محمد حسن الألفى يكتب: المدهول !


لا اعرف هل هى حالة خاصة .خاصة بي وشخصية أم هي حالة عامة ؟ عموما العقل يقول أن التعميم صعب ، وبالتالي فمن المنطق أن نقول أن البعض فى حالة عدم تركيز . البعض فقط ؟ البعض واكثر قليلا ! عموما ، كل واحد عارف نفسه ، وعارف ماذا يشعر بالضبط حين يضبط نفسه تائها في لحظة نطلق عليها لفظة الدهولة. هو لفظ شعبي قديم ، هو يستخدم في النداء علي شخص نقول له مع تكرار ذهوله عن الاشياء ونسيانه ، يا مدهول علي عينك !
حالة الدهولة هى أن تنسى مثلا اين وضعت النظارة منذ خمس دقائق، ثم تبحث عنها في كل مكان وبعد الدوخة سبع دوخات تجدها في اغرب مكان ، تظن ان عفريتا يلاعبك ، تستغفر الله ، وتردد في سرك وانت تقسم بخالق الكون أنك كنت وضعتها هنا علي الترابيزة أمامك .. لا بأس لا تحزن على نفسك .لست وحدك . يحدث وأنت تستعد للسفر ان تراجع غلق النوافذ والابواب وتحكم ، وتتم علي كل شئ ، وتتفقد جيوبك ، نعم هاهو المفتاح ، هاهى المحفظة ، عمرانة والحمد لله بالبطاقات الخالية من الرصيد ، هاهو مفتاح السيارة ، تمام ،تمام وتهرول وتركب وتنطلق وبعد بضعة كيلومترات ، تتذكر فجأة انك لابد أن ترجع الي البيت فورا وحالا ، فقد نسيت الموبايل!
يا ربى ! يا ربى !
كيف يحدث لي هذا ، لماذا يحدث لي هذا ؟ لقد راجعت وتممت علي كل مفردات السفر أو الخروج ومغادرة البيت .
طبعا لن تسلم من نأورة الأولاد وقبلهم السيدة زوجتك ، ولو متحفظين قليلا ستجدهم يكتمون الضحكات ، ويقولون في همس : عادي يا بابا أهي أول مرة !
ربما تشاركهم الضحك لافساد حالة التنمر العائلي المعتادة . الولد الأصغر سيهمس لأمه : إنها السن يا امي السن ! عندئذ ستنفجر ، أنصحك أن يكون انفجار ضحكات ومسايرة ، بدلا من تثبيت فكرة ارتباط الدهولة بتراجع التركيز بسبب السن .
الدهولة وغياب التركيز في الحقيقة له اسباب عديدة ، أوضحها طبعا كثرة الضغوط وتعدد أوزانها ، فهناك دائما ضغط كبير ناتج عن مشكلة كبيرة تلقي بظلالها علي بقية الهموم والمتاعب ، هذه المشكلة الكبيرة تعمل في الخلفية الذهنية .تسحبك معها ، رغم أن ملامحك الخارجية تؤكد حضورك المادي الواعي . .
كلا أنت مسحوب ، ذهنك كله ممتص داخليا ، وحركتك الخارجية ، خطواتك ، صوتك ، حركة الرأس واليدين كلها عصبية متوترة ، بسبب الضغط الداخلي ، من ناحية وبسبب مجهودك لاخفاء عصبيتك ، ومن ثم يتضاعف التوتر ، ويتكرر عدم التركيز ..
كثيرون ، وعلى سبيل العزاء ، ينسبون إلى كورونا وأيامها السوداء ، أنها وراء ثقل السمع ، والدهولة !
يرددها المدهولون بثقة ربما ليبرروا الأسى الضارب في جوانب روحهم ، حسرة علي وقدة الذهن التى تنطفئ!
كورونا أو تواطؤ الهموم عليك وعلي ، لا بأس تقبل الوضع ، مادمت تتبدل حالة الأسى باطلاق الضحكات والسخرية من الموقف .. هذه وسيلة فعالة للدفاع عن النفس . لا تحزن . ولا تقف كثيرا عند الشعور بالاسى ، واعلم أنك لست السيد الوحيد المدهول علي عينه في هذه الدنيا ..يا مدهول.فأنا أنا مثلك وأكثر