذهب 45000 جنيه 44840 جنيه $946.68
الأونصة بالدولار 4206.45 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأحد 06:31 صـ
1 رجب 1447 هـ 21 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:14
الشروق 06:47
الظهر 11:53
العصر 14:41
المغرب 16:59
العشاء 18:22