دكتور نور هنري لـ «أنا حوا»: التعليم الدامج خطوة نحو مجتمع أكثر إنصافًا
يعد دمج ذوي الإعاقة البسيطة داخل المنظومة التعليمية إحدى أبرز القضايا التي تشغل الساحة التربوية في السنوات الأخيرة، لما يحمله هذا التوجه من بعد إنساني وتنموي يضمن الحق في التعليم ويعزز العدالة المجتمعية، ورغم ما تحقق من خطوات مهمة على مستوى السياسات والبرامج، لا تزال هناك تحديات تتعلق بالبنية التحتية، وتأهيل الكوادر، والوعي المجتمعي، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات محورية حول واقع الدمج، وفاعلية الإجراءات الحالية، وكيف يمكن تطوير هذه المنظومة لضمان بيئة تعليمية دامجة وشاملة لجميع الطلاب.
يستضيف "انا حوا" الدكتور نور هنري، أحد أبرز المتخصصين في مجال التربية والتخطيط التعليمي؛ فهو منسق الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي بوزارة التربية والتعليم، ومدرس علم نفس تربوي بمعهد الدراسات القبطية، إضافة إلى كونه مستشارا للتقييم والمتابعة بمؤسسة ويانا الدولية للدمج والتوعية، ومدرب المحتويات السيكولوجية بمركز إعداد القادة للقطاع الحكومي برئاسة مجلس الوزراء، بخبرته الأكاديمية والميدانية، قدم الدكتور نور رؤية شاملة وإجابات معمقة حول قضايا الدمج، انعكست فيها خبرته في التخطيط التربوي ودعم الفئات الأكثر احتياجا داخل المدرسة المصرية.
بداية، كيف تعرف مصطلح "ذوي القدرات البسيطة" من وجهة نظرك التربوية والإعلامية؟
اقرأ أيضاً
أول تعليق من التعليم علي واقعة انتشار فيروس HFMD بمدرسة بالجيزة
ده مش سلوك تربوي يا وزير التربية والتعليم.. ”الغيطي“ يفتح النار على الشرطة المدرسية
موعد بدء الدراسة في المدارس الرسمية والخاصة لعام 2025-2026 .. تفاصيل هامة
جدول حضور الطلاب في أول أسبوع دراسي بمدارس القاهرة 2025/2026
انطلاق العام الدراسي الجديد في المدارس: السبت 20 سبتمبر 2025
المدارس تستعد لاستقبال الطلاب .. دخول تدريجي يبدأ 20 سبتمبر
انطلاق امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة في الأحياء والإحصاء والرياضيات
تفاصيل تكريم الطالبات المبدعات في البلينا.. فوز مستحق وتقدير للتميز التعليمي
نظام البكالوريا التعليمية .. بديل جديد للثانوية العامة في مصر
رابط تقديم تظلمات الثانوية العامة 2025 .. خطوات التقديم ومواعيد الاطلاع والضوابط الكاملة
فرصة للمعلمين والإداريين المتميزين للانضمام إلى مدارس التكنولوجيا التطبيقية
التعليم تؤكد: امتحانات الثانوية العامة 2025 بلا تغييرات
بداية وبخصوص التسمية، تم اعتماد مصطلح "ذوي الإعاقات البسيطة" من قبل وزارة التربية والتعليم، وهو المصطلح الذي استندت إليه العديد من القرارات الوزارية الداعمة، كما أعتمد هذا المصطلح أساسا لبناء أنشطة خطة الوزارة 2014-2030 التي تهدف إلى تقديم أفضل التدخلات التربوية لذوي الإعاقة البسيطة في مدارس الدمج، بالإضافة إلى ذلك، تم من خلال هذا المصطلح تحديد استراتيجيات دعم ذوي الإعاقات المتوسطة والمتعددة، بما في ذلك الحالات التي تشمل إعاقة ذهنية مع حركية، وذلك في مدارس التربية الخاصة.
ما الفرق بين الدمج الشامل ودمج ذوي الإعاقة البسيطة في النظام التعليمي؟
يقصد بالدمج الشامل التربية الخاصة special needs،أما دمج ذوي الإعاقة البسيطة بمدارس التعليم العام يطلق عليه الدمج، هناك فرق كبير بين الدمج الشامل كتربية خاصة والدمج لذوي الإعاقة البسيطة.
هل أصبحت قضية الدمج من أهم أولويات التعليم في الوقت الحالي؟
نعم بالفعل، هناك أولوية لموضوع الدمج، ونثمن هنا حرص القيادة السياسية حاليا في دعم ذوي الإعاقة عامة، وذوي الإعاقة البسيطة بالمدارس الدامجة بالتعليم قبل الجامعي.
كيف تقيم واقع دمج ذوي الإعاقة البسيطة في المدارس المصرية اليوم؟
في اعتقادي أنها تجربة ناجحة بكل المقاييس، هناك اهتمام كبير من طرف الدولة بهذا المفهوم بغض النظر أن هناك العديد من الأشخاص لم يتحملوا مسؤولية هذا الموضوع لأنه يحتاج إلى إعداد النفسي، لكن عموما أعتقد أننا نجحنا وبتفوق كتقييم واقع دمج ذوي الإعاقة البسيطة بالمدارس المصرية.
ما أبرز ما تحقق من إنجازات أو تطورات في هذا المجال؟
في البداية، أتقدم بالتحية للدكتورة نرمين النعماني التي قدمت الكثير في هذا المجال عندما كانت تعمل كمستشارة في الوزارة، فقد تم الاهتمام خلال هذه المرحلة بمفهوم الدمج بمعناه الشامل، أما عما تحقق من إنجازات من وجهة نظري هو الاهتمام بمفهوم الفروق الفردية، لأن كل واحد من الطلاب لديه قدرات مختلفة ومتعددة، لديه مهارات واستعدادات مميزة، وما تم تحقيقه فعلا كإنجازات، أنه لم يعد هناك نموذج وحيد وعام لكن أصبح هناك فروق فردية وقدرات مختلفة.
هل يمكنك أن تحدثنا عن الجهود الرسمية التي بذلتها وزارة التربية والتعليم في دعم الدمج؟
هناك جهود عديدة بذلت أبرزها، تم تقديم نماذج اختبارات مقننة لكافة ذوي الإعاقة البصرية والسمعية والذهنية، تدريب المعلمين والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين، تدريبات لمجالس أمناء المدارس، تدريبات مهمة للمعلمين المساندين ومعلمي غرفة المصادر، كما تم إنشاء غرف المصادر، وأصبح لدينا خطة بوزارة التربية والتعليم 2014-2030 بفصل كامل عن دعم ذوي الإعاقة البسيطة في الدمج و دعم ذوي الإعاقة المتوسطة والمركبة في مدارس التربية الخاصة،اليوم أصبحنا نتوفر على 400 مدرسة تقريبا تربية خاصة، والعديد من مدارس الدمج التي تدعم الدمج لذوي الإعاقة البسيطة في مدارس التعليم العام.
من خلال خبرتك، ما أهم نقاط القوة والضعف التي رصدتها في تطبيق سياسات الدمج؟
أكرر تقديري للدكتورة نرمين النعماني التي عملت بجد لتغيير مفاهيم كثيرة، وعقدت بروتوكولات تعاون مع جهات متعددة، نتج عن هذا النشاط تواجد نظام الدمج بمدارس كثيرة، وزيادة الاهتمام بطاقة الأطفال بكل ما يمتلكونه من مهارات ومن قدرات، إذ تم الاهتمام بكافة الأنشطة المدرسية الدامجة، كل هذا يدخل ضمن نقاط القوة، أما نقاط الضعف فهي تنحصر في مشكلة الدعم المجتمعي القوي، وهذه نقطة أساسية لكي يتقبل المجتمع هذا النظام، لأن الدعم والوعي المجتمعي يحتاجان للكثير من التحركات لاستقبال نتائج مبهرة.
ما أبرز التحديات التي تواجه المدارس والمعلمين في تطبيق فكرة الدمج بشكل فعلي؟
الحقيقة الموضوع يحتاج إلى حزمة مالية كبيرة جدا لكي يتم تدريب المعلمين والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين ولتأسيس غرف مصادر والتي تم تأسيها في السابق من طرف د.نرمين النعماني من خلال البروتوكلات التي تم الاتفاق عليها مع اليونيسف وبالفعل تم تأسيس غرف مصادر، الغرفة تكلف أرقاما كبيرة لأنها تحتوي على حاسب آلي ، أنشطة وتأسيس خشبي وتستوجب مقاييس معينة وماليات كبيرة ، لكن بالرغم من ذلك استطاعت وزارة التربية والتعليم تنفيذ مهام صعبة متعددة.
هل هناك نقص في الكوادر المؤهلة للتعامل مع الطلاب ذوي الإعاقة البسيطة؟
بالفعل هناك نقص في كوادر عدد المعلمين المدربين للتعامل مع ذوي الإعاقة البسيطة باختلاف الإعاقات والتي تشمل الإعاقة الذهنية، فرط حركة، بطء تعلم، إعاقة حركية، سمعية، بصرية، نحتاج بالتأكيد إلى تدريب أخصائيين اجتماعيين، نفسيين، معلمي غرف المصادر، إنه موضوع صعب لكن الوزارة تحاول أن تأخذ خطوات للأمام.
كيف يمكن التغلب على ضعف الوعي المجتمعي أو التحفظات التي قد تظهر تجاه فكرة الدمج؟
نحتاج إلى حملات توعية، وهنا يجب على الإعلام أن يقوم بدوره الداعم الذي لا شك أنه سيكون له تأثير قوي جدا.
ما الخطوات التي يجب أن تتخذها الوزارة لتطوير هذه المنظومة بشكل شامل؟
أبرز الخطوات للتطوير هي تشجيع العاملين بمنظومة الدمج، تقسيم الأدوار والتخصصات، توفير الدعم المالي أيضا لكل العاملين في هذا القطاع والإدارة التعليمية.
كيف يمكن الاستفادة من التكنولوجيا والوسائل الحديثة لدعم عملية الدمج؟
بتقديم مواد تعليمية تفاعلية وأنشطة متنوعة، التكنولوجيا لها دور كبير في تيسير للطلبة الاستفادة من المعلومات التي يتم تقديمها.
كيف يمكن تطوير المناهج لتناسب احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة البسيطة دون إضعاف المحتوى الأكاديمي؟
لا يمكن بأي حال من الأحوال إضعاف المحتوى الأكاديمي عندما نستخدم التقنيات الفنية والتربوية، بل على العكس، فإن هذه التقنيات تسهم في تسهيل وصول المحتوى بشكل أكثر فعالية، في الوقت الحالي، أصبح من الضروري تطوير المناهج الدراسية والاستفادة من التكنولوجيا بشكل متقدم، يجب أن نعمل على توفير أدوات تكنولوجية تتناسب مع احتياجات ذوي الإعاقة البسيطة، مع مراعاة التنوع في أنواع الإعاقات، مثل الإعاقات البصرية والسمعية، هناك حاجة إلى وسائل تعليمية مبتكرة ومتطورة لتلبية هذه الاحتياجات، وفي هذا السياق، نتذكر دور الدكتورة نرمين النعماني التي عملت على توقيع بروتوكولات تعاون مع جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالإعاقة البصرية، بهدف توفير وسائل تعليمية متخصصة لدعم هذه الفئة.
ما الدور الذي يمكن أن يلعبه أولياء الأمور في تجربة الدمج؟
أولياء الأمور جزءا مهما من المجتمع المدرسي، ويحتاجون إلى توعية شاملة لضمان مشاركتهم الفعالة في دعم عملية الدمج، من الضروري أن يشعروا بالرضا عن النظام التعليمي الذي يوفر للطلاب، وأن يكون لديهم فهم عميق لخصائص مراحل نمو الطفل عبر السنوات، كل مرحلة عمرية تتمتع بخصائصها الفريدة، مما يستدعي ضرورة التعامل مع الطفل بما يتناسب مع تطوره، خاصة في فترة المراهقة لتجنب المشكلات مثل التنمر والمضايقات،من المهم أيضا أن يمتلك أولياء الأمور معرفة كافية لاستقبال كل مرحلة من مراحل حياة الطفل بمرونة وجاهزية، مما يساهم في تعزيز التفاهم والانسجام داخل الأسرة ومع المحيط المدرسي، هذه التوعية تضمن تعاونا مستمرا بين البيت والمدرسة، مما يعزز من نجاح عملية الدمج وتطور الطفل بشكل سليم.
كيف يمكن لمؤسسات المجتمع المدني والإعلام أن تساهم في رفع الوعي بأهمية الدمج؟
أعتقد أن على مؤسسات المجتمع المدني أن تعمل بطريقة أقوى من حيث تنظيم الجهود مع الوزارة ومع المعنيين بالأمر، تكوين لجان هدفها تقديم فكر ايجابي عن الدمج وما تحقق من إيجابيات لذوي الإعاقات البسيطة وغير ذوي الإعاقة البسيطة الذي يتخذ أحيانا ذوي الإعاقة قدوة له، كما نحتاج أيضا إلى احتواء كل الفئات من أجل الحصول على قبضة قوية.
ما الآليات التي تقترحها لمتابعة وتقييم جودة تطبيق الدمج في المدارس؟
من المهم أن يرى المجتمع النجاح الذي يحققه ذوو الإعاقة البسيطة، وأن يكون هذا النجاح واضحا أمام الجميع، فالطالب ذو الإعاقة لا يقتصر تأثيره على نفسه فحسب، بل يشكل مصدر إلهام لزملائه غير المعاقين، ليكون قدوة ونموذجا يُحتذى به، هذا يعزز من قدراته الشخصية ويحفز الآخرين على تنمية مهاراتهم، عندما نقدم الدعم لذوي الإعاقة، فإن الجميع، بما في ذلك الطلاب غير المعاقين، يستفيدون من هذا الدعم، هذه العملية تساهم في متابعة وتقييم جودة تطبيق الدمج في البيئة المدرسية.








