#jubna
الجمعة 15 أغسطس 2025 05:23 صـ 20 صفر 1447هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
فنون وثقافة

مروة نايل تكتب: كاميرا ومايك ... وشروة لايك !

مروة نايل
مروة نايل

من لعبة "التلات ورقات" في الموالد الشعبية إلى سيرك السوشيال ميديا الكبير ، وفي عالم يزداد فيه عدد الكاميرات أكثر من عدد العقول، حتى أصبحت اللايكات مقياسًا للنجاح بدلًا من القيمة، صار من الطبيعي أن ترى النصب يُعاد إنتاجه لكن بإخراج عصري، ومونتاج ساحر، وفلتر "ميتافيرسي" ، النصب لم يختفي، فقط خلع جلبابه الشعبي وارتدى "تيشيرت براند"، وبدلًا من الثلاث ورقات على منضدة خشبية متهالكة، صار يمارس لعبته على شاشة هاتف بدقة 4K،وإذا كان البسطاء في الماضي يخسرون أمام النصاب في المولد، فهم اليوم، بعدما انضم إليهم غالبية الجمهور ، يخسرون أمامه من على كنبة الصالون.

حتى وقت قريب، كانت هناك لعبة سيئة السمعة تُمارس في الموالد والأسواق تُعرف بـ"لعبة التلات ورقات" ، رجل يقف أمام منضدة، يمسك بثلاث ورقات كوتشينة، واحدة منهن "البنت"، أو "السنيورة" كما كان يطلق عليها ، والرهان دائمًا يكون على كشفها، اللعبة معروفة بأنها نصب خالص، لكن البسطاء كانوا يقبلون عليها طمعًا في ربح سريع، ولا يربح منهم أحد ، والرابح الوحيد هو صبي النصاب الذي يربح لاستكمال الخدعة، ومع تطور الحياة، تطورت "عدة" النصب، لم تعد هناك ورقة بنت، ولا كم جلباب يخفي فيه السنيورة ، ولا منضدة، بل كاميرا ومايك وشروة لايك. النصاب القديم صار "بلوجر" أو "تيكتوكر" أو "يوتيوبر"، وصبي الشغلانة صار حسابًا مزيفًا في التعليقات يهلل ويبارك ويشهد بأن "الكورس غير حياته"، وأن "المحتوى يستحق كل ثانية".
من كان يُعرف في السابق بـ"حاوي موالد"، يعرض نفسه اليوم كـ"محاضر" كورسات سيناريو أو قصة أو رواية ، يمنحك الموهبة والمهارة والكتابة والشهرة والمال في دورة واحدة دون أن يكون له تاريخ أو إنجاز يذكر ، أو گ"خبير تطوير ذاتي"، أو "مدرّب مالي"، أو "مستشار علاقات إنسانية" ، أو"لايف كوتش" ، يعرض عليك "سر النجاح في 5 خطوات"، "كيف تصبح مليونيرًا دون رأس مال"، و"وصفة سحرية للتخلص من السلبية"، وإن لم تقتنع، فأنت المشكلة، "أنت لا تؤمن بنفسك"، "الطاقة السلبية تعوقك"، أو ربما "الكون عاملك بلوك"، وهنا تمامًا تظهر اللعبة في أكثر صورها تضليلاً، فوسائل التواصل تحوّلت إلى ساحة يختلط فيها الحق بالوهم، والتفاهة بالشهرة،باتت الخوارزميات هي من تحدد من يعلو ومن يُهمّش، فارتفعت أسهم الصراخ، وسقطت أسهم الموهبة، أصبحت الشهرة تُصنع بلا جهد، بل بجرأة ومبالغة وانفعال، أما الجودة والعمق فهما الطرفان الخاسران في "بورصة الهبد"، تكونت "عقلية رقمية" لا تهتم بالحقيقة، بل بما يحقق انتشارًا… ولو على حساب الكرامة، أو الحقيقة، أو العقل، لم تعد المنصات تفرز الموهبة، بل تستنسخ الفُقاعات، واحد يرقص، وآخر يسبّ، وثالث يبكي على لايف، ورابع يصطنع أنه "يفضح المؤامرة"، ليحصد آلاف المشاركات واللايكات.

وفي "لعبة التلات ورقات"، كان هناك صبي يربح لإقناع الجمهور بمصداقية اللعبة،أما اليوم، فالصبي هو "كتيبة الكومنتات"، "أقسم بالله غيرت حياتي" "اشتريت الكورس وندمت إني مااشتريته من زمان" "أسطورة والله" وكل هذه التعليقات قد لا تكون إلا نتائج روبوتات أو حسابات مدفوعة، هدفها الوحيد هو التجميل، والترويج، والتضليل.

الإحصائيات تتحدث عن مشهد رقمي يزداد زيفًا،تشير التقارير إلى أن واحدًا من كل خمسة حسابات على إنستغرام هو حساب مزيف أو روبوت، لا ينشر محتوى حقيقي، بل يصفّق ويصفّف الأكاذيب من خلف الستار. أما الكورسات الرقمية التي تعدك بالنجاح السريع، فقد تحوّلت إلى سوق ضخمة تتجاوز أرباحه المليار دولار سنويًا، دون أن تقدّم شيئًا حقيقيًا سوى مونتاج جذّاب، وصوت رخيم، وتعليقات مدفوعة الثمن تكرر أن هذا المحتوى "غير الحياة"، وفي عالم تيك توك، وجدت إحدى الدراسات أن أكثر من نصف الفيديوهات الأعلى تداولًا تفتقر لأي مضمون معرفي، لكنها تنجح لأنها تصرخ، أو تصدم، أو تستفز، والخوارزميات تكافئ ذلك، لا الحقيقة.
والمؤسف أن هذه الفقاعات التي نشأت في الظل، بدأت تؤثر في الذوق العام، وتشكّل وعي جيل كامل، ومع مرور الوقت، بدأنا نرى كيف تسقط هذه الأوهام تباعًا، وظهر الوجه الحقيقي لما كانت تسوقه السوشيال ميديا على أنه "حرية وإبداع"، فإذا به تهريج، وانحدار، واستهانة بالقيم المجتمعية، وبينما يتم القبض على البعض منهم بتهم خدش الحياء أو الكسب غير المشروع وهدم قيم المجتمع ، يظل السؤال قائمًا، هل هم وحدهم المشكلة؟ أم أن المنظومة كلّها مختلة، حيث تُحاسَب فتاة في بث مباشر، بينما تمرّ نفس الإيحاءات على التلفزيون تحت لافتة "دراما"؟القيم أصبحت مثل شبكة "الواي فاي" تتغير كلمة السر حسب المكان والزبون المسموح له بالدخول ، وكل جهة تمنحها حسب ما يناسب مصالحها.

وبين كل هذا الضجيج، هناك من يصنع المعنى بهدوء . قنوات تعليمية تُنتج محتوى علميًا نقيًا، لا تتجاوز مشاهداتها بضع عشرات الآلاف رغم سنوات من العمل الجاد، في المقابل، فيديوهات "التحدي" و"المقالب" تحصد ملايين في أيام، بودكاستات تناقش الفلسفة والتاريخ والمجتمع بلغة هادئة ومدروسة، بالكاد تصل إلى واحد في المئة من جمهورها المحتمل، وكتّاب يطرحون مقالات عميقة في الثقافة والسياسة والاجتماع والفن والرياضة ، لا تتجاوز مقالاتهم بضع مئات من القراءات، في حين تنتشر منشورات فارغة كالنار في الهشيم، هناك من يُنتج قيمة حقيقية، لكنه لا يملك مفتاح الخوارزميات ، ولا"شروة" اللايكات.
لكن الإنترنت، مثل المولد الكبير، صاخب، مبهج، ومليء بالأوهام، لكل حاوي حيلته، ولكل نصاب أدواته، لكن السلاح الوحيد الذي لم يتغير هو الوعي، نعم الوعي هو ورقة "البنت" الحقيقية، إذا امتلكتها، فلن تخدعك شهادة، ولن يغريك إعلان، ولن تنجرف وراء كل من يصرخ عاليًا دون مضمون.
في الختام: شغل التلات ورقات الذي يطلق على كل عمليات النصب، لم يختفي، بل تحوّل، أصبح يبتسم أمام الكاميرا بابتسامة هيوليودية ، يتحدث أمام المايك بلغة متقنة، ويُلمّع تفاهته بشُرْوَة لايكات ، والمولد لا يزال قائمًا، لكننا نحن فقط من نملك القرار: هل نلعب؟ أم نغادر الطاولة؟

مروة نايل
#s #
#jubna
#ada

أسعار العملات

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.4523 48.5504
يورو 56.3936 56.5175
جنيه إسترلينى 65.1635 65.3100
فرنك سويسرى 59.9434 60.0871
100 ين يابانى 32.7979 32.8665
ريال سعودى 12.9089 12.9368
دينار كويتى 158.6000 158.9731
درهم اماراتى 13.1911 13.2185
اليوان الصينى 6.7440 6.7582

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 5280 جنيه 5257 جنيه $109.26
سعر ذهب 22 4840 جنيه 4819 جنيه $100.15
سعر ذهب 21 4620 جنيه 4600 جنيه $95.60
سعر ذهب 18 3960 جنيه 3943 جنيه $81.94
سعر ذهب 14 3080 جنيه 3067 جنيه $63.73
سعر ذهب 12 2640 جنيه 2629 جنيه $54.63
سعر الأونصة 164226 جنيه 163516 جنيه $3398.34
الجنيه الذهب 36960 جنيه 36800 جنيه $764.81
الأونصة بالدولار 3398.34 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 05:23 صـ
20 صفر 1447 هـ 15 أغسطس 2025 م
مصر
الفجر 03:48
الشروق 05:22
الظهر 11:60
العصر 15:36
المغرب 18:37
العشاء 20:00