وفاة المهندس المعجزة.. قصة عادل شعبان الذي ولد بشلل دماغي فأصبح أعظم مبرمج في العالم

"نفسي بعد نهاية رحلتي في الدنيا ألاقي اللي يفتكرني بالخير ويدعيلي بالرحمة.." كانت هذه آخر كلمات مهندس البرمجيات المصري العالمي عادل شعبان، الذي توفي أمس الأربعاء بعد صراع طويل مع المرض.

وفاة عادل شعبان أحدث صدمة في الأوساط العالمية والمصرية، فالمهندس عادل شعبان، مهندس البرمجيات العالمي، كان رمزًا للإصرار والنجاح، تحدى كثيرًا من الصعوبات، التي كادت تدمر حياته، لكنه لم يُعر لها اهتمام وتحدي الشلل الدماغي الذي أصابه، ليصبح مهندس برمجيات ناجح في شركات مصرية وعالمية مثل شركة "ITWorx" وشركة "Booking" العالمية، وشركة "AWS" العالمية.

وقع خبر وفاة مهندس البرمجيات عادل شعبان على العالم كالصاعقة، فعادل شعبان الذي قاوم الشلل الدماغي والسرطان ورحل بعدما ملأ علمه الدنيا، أطلقوا عليه عبقري البرمجيات المصري في هولندا.

حكاية مهندس البرمجيات العبقري عادل شعبان بدأت عام 2007، عندما تخرج في كلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس، وكانت بداية تحقيق حلم عاش عليه طويلًا، والتي حكى عنها في إحدى لقاءاته "أنا كنت بحلم بدخول حاسبات ومعلومات جامعة عين شمس تحديدًا، دي كانت هدف واضح ومحدد وبشتغل عليه من أول مذاكرتي في اليوم ١٢ ساعة اللي انتهى ب 97% فى الثانوية العامة، كانت فرحة كبيرة جدا ليا ولأهلي، مش بس عشان حققت حلمي، عشان دخولي المدرسة أصلا فى حد ذاته كان تحدي."

التحدي الحقيقي بدأ مع قدوم عادل شعبان للحياة، فقد ولد بشلل دماغي، فلم يتمكن من السير بدون مساعدة، حيث قال عن معاناته بالشلل الدماغي "خلاني مقدرش امشي من غير ما أسند وعلى طول في رعشة في كل جسمي وحتى كلامي مش مفهوم".

كان الطفل عادل شعبان يعاني من حالة نادرة ليس لها علاج، وهنا اتخذت أسرته قرار بعدم إلحاقه بالمدرسة، وحكى عادل "قرروا أنهم مش هيدخلوني مدرسة عشان يحموني من الناس اللي مش هعرف اتعامل معاهم، وهيكتفوا بتعليمي القراءة والكتابة".

لم يكن يفهم عادل سبب عدم إلحاقه بالمدرسة، وحكي عن ذلك "وقتها شباك أوضتي كان بيطل على حوش مدرسة، كل يوم كنت بعيط لأمي وأسألها أنا ليه مش معاهم؟ لحد ما هى وأبويا قرروا يدخلوني المدرسة وأنا عندي 8 سنين، رغم كل الصعوبات اللي كنت بقابلها إلا أن المدرسين اللي كانوا بيعتبروني معجزة لأني كنت متفوق وبطلع دايما من الاوائل على مستوى المدرسة".

خرجت منحة تفوق عادل شعبان من محنة مرضه، وذلك ما أكده "نجاحي وفرحة أمي هم اللي كانوا بيعوضوني احساس الحرمان من الحياة الطبيعية اللي بيعيشها أي طفل في سني."

بدأ عادل شعبان يواجه تحدي آخر مع دخول الجامعة "دخولي الكلية مكانش التحدي الوحيد، كان فيه تحدي أكبر وهو أني أبدأ أعتمد على نفسي فى الخروج من غير مساعدة أبويا وأمي" واجه العالم بدون مساعدة والديه لكنه لم يسلم من التنمر "بدأت أعمل ده لوحدي فعلا والتنمر رغم تأثيره السلبي عليا لدرجة العياط ممنعنيش أكمل".

كان دخول عادل شعبان للجامعة ميلاد جديد له "فترة الكلية كانت ميلاد جديد ليا بمعنى الكلمة، خرجت وأفصحت واتعرفت على ناس وكونت صداقات، نظمت حفلات وأنشطة، من ضمنها يوم اليتيم اللي استمر تنظيمه بشكل سنوي في الكلية".

واصل عادل شعبان تحدياته حتى تخرج الكلية بتقدير جيد جدًا، ليبدأ مرحلة جديدة من التحديات، "عملت أكتر من ٢٠ مقابلة في ٢٠ شركة مختلفة، ومفيش شركة كانت بتبعت ليا أي عرض".

كان التحدي الأكبر له هو عدم قبوله في أي عمل برغم تفوقه، "فكرة أنك تكون شاطر في مجال التكنولوجيا، وتترفض عشان ظروف صحية أنت ملكش يد فيها كانت كفيلة أنها تدمر أي أنسان نفسيًا، لكن بالنسبة لي كانت سبب يخليني أكمل سعي ويقين أن أكيد ربنا مش هيخذلني".

جاء الأمل عندما عمل عادل شعبان مقابلة في شركة تكنولوجيا معلومات كبيرة، والمفاجأة أنه بالفعل نجح وبتفوق في المقابلة، لكنه رُفض من قبل شئون عاملين الشركة، التي رفض أن يكمل المقابلة، لكن العناية الإلهية تدخلت عندما أصر قائد الفريق قبوله بالشركة على مسئوليته "كان مؤمن جدًا بيا وأني أستحق الفرصة زيي زي أي حد تاني في نفس مستوايا".

فى 2014 ترك عادل شعبان الشركة، وعمل في شركة أخرى، لينتقل بعد أشهر لشركة عالمية "ITWorx"، التي كان يحلم بها، أما في عام ٢٠٠٩ كان عادل شعبان على موعد مع السعادة، فقد شاهد شابة جميلة من ذوي الإعاقة اسمها ساره سمير، حاصلة على ماجيستير فنون تطبيقية، وكانت منسقا عاما لحركة اجتماعية هدفها الدفاع عن حقوق المعاقين في مصر، كانت تتحدث في إحدى البرامج التليفزيونية.

بعدما سمع عادل حديث سارة قرر أن يقابلها "حسيت أنها بتقول كل حرف أنا مؤمن بيه طول عمري، وبسرعة تواصلت معاها وانضميت لحركة ٧ ملايين معاق، وهناك كنت على معاد مع القدر أن يحصلي أجمل حاجة في حياتي كلها وهو أني أحب ساره وبعد سنة من خطوبتنا ربنا يتوج صبرنا وكفاحنا طول عمرنا بالزواج".

كان عادل شعبان يقول عن زوجته سارة: "ساره كانت حبيبتي وصديقتي وتوأم روحي، كل حاجة كنا بنعملها سوا، عمر ما ظروفنا قدرت تمنعنا أننا نستمتع بحياتنا، عشت معاها أجمل ٤ سنين في حياتي كلها".

تحدث عادل شعبان عن أعظم ابتلاء له فقال: "فى نفس التوقيت اللي انتقلت فيه لشركة ITWorks سارة حملت وقدرت مع الحمل أنها تأخذ درجة الدكتوراة، لكن جسمها مقدرش يتحمل حجم الجنين، وبعد غيبوبة 6 ساعات توفت سارة ومعاها بنتي، وده أعظم ابتلاء فى حياتي."

حاول عادل شعبان أن يعلو على أحزانه لفقد سارة "برحمة ربنا قدرت تاني أقف على رجلي، ركزت كل طاقتي ووقتي في الشغل لحد ما اترقيت قائد الفريق في شركة ITWorx، بقيت بخرج كل يوم وأحضر مؤتمرات واتعرف على ناس جديدة عشان أشغل وقتي ومحاولش أفكر في أي حاجة".

بدأت أحزان عادل شعبان مع فقدان سارة وأعقبها فقدان والدته "للأسف بعد سنة ونص توفت أمي وكدة مبقاش ليا أي حد."

لكن دائما تأتي المنحة مع المحنة، ففي في عام ٢٠١٨ جاءت لعادل فرصه عالمية كبيرة "تواصلت معايا واحدة من الـ recruiters فى شركة Booking.com على Linked In عشان أبدأ معاهم interviews اللي انتهت بفرصة اني أنتقل لأمستردام عشان أشتغل في أكبر شركة في العالم في مجال السياحة وحجز الفنادق، بدأت شغل وكنت من المؤسسين ل B.Able community اللي كانت بتدعم ذوي الاعاقة في الشركة العالمية وبتحاول توفر ليهم بيئة مناسبة للشغل بحيث يكون ليهم فرصة متكافئة في العمل بالشركة طالما عنده الخبرة المطلوبة".

لم يتوقف الأمر عند ذلك فقد حكي عادل قائلًا: "كمان أنضميت للـ work council ودول عبارة عن ٢٥ موظف بيتم انتخابهم من الآف الموظفين بالفرع الرئيسي للشركة في هولندا، لمناقشة مشاكل الموظفين ومراجعة قرارات مجلس إدارة الشركة, وفي سنة ٢٠٢٠ تم اختياري من بين 85 موظف على مستوى كل فروع الشركة عالميا لجايزة "The Playmaker & Inclusionist Awards 2020 at Booking.com".

كان قرار عادل صعب لكنه أخذ خطوة السفر، وعرف معنى الابتلاءات في حياته، "فهمت ليه ربنا حطني في كل الابتلاءات دي في حياتي وأنه كان بيجهزني لخطوة كبيرة مش بس ليا أنا شخصيا كعادل لكن لكل أنسان مر بمحن في حياته عشان يتعلم أن عوض ربنا كبير وأن إيمان الإنسان بحكمة ربنا في ابتلاءاته مهواش عبث ولا مجرد كلام بنصبر بيه روحنا".

أصبح عادل شعبان من طفل يعاني من شلل دماغي إلى مبرمج عالمي يعمل في شركة عالمية في واحدة من أجمل المدن في العالم، لكن الابتلاءات ظلت تلاحقه فقد أصيب بمرض السرطان، لكن ابتسامته وتفاؤله لم يغادره، وكان يمنح الأمل لكل من يراه، لكنه في النهاية يعلم أنه سيرحل لمقابلة أحباءه سارة وطفلته التي لم يراها، ووالدته.

توفي المهندس المصري العالمي في مجال البرمجيات عادل شعبان، أمس الأربعاء، بعد رحلة طويلة من مقاومة مرض السرطان، الذي استمر لشهور طويلة، وخمد العقل المُلهم، الذي تحدى الشلل الدماغي، ليصبح مهندس برمجيات عالمي. في شركة "بوكينج" العالمية، وانتهت قصته ضربت مثال مبهر في التحدي والإصرار.

نزل خبر وفاة المهندس عادل شعبان كالصاعقة على أصدقاءه ومحبيه في العالم، وتبادلوا آخر كلماته التي قال فيها "نفسي بعد نهاية رحلتي في الدنيا، ألاقي اللي يفتكرني بالخير ويدعيلي بالرحمة، ولما سيرتي تيجي في مكان الناس تذكر المحاسن اللي عملتها، ربنا يحسن خاتمتنا جميعًا، ويحنن قلوب الناس علينا، ومينسوناش من دعائهم بعد وفاتنا".

فقالت ندى محروس: "قصة ملهمة لمهندس برمجيات في شركة أمازون العالمية، عاش بيعافر رغم كل الأزمات اللي قابلها في حياته بدأت بإصابته بشلل دماغي وبعدها السرطان ثم وفاة زوجته «سارة»، لكنه ما استسلمش وكمل يفتش على فرصة وكان شايف إن ربنا بيدربه على تجربة صعبة علشان لما يعدي منها يكون أقوى، المهندس عادل توفى وهو عنده حلم يثبت للناس إن "فاقد الشيء يعطيه"، وفعلا قدر يحققه وصدقناه كلنا ووصل لقلوبنا".

أما محمود بدر الدين فقال عنه: " قاوم الشلل الدماغي والسرطان ورحل بعدما ملأ علمه الدنيا.. وفاة العبقري المصري عادل شعبان مهندس البرمجيات في هولندا ربنا يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته"
وعلق أسامة عبد الصمد على وفاة المبرمج العالمي قائلًا: " وفاة العبقري المصري المهندس عادل شعبان مهندس البرمجيات بشركة أمازون في هولندا والذي جسد كل معاني العزم والصمود والطموح فى إن واحد بعد إصابة بالشلل الدماغي وهو صغير وإصابته بالسرطان منذ سنوات قصيرة اليوم رحل بسلام عن عالمنا بعدما ملأ علمه وابتكاراته الدنيا."

وحكت منى شكروف قائلة: " في كان عادل شعبان الله يرحمه بيحكي قصته والتحديات اللي كان بيقابلها ولسه فاكرة اول يوم شفته في الكلية وإزاي كان بيعافر بس عشان يجي ويحضر في وقت كانت الجامعة مش مجهزة خالص للكرسي بتاعه ولسة فاكره يوم ما ساب الكرسي وبدأ يمشي شوية وازاي حكالي انه خس كتير عشان يقدر يعمل كده ربنا يرحمه بيحب الحياة وعافر فيها كتير حياته كانت قصيرة بس ملهمة".