«مقهى أم كلثوم».. رحلة ”كوكب الشرق“ الساحرة عبر الأزمان

* تاريخ مقهى أم كلثوم في شارع عرابي
تأسس بداية على هيئة مقهى وبار صغير يقدم الخمور إلى جانب النارجيلة ومشروبات المقهى على يد الخواجة جورجي اليوناني وشريكه في نهاية التوفيقية التي تغير اسمها بعد الثورة إلى اسم شارع عرابي بوسط القاهرة عام ١٩٣٦ وذلك التاريخ منقوش على لوح كبير معلق في الواجهة أمام بوابة الدخول مباشرة، وباعها قبل ثورة ٥٢ لثلاثة أشقاء مصريين فغير أحدهم تراخيص البار فور استلامه إلى صفة مقهى فقط.

 

تتحدث عن نفسها تفاصيل المقهى وتحاورك لتشير إلى ولع صاحب المقهى بغناء "أم كلثوم" حتى أنه سجل جميع حفلاتها لإذاعتها على رواد المكان فمن لا يقدر على حضور حفلها مباشرة كان يذهب إلى مقهى أم كلثوم ويستمتع بالحفل كاملًا؛ وبذلك سمي باسمها بعد أن وافقت "الست" فقد زارته بنفسها حين وصلتها أخباره ورأت كيف يزدحم فعلًا بعشاقها وأغانيها التي تدور بجهاز كاسيت يعمل بشريط بكرة بعد استبداله بالفونوجراف بفعل التطور وقتها، ثم اشتراه "الحج مصطفى" وكانت صفقة مشروطة بالحفاظ على عهد المقهى ومعناه.

 

فقد ظل استراحة لأم كلثوم وملتقى قاصديها وأعضاء فرقتها وأصدقائها مثل الملحن "كمال الطويل" الذي رتب لقاءات مع الست في مجلسها بالمقهى بعد الانتهاء من بروفاتها بوسط العاصمة أو بمسارح عماد الدين، ومن رواده أيضًا سيد مكاوي ومحمود المليجي وحتى هذا العصر واظب القدامى على زيارته مثل بعض اللواءات المتقاعدين والفنانين والمؤلفين ومنهم الراحل وحيد حامد الذي كان يميل إلى الجلوس هناك من وقت إلى آخر، كما زاره الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين، وانجذب نحوه السياح من دول مختلفة وخاصة الخليج العربي وظل كذلك حتى الآن.

 

* مقهى أم كلثوم في شارع الألفي
وتحديدًا أمام سينما كايرو خلف شارع ٢٦ يوليو، وتجد به لوحات معلقة تحمل كلمات أغاني لسيدة الغناء العربي وصورها المرسومة، تجد أيضًا أربع منحوتات نصفية للست ملونة بماء الذهب من أعمال الفنان طارق الكومي وله عدة أعمال في مصر والدول العربية وهو صاحب متحف محمود مختار، ومذياع قديم ذهبي اللون وماكينة خياطة مستعملة في الستينيات وصور "ثومة" مع رواد الفن والثقافة تعود إلى ستينيات القرن الماضي ومناديل ونظارات ومقتنيات تخصها، ويقول العاملون بالمقهى أن السيدة مرت به لتجلس ولم يصدق المالك بهجة حضورها ولذلك سماه باسمها، واستمرت زياراتها ما بين عامي ١٩٤٨ و١٩٥٩ وذلك وارد في لوحة تذكارية على بوابة الاستقبال.

 

* مصير مقهى أم كلثوم بشارع الألفي ٢٠٢١
بعد وفاة اللواء (نبيل لوقى بيباوي) وهو المستأجر للمقهى بحق انتفاع منذ عشرين عامًا، أعاده الورثة قبل نهاية مدة الانتفاع إلى مول شامله المالك الأصلي للمقهى ولجميع الوحدات بالمول والذي عرضه بدوره كوحدة للتأجير مجددا بكراسة شروط في مزاد علني، والمقهى حاليًا مغلق للصيانة والترميم بعدما حصل عليه مستأجرون جدد ولا يرتاده أحد من الزوار فمن يمر من أمامه سيجد أبوابه موصدة بحجة الترميم والتجديد، وسيلاحظ تماثيل أم كلثوم متروكة أمامه فهل سيبقي المالك الجديد على عهد المقهى بالحفاظ على أثر كوكب الشرق ورائحتها في المكان وأغانيها، وهل ستمتد رسالة مقهى أم كلثوم بالألفي أم سيطمسها تقلب الزمن ولا يبقى منها إلا رنين فناجين ساكنة ليس بها من أغنيات؟!.