غادة إسماعيل تكتب: هفوة

كثيرة هي الهفوات البسيطة التي نفعلها في حياتنا وتسبب لنا المتاعب والمشكلات النفسية والبدنية وأحيانا المادية ، أتذكر هنا بعض من هذه الهفوات التي مرت بي ، وربما يكون قد حدث معكم مثلها .

"الطيار الآلي"
السفر بالطائرة متعة ما بعدها متعة خاصة إذا كانت رحلتك بغرض السياحة أو لحضور مؤتمر علمي أو مناسبة ثقافية ، وما أمتعها إذا كانت مجانيّة أو بدعوة من جهة أو فرد مع تحملهم لكافة مصروفاتها من تنقلات وإقامة وخلافه ، لكن أي رحلة طيران لا تخلو من المخاطر رغم كل تحوطات السلامة التي تتخذها شركات الطيران تحت إشراف المنظمة الدولية للطيران المدني للحفاظ على الأرواح والممتلكات في الجو وعلى اليابسة.

ومن المؤكد ان معظم ركاب الطائرات حول العالم تأتيهم بعض المخاوف من رحلات الطيران رغم معرفتهم السابقة بأنه لا يسمح لأي طائرة بالإقلاع قبل التأكد من صلاحيتها وجودة طاقمها وسلامة محركاتها وإطاراتها واجهزتها الالكترونية المختلفة ، ومع كل ذلك فإن الأمر لا يخلو من الشكوك والهلاوس والتخيلات السلبية إلى ان تهبط الطائرة بسلام في ميناء القدوم ، وسبب ذلك يعود إلى أن الهفوة في عالم الطيران بكارثة مهما كانت صغيرة وقد تكون تكلفتها مئات الضحايا وملايين الدولارات.

لا أحد منا إلا وأن يكون قد حدثت له هفوة أثناء سفره وسببت له متاعب جمة ، أتذكر ذات مرة كنت متوجهة للحج فذهبت للمطار قبل موعد الرحلة بوقت كاف وأنهيت كافة إجراءاتي وجلست منتظرة النداء لصعود الطائرة ولاني لم أكن نمت لمدة يومين قبلها فقد غفوت عيني للحظات ولم أفيق حتى تحركت الطائرة فراحت علي الرحلة وثمن التذكرة ذهابا وعودة واضطررت لعمل حجوزات جديدة بأسعار مضاعفة حتى لا أحرم نفسي من أداء هذه الفريضة الغالية ، تلك كانت هفوة مسافر فما أدراك لو حدثت ذات الهفوة مع أحد الطيارين وهو بين السماء والأرض فمن المؤكد أن مساعده سيقوم بقيادة الطائرة بدلا عنه واذا غفى المساعد أيضا فإن الطيار الآلي سيقوم بالمهمة ولكن إذا حدث عطل بالطيار الآلي فهنا تكمن المصيبة وتحل الكارثة لا قدر الله .

قد يقول قائل ان مثل هذا الاحتمال مستبعد حدوثه ، ولكنه حدث بالفعل في اكثر من حادثة طيران ، ففي استطلاع للرأي أجراه اتحاد الطيارين "بالبا" أن نحو 56 في المائة من الطيارين ينامون أو يغفون أثناء رحلاتهم الجوية ، وجاء هذا الاستطلاع بعد ساعات على اعتراف طيار ومساعده بأنهما ناما خلال رحلة طيران في قمرة القيادة في ذات الوقت خلال رحلة طويلة داخل بريطانيا، والأغرب من ذلك أن 29 في المائة من الطيارين الذين غرقوا في النوم خلال رحلاتهم الجوية قالوا إنهم عندما كانوا يفيقون من نومهم كانوا يجدون أن مساعديهم نائمون أيضاً.

هفوة الشاطر بعشرة وهفوة الطيار بكارثة .