اكتشاف آلية جديدة قد تُحدث ثورة في الوقاية من ولادة الأجنة الميتة
تمكن باحثون من جامعة فليندرز الأسترالية من التوصل إلى عملية بيولوجية قد تكون وراء بعض حالات ولادة الجنين ميتاً بعد الأسبوع العشرين من الحمل، فيما يُعرف طبيًا بـ"الإملاص". هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لتطوير أدوات فحص مبكرة واستراتيجيات للوقاية.
بحسب ما نشره موقع "Medical Xpress"، أكدت الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في المجلة الأمريكية لأمراض النساء والتوليد أن المشيمة، العضو المسؤول عن نقل الغذاء والأكسجين بين الأم والجنين، قد تتعرض لشيخوخة مبكرة أثناء الحمل، ما يعيق وظيفتها الحيوية ويزيد من خطر وفاة الجنين.
العلاقة بين الحمض النووي الريبي الدائري وشيخوخة المشيمة
أوضح فريق الباحثين أن المشيمة في حالات الإملاص تشهد تراكمًا مبكرًا ومثيرًا لجزيئات تعرف بـ"الحمض النووي الريبي الدائري"، وهي جزيئات عادةً ما تتراكم في الأنسجة المتقدمة في العمر. هذه الجزيئات ترتبط بالحمض النووي وتُسبب كسورًا فيه، مما يؤدي إلى تسريع شيخوخة خلايا المشيمة وتقليل قدرتها على تغذية الجنين ودعمه.
وقالت الدكتورة أنيا آرثرز، المشرفة الرئيسية على الدراسة، إن المشيمة تبدو بيولوجيًا أكبر عمرًا من المتوقع للحمل في الحالات التي تنتهي بالإملاص، حيث أظهرت دلائل واضحة على الشيخوخة المبكرة، بما في ذلك تلف الحمض النووي وبنية الخلايا. كما بينت أن تقليل أحد هذه الجزيئات في خلايا المشيمة أدى إلى خفض الضرر وتأخير عملية الشيخوخة، ما يبرز دور هذه الجزيئات كأحد المحركات الرئيسية لهذه المشكلة.
فحص دم بسيط للكشف المبكر
من أبرز تطورات الدراسة هو إمكانية استخدام فحص دم بسيط للكشف المبكر عن حالات الحمل المعرّضة للخطر. تُظهر النتائج أن تراكم الحمض النووي الريبي الدائري يمكن قياسه في دم الأم بدءًا من الأسبوع الخامس عشر أو السادس عشر من الحمل، ما يوفر فرصة ثمينة للتدخل المبكر قبل ظهور أي مؤشرات خطرة لاحقاً.
وأشارت الدكتورة آرثرز إلى أن هذا النهج قد يُغيّر مجرى حياة العديد من العائلات، لأنه يجعل الإمكانية متاحة لتحذير الأمهات والأطباء قبل وقت كافٍ من حدوث أي مضاعفات تُعرض صحة الجنين للخطر.
دور العوامل الوراثية والتطوير المستقبلي
الدراسة قامت أيضاً بتحليل العلاقة بين العوامل الوراثية وخطر الإملاص. وباستخدام تقنيات تحليل جيني متقدمة، تم تحديد أجزاء محددة من الحمض النووي مرتبطة بوظيفة المشيمة ونمو الجنين. وتوصل الباحثون إلى أن الجينات الموروثة يمكن أن تلعب دوراً في تعزيز الشيخوخة المبكرة للمشيمة، ما يرفع فرصة ولادة جنين ميت.
ومن خلال الجمع بين المعلومات الجينية والمؤشرات البيولوجية المكتشفة حديثًا، يبدو أنه بالإمكان بناء أدوات فحص أكثر دقة للتعرف على حالات الحمل ذات الخطورة العالية. كما أن الآثار المحتملة لهذا الاكتشاف تتعدى مجرد مجال طب التوليد؛ إذ ترتبط الحموض النووية الريبية الدائرية بالشيخوخة في أنسجة أخرى وأمراض مثل الزهايمر، مما قد يؤدي إلى رؤى أوسع لفهم تأثيرات الشيخوخة على الصحة العامة.
خطط مستقبلية للتوسع في البحث
يعمل الباحثون حاليًا على توسيع نطاق الدراسة لتشمل شرائح سكانية أكثر تنوعاً وأعداداً كبيرة للتحقق من صحة النتائج وتطوير أدوات عملية سهلة التطبيق للفحص. الهدف النهائي هو تقليل حالات الإملاص ومنح الأطفال فرصة أفضل للنجاة، مع تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للأمهات في جميع أنحاء العالم.








