لطفية محمد، فنانة النسيج التي تنسج الطبيعة بخيوط من الإبداع


تجلس لطفية محمد، البالغة من العمر 63 عامًا، أمام نولها الخشبي، مرتدية عباءة وطرحة من الحرير الأسود، رمزًا لثقافة نساء الحرانية. بيدها أداة حديدية تُعرف باسم "المشط"، تعمل على كبس خيوط الصوف بدقة، لتخلق لوحات فنية تنبض بالحياة، بينما تتناغم أنغام أم كلثوم في الخلفية.
تسترجع لطفية ذكرياتها مع فن النسيج، قائلة: "منذ أن كنت في المدرسة، كنت مفتونة بسحر السجاد وصناعته. كنت أراقب زملائي في صمت حتى حصلت على نول خاص بي وبدأت أنسج. كانت أول سجادة لي على شكل طائر، وقد نالت إعجاب الفنان رمسيس ويصا واصف، الذي كافأني بجنيه، مما جعلني أشعر بالفخر والإنجاز".
بدأت مسيرتها الفنية في سن الحادية عشرة، في وقت كان فيه عدد قليل من النساء في قريتها يمارسن هذه الحرفة. انضمت لطفية إلى الجيل الأول من تلاميذ المعماري الراحل، وواصلت تطوير مهاراتها بشغف، حتى عرضت أعمالها في معارض عالمية، بما في ذلك فرنسا. تقول: "عندما بدأت، كانت النساء في القرية يسخرن مني، لكنني كنت أؤمن بموهبتي وأثبت للجميع أنني فنانة مبدعة".
تخرج من يديها تحف فنية مستوحاة من الطبيعة، رغم أنها أمية لا تقرأ أو تكتب. "صناعة السجاد اليدوي تتطلب وقتًا وصبرًا. أعمل في هدوء، وقد تستغرق السجادة الواحدة مني سبعة أشهر. قبل أن أبدأ، أخرج إلى الطبيعة لأستمد الإلهام من الألوان والأشكال، ثم أبدأ في نسج خيوطي دون الاعتماد على رسومات مسبقة".
تستخدم لطفية ألوانًا طبيعية مستخرجة من النباتات، مثل الصبغة الحمراء من "الفوة" والصبغة الصفراء من "رزدا لوتيلا". "كل رسوماتي مستوحاة من الطبيعة، من أزهار وأشجار وجبال، وهذا ما يميز سجادنا عن غيره".
تشعر لطفية بالفخر بإنجازاتها، وتعتبر صناعة السجاد جزءًا لا يتجزأ من حياتها. "كل يوم أستيقظ وأنا أفكر في السجاد. أوازن بين مهام المنزل وفني، وعندما لا أعمل أشعر بالضياع. أشعر بسعادة غامرة وأنا أمام النول، وعندما أنتهي من سجادة جديدة، أقول لنفسي: سبحان الله، كيف فعلت ذلك؟".
مع ثلاثة أبناء وبنتين، تشعر لطفية بالفخر عندما يثنون على أعمالها، وتؤكد: "هذا هو فني، وسأستمر في ممارسته حتى آخر لحظة في حياتي".