حمل لعقود،، قصة الجنين المتحجر الذي ظل في بطن امرأة 60 عامًا


في واقعة طبية نادرة تُثير الدهشة، كشفت الفحوصات الطبية عن حمل امرأة لمدة 60 عامًا دون أن تدرك ذلك، حيث ظل الجنين بداخلها متحجرًا لعقود طويلة، وهذه القصة الغريبة تعود إلى إستيلا ميلينديز، السيدة التشيلية التي اكتشفت حملها في عامها الـ91، وهي حالة نادرة تُعرف طبيًا باسم "الجنين المتحجر" (Lithopedion)، والتي لم تُسجل سوى بضع مئات من الحالات المشابهة على مدار التاريخ الطبي.
قصة اكتشاف الحمل الذي دام عقودًا
عانت إستيلا ميلينديز لسنوات من تورم في بطنها، لكنها لم تعر الأمر اهتمامًا، معتقدة أنه مجرد أحد آثار التقدم في العمر، ولم يخطر ببالها قط أن هذا التورم يخفي جنينًا ظل في رحمها لعشرات السنين.
وجاءت الصدمة عندما تعرضت لحادث سقوط أدى إلى كسر في يدها، ما استدعى إجراء فحوصات بالأشعة السينية، وهنا كانت المفاجأة غير المتوقعة؛ فقد كشف الأطباء عن وجود كتلة متكلسة داخل بطنها، والتي تبين لاحقًا أنها جنين متحجر ظل بداخلها لأكثر من ستة عقود دون أن يسبب لها أي مشاكل صحية خطيرة.
ما هو الجنين المتحجر؟
يُعد الجنين المتحجر من أندر الظواهر الطبية، ويحدث عندما يتوقف الجنين عن النمو ويموت خلال حمل خارج الرحم، وغالبًا ما يحدث في التجويف البطني. ولأن الجسم غير قادر على التخلص من الجنين، يبدأ في التعامل معه كجسم غريب، فيغلفه بطبقات من الكالسيوم لمنع أي التهابات أو تعفن داخلي. وبهذه الطريقة، يتحول الجنين إلى كتلة متكلسة غير ضارة تبقى داخل الجسم لسنوات دون أن تسبب أي أعراض خطيرة.
كيف عاشت كل هذه السنوات دون مضاعفات؟
في حالة ميلينديز، كان الجنين متحنطًا داخلها بشكل طبيعي، ما حال دون إصابتها بأي عدوى أو التهابات، ولأن التكلس يحافظ على الأنسجة ويمنع تدهورها، لم تشعر بأي آلام حادة أو مضاعفات تهدد حياتها.
لماذا لم يُجرِ الأطباء عملية لإزالته؟
بعد اكتشاف الحالة، قرر الأطباء عدم التدخل جراحيًا بسبب كبر سنها والمخاطر الصحية المحتملة، وبما أن الجنين لم يكن يشكل خطرًا على صحتها، فإن تركه داخل جسمها كان الخيار الأكثر أمانًا.
حقائق مثيرة عن الجنين المتحجر عبر التاريخ
- سُجّلت أقل من 300 حالة مشابهة على مستوى العالم عبر التاريخ الطبي.
- الحالة الأولى المسجلة تعود إلى عام 1582 في فرنسا، حيث تم اكتشاف جنين متحجر داخل جثة امرأة تُدعى كولومب شوفارت، التي حملت جنينها لمدة 28 عامًا.
- هذه الظاهرة أكثر شيوعًا بين النساء اللاتي يعشن في مناطق نائية، حيث تقل فرص الحصول على الرعاية الطبية اللازمة خلال الحمل.
كيف يتعامل الأطباء مع مثل هذه الحالات؟
في الحالات التي يكون فيها المريض بصحة جيدة ولا يعاني من أي مضاعفات، يوصي الأطباء عادةً بإجراء جراحة لاستئصال الجنين المتحجر، ومع ذلك، إذا كان الجنين لا يُسبب مشاكل كما في حالة ميلينديز، فإن الأطباء يفضلون تركه دون تدخل جراحي حفاظًا على صحة المريضة.
نهاية أغرب رحلة حمل في التاريخ
تبقى قصة إستيلا ميلينديز واحدة من أغرب الحكايات الطبية التي تسلط الضوء على قدرة الجسم البشري على التكيف مع الحالات النادرة، وعلى الرغم من أن الجنين ظل داخلها لمدة ستة عقود، إلا أن جسدها استطاع احتوائه دون أن يؤثر على حياتها، لتظل هذه الحالة شاهدًا على غرائب عالم الطب التي لم تُكتشف بعد.