وفاء أنور تكتب.. حياتِك.. وميلاد آخر لذاتِك
كان عليكِ أن تعترضي منذ البداية، كان عليكِ أن تثوري، أن تهبي لنصرة نفسك، أن تنادي بحريتك بكل ثقة منكِ وبملء فمك، كان عليكِ أن تتمردي، أن تخرجي من بين ظلام نفسك، أن تتطالبين بنصيبك وحقك المفروض لكِ، حقك في استرجاع رصيدك المسلوب من هدوئك وسلام نفسك، كان عليكِ أن تتوقفي منذ زمن بعيد محاولة بذلك كسر أغلالك وقيدك، لكنك تأخرتِ كثيرًا حتى تمكن منك خوفك والتهم أغلب سنوات عمرك.
لقد أخطأتِ حين منحتهم الفرصة لإيلامك وكسرك، كان عليكِ أن تقاطعيهم وترفضين كل حديث لهم يزيد من فرص اقترابهم منك أو ارتباطك بهم، كان عليكِ أن تنطقي بها منذ البداية؛ تتعودي قولها مدوية -لا- لكنكِ وبكل أسف ارتضيتِ بمحاولتهم المستمرة لإنكار دورك ووضعك في مساحة ضيقة أعدوها بأنفسهم، فأنتِ من ابتلعتِ سموم كلامهم وتجرعتِ مهانة نبعت من حقدهم وغيرتهم منكِ، فهم سفهاء، تافهون ضيقو الأفق وتلك أسوأ صفاتهم.
كلما تكررت عليكِ تجربة جديدة لهم ومعهم كنت تتردين وتتسمرين في مكانك، كنتِ تفضلين انعزالك بلجوئك لصمتك؛ التراجع في بعض الأحيان يعد حلًا جذريًا وحيدًا وسبيلًا واحدًا يجب أن تخطوه قدمك، الحركة في اتجاه الخلف لا تعني التخاذل أو الضعف حين تكون سببًا في نجاتك من أي شر، إنها منتهى القوة فهى تعني حفاظك على ما تبقى لكِ من طاقة، من زاد تحملك ومن صبرك، إن قرار العودة قد يكون هو الأصوب، وهذا ما سوف ترصدينه من أثر باد لك أمام عينيكِ.
أعلم أنكِ قد مللتِ وجودهم الذي لا معنى له، أراكِ قد مللتِ ثرثرتهم وسطحيتهم المبالغ فيها، زهدتِ في كل عرض روجوا له، قدموه إليكِ ودفعوا به نحوك، عرضهم جاء ليمنحهم فرصًا جديدة لمماطلتك ووعدك بأنهم سوف يتغيرون من أجلك، هيا غادري ساحتهم الآن فالصدق ليس بطريقهم أو طريقتهم، ما أكثر وعودهم السابقة لكِ! وما أكثر حنثهم بأيمانهم!
انظري إلى دنياكِ الجديدة الآن، أطلي من شرفتك انظري من خلف زجاج نافذتك، تتبعي حركة دوران شمسك من مشرقها حتى مغربها وانعمي بأمل جديد يولد وتولد معه ذاتك، حلم يتلألأ ويسبح في أنوار قمرك، تأملي هدوء نفسك الآن واسعدي بها بعد أن تخلصتِ منهم، تمتعي بسلام روحك التي كم عانت، كم تألمت لكِ ومن أجلك.