فاطمة عمر تكتب.. الطبقة الوسطى.. وجهات نظر
في جلسة اعتدت عليها أنا وراتبي كل شهر أبذل فيها قصارى جهدي لمحاولة اقناعه وبكل أدب أن يعبر معي العشر الأول من الشهر دون متاعب ومنغصات استغرقت في تفكير عميق حول مفهوم الطبقة المتوسطة وهل أصابه التغيير أم ما زال على حاله وهل هذا المفهوم يخضع لوجهات النظر في تعريفه وتحديد نسبة هذه الطبقه في المجتمع أم لا؟ وهل فقد دلالته؟ وهل أصابها التآكل لصالح طبقات أخرى أم لا؟ وهل ما زلت أنا انتمي اليها أم انتقلت الى طبقة أخرى أقل؟.
ولأن السنيما هي ذاكرة الأمه فقد صورت الأفلام السنيمائيه في أربعينيات القرن الماضي حال الطبقه المتوسطه والتي عُرفت بطبقة الأفنديه ووجدتني أتذكر مشهداً مهماً في واحد من أروع أفلام السنيما المصريه وهو فيلم غزل البنات عندما قال الأستاذ حمام بأداء يدرس للعملاق نجيب الريحاني ..أنا لومن 30 سنه بعلم كلاب كان زماني بقيت من الأعيان إنما أنا بتاع علم بتاع كتب...مشهد يلخص حال الطبقة الوسطى ومدى أهميتها ومرارة حالها رغم كونها حجر الزاويه في علاقة الدوله بالمجتمع وأداتها لإحداث أي تغيير إيجابي والذي كان ظاهراً في حجم مشاركة أبناء هذه الطبقه في إحداث تغيير اجتماعي وسياسي وثقافي قبل يوليو
وهو ما أدركته ثورة يوليو ورجالها القادمون من طبقة الأفنديه فهم في معظمهم أبناء الموظفين.
لذا استهدفت يوليو الطبقه المتوسطه التي كانت الأكثر استفاده من قراراتها وسياساتها فوفرت لها كل ما يؤهلها لكي تكون أداة الدوله في التغيير والإنجاز وافرزت هذه العنايه بالطبقة المتوسطه أجيالاً من المتعلمين والمثقفين قادوا نهضة ثقافية واجتماعية بُنِيَت على التعليم الحقيقي والإهتمام المُمتَلِك لأدواته بالصحه والعلم وإعادة هيكلة البناء الإجتماعي بما يحقق لأبناء هذه الطبقه ما يؤهلهم لإسهام حقيقي في بناء بلدهم ورفع روح الإنتماء لديهم ويصب كل هذا بالأساس في مصلحة الاثنين الدولة بتقدمها والمجتمع بتوازنه.
وقد سعى أبناء هذه الطبقه للإستثمار في تعليم أبنائهم وكذلك يفعل من بقى منهم الأن وهم قله...فزادت نسبتها في الهيكل الإجتماعي واتسعت شريحتها ثم في حقب تاريخيه تاليه أخذت هذه النسبه في الإختلاف لأسباب عديده منها سياسة الإنفتاح الإقتصادي والذي أُؤيد وبشده توصيف الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين بأنه سداح مداح ثم تأتي الخصخصه ودعم الدوله للعمل الحر فلم يعد خريجوا الجامعات من أبناء هذه الطبقه يعملون في مهنهم الموافقه لمؤهلهم الجامعي بالإضافه التي التغيرات القيميه والثقافيه وغيرها من السياسات التي تحملت تبعاتها الطبقه الوسطى فزادت معاناتها وتبدلت أحوالها وكادت هويتها أن تُطْمَس دون إدراك لما قلناه سابقاً من أنها أداة الدوله في إحداث أي تغيير إيجابي يساعدها في البناء والتقدم ويحقق للمجتمع استقراره الإجتماعي والطبقي.
وكلما أثقلنا كاهل تلك الطبقه بأعباء لا طاقة لأبنائها بها فقدت قدرتها على أن تلعب هذا الدور بل وأصاب مفهوم الإنتماء لدى أبنائها خاصة الشباب منهم بعض التشويش وفقاً لما قاله علماء الإجتماع والأنثروبولوجيا وهو أمر وجب التوقف عنده طويلا.. فنجدها وقد تناثرت و تحولت الى جماعات بشريه وشرائح إنسانيه داخل المجتمع وفقدت هويتها الطبيقيه وأصبح أمثالى لا يعرف الى أي الطبقات ينتمي.