هند الصنعاني تكتب.. الزواج المختلط بين الحلو والمر


التفاهم، الانسجام، التكافؤ، الاحترام والتضحية، أساسيات علاقة زوجية سليمة، هذا الميثاق المقدس الذي يسمى "الزواج" يبنى على هذه المعايير التي تساهم في نجاحه وتضمن حياة مريحة خالية من الصدامات الهدامة.
ارتباط شخصين قادمين من بيئتين مختلفتين أو بلدين مختلفين هو ما نسميه بالزواج المختلط، هذا المصطلح الجديد الذي اقتحم مجتمعنا العربي، ظهر تزامنا مع الدعوات التي تطالب بضرورة تقبل الغير لأن الزواج المختلط لا يعني فقط الارتباط من جنسيات مختلفة بل يشمل العرق والدين. الزواج هذا الحدث السعيد الذي نحتفل به ونباركه راجيين من الله أن تكون بداية لحياة مليئة بالحب والمودة والإحترام، حتى نقدم للمجتمع اجيالا مميزين وصالحين وأسوياء أيضًا، لكن هل الزواج من أجنبية نشأت في بيئة مغايرة خطوة مدروسة ومقبولة أم هي تذكرة مفتوحة لعالم مليء بالمشاكل والتحديات تتطور إلى الاسوء بمرور الأيام؟!. الحقيقة لم يعد الارتباط بالاجنبيات بالأمر الصادم في المجتمعات العربية، فقد انصهرت كل التخاوفات التي كانت تشغل الرجل الشرقي والتي كانت تجعله مترددًا في اخذ خطوة جادة للارتباط بالمرأة التي نالت إعجابه مهما كانت جنسيتها أو دينها أو عرقها. الجدير بالذكر أن الرجال الشرقيين اثبتوا قدرتهم على التأقلم وتقبل الآخر وخصوصًا في المهجر، فقد استطاعوا أن يرتبطوا بزوجات نشأن في بيئة مختلفة وأيضا مختلفة كما أنه برهن على تقبله وقدرته على التغلب على كل الحواجز. ليس هناك قواعد محددة يجب الالتزام بها لضمان نجاح هذا الارتباط، لأن الأمر يبقى متعلقا بالشريكين ومدى قدرتهما على مواجهة هذه الاختلافات واذابتها أمام الحب والإحترام والتفاهم المتبادل. للزواج المختلط مميزات وعيوب، فالإختلاف الثقافي يجعل الطرفين يعيشان تجربة استكشافية يمكن للطرفين الإستفادة منها، هذا الإختلاف قد يكون سببًا مباشرًا لاكتساب لغة جديدة وعادات فريدة أيضًا، كما أن عنصر الإثارة والتشويق يظلان قائمين في هذه العلاقة ويحفزان الطرفين لاكتشاف عالمين غريبين. اختلاف الجنسيات قد يكون أيضا نقطة قوة بالنسبة للأبناء، فهم وسط بيئة منفتحة ومتنوعة ومختلفة ناتجة عن تمازج ثقافتين مبنيتين على قيم كل بيئة أهمها قبول الغير مهما كان الإختلاف في وجهات النظر، أيضا اكتسابهم لجنسية إضافية ولغة تانية تثري مستواهم الثقافي والفكري. أما سلبيات الزواج المختلط فهي عديدة، قد يكون الجانب الديني مهم فيه لأنه يعد التحدي الأعظم خصوصًا عند الرجل الشرقي الذي يتمسك بالتزاماته الدينية ويفرض هذا الجانب على الطرف الآخر، وحالة وجود أطفال يتولد صراع بين الطرفين ويعيش الطفل في حالة ارتباك ما بين أب يتمسك بتعاليم دينه وأم تحاول زرع موروثاتها الثقافية. الاختلافات في الطباع والصفات التي كانت تخفيها المراحل الأولى للرومانسية وتظهر بعد ذلك عندما يتعمق الطرفان في العلاقة فيرفع الستار الذي كان يغطي كلا منهما ليصطدموا بحقيقتهما وبدون تجميل عن عدم قدرتهما على التعايش والتأقلم. لكن السلبيات الأكثر شيوعًا في الزواج المختلط وهي المشاكل التي تنتج عن الطلاق والحضانة، تلك التي تجعل من الطفل المشترك ضحية ضعيفة وتائهة بين شخصين فشلًا في تجربة واختارا الصراع بكل الطرق المشروعة والغير المشروعة ظنًا منهما أن هذا الصراع هو الحل الأمثل لكي لا ينسلخ الطفل عنهما. الزواج في نهاية المطاف هو تلاقي ثقافتين، طباعين وانسجام روحين، لكن عندما يحصل خلل في اركانه تختل الموازين وتنشأ صراعات وصدامات قد تأخذ مسارات غير مستحبة أولها الإنفصال وآخرها حوادث قد يسجلها التاريخ. وأيضًا..https://www.facebook.com/anahwa2019