محمد الغيطي يكتب.. سمير غانم ومدرسة الضحك للضحك.. «ذكريات معه»

لا أذكر أنني ضبطت سمير غانم وهو غير ضاحك، أقصد في الواقع وليس على الشاشة، فالملايين تعرفه ضحوكًا مضحكًا ضحاكًا، وكل صيغ البلاغة في الضحك تنطبق عليه لكن أنا أعرف سمير غانم عن قرب منذ مسرحية "أخويا هايص وأنا لايص" حيث كنت أقضي الخدمة العسكرية في الجيش وخريج اعلام وأمارس الصحافة وأكتب الشعر والأغاني والمسرح وبعد مسرحية "جحا يحكم المدينة" تصورت أنني يمكن أن أكتب لسمير مسرحية من نوع الكباريه السياسي، وترددت على المسرح والتقيت بدلال العظيمة زوجته وجلست معها وصرنا أصدقاء قبل أن أعرفه عن قرب.

أذكر أن ضابط الأمن بالكتيبة عندما شاهد في مخلتي صور مع فنانين وكانت دلال منهم قال لي دي مخالفة بس ممكن أعديها لو رحت معاك وشفنا المسرحية سوا وهاتكون معايا خطيبتي، كان نقيبًا فرفوشًا وصرنا أصدقاء وبالفعل ذهبت معه وحجزنا ثلاث مقاعد بالصف الأول وكان الفضل في العزومة لاثنين دلال وصديقي الفنان صبري عبد المنعم الذي عزمنا على شاي لاني كنت أحمل هم المشاريب وانا مقحط وقتها وبعد الفصل الأول أخذت الضابط وخطيبته وذهبنا لحجرة دلال التي رحبت بنا ومدحت في شخصي أمام الضابط الذي كان منبهرًا باللقاء وبعدها سلمنا على سمير والتقطنا الصورة وخرجنا على أمل لقاء. احترفت الكتابة ووجدت أن سمير غانم لايثق في كاتب وقتها ثقته في عبد الرحمن شوقي الذي كان بينهما كيميا خاصة وكتب له الفوازير، ومن خلال جلساتي مع سمير وجدت انه من مدرسة الضحك للضحك فقط هو غير مهتم بما كنا ندرسة من رسالة الفن والنضال والتغيير بالفن وكنت وقتها انظر باستعلاء لهذا الاتجاه واعتبره تفاهة لكن عندما شاهدت مسرحية المتزوجون ووجدت الجمهور في قمة السعادة بدأت أراجع موقفي واعتبرت ان كتابة الكوميديا الراقية من أجل الاضحاك وصناعة البهجة اصعب انواع الكوميديا ومرت الايام وجمعني المنتج شريف عبد العظيم بسمير وطلب ان اكتب له مسلسل كوميدي وكنت أعشق مسلسل ميزو الذي شاهدته طفلًا وأدمنته، المهم انني كتبت معالجة وعرضتها على سمير وكانت بعنوان مفلح وتايه وطلبني سمير وجلسنا ووجدته يقول لي دي قماشة حلوة بس انا باطلع حاجات عالهوا، سألته يعني ايه فقال ده رزق بقى قبل تصوير كل حلقة هانقعد نطلع من المكتوب حاجات حلوة، لم يعجبني الكلام وأغلقت صفحة المشروع، الغريب أنني قدمت نفس المسلسل للاذاعة بعنوان اتنين على مافيش بطولة أشرف عبد الباقي وسامح حسين وأعجب به سمير عندما سمعه لأن ايمي كانت تقوم بالبطولة النسائية ونسي سمير إنه قرأه من قبل وصرنا نلتقي في مناسبات عدة ويبدي اعجابه بشغلي خصوصًا إن دلال عملت معي العديد من المسلسلات وكان يقول لي كلما شاهد عملًا جديدًا. انت اشطر واحد يعمل فكرة جديدة، وعندما كان في مسلسل سوبر ميرو وكانت ابنتي ميار معه اتصل بي وعبر عن حبه واحترامه للأسرة وافتقاده لوجودي على الشاشة كمذيع وقال كلامًا اخجلني وكنت كلما أريد أن أطمئن عليه اتصل بشقيقه صديقي المهندس حسام أو أكلم دلال حتى دخل في مرضه الأخير، باختصار نحن فقدنا ممثل حفر اسمه عبر الأجيال بأسلوبه المتفرد، لم يدعي يومًا انه مختلف ولم ينظر في الفن ولم يتحدث بغرور عن فنه، هو فقط كان يؤمن أن مايقدمه لابد أن يسعد الجمهور، ببساطه هو صانع للسعادة، لقد رحل صانع البهجة.  "سمورة، ربنا يرحمك بقدر ما أسعدتنا ياصديقي". وأيضًا..https://www.facebook.com/anahwa2019