زيزي الششتاوي تكتب.. كلنا قتلة هابيل

قصة قابيل وهابيل لم تنته أبدًا، كلنا نتعاطف مع هابيل عند سرد القصة ونبغض قابيل ونتعجب من طمعه وجشعة وقسوته ولكننا بلا وعي نسلك مسلكه منذ الأزل، فالحاضر والماضي مليئان بالقصص التي عنوانها الطمع والجشع والدم وكلنا للأسف -إلا من رحم ربي- نقتل هابيل، نقتل الكلمة الطيبة والفعل الطيب، نحب الطيبين ونتجاهلهم وقد نؤذيهم وعلى العكس تمامًا نخشى القوة ونتمثلها ونمجدها، نخاف قابيل ونمجده قاسي الروح والقلب ونتقرب من كل ما يمثل قابيل ونحافظ عليهم ونطلب مودتهم نخشي خسارتهم، أما أولاد هابيل الذين يمثلون في هذا الكون المهمشين العطائين والذين لم ينتظروا مقابل، الذين يحبون بكل معانى الحب ويقدمون كل ما في وسعهم من التضحيات والعطاء، نتجاهلهم والمثير للدهشة والعجب العجاب اننا كآدميين تأثرنا بشخصية قابيل أكثر، وتوارثنا أسمة وانتشر، الإسم بين مواليدنا لأعوام طويلة منذ أبد الآبدين وهذا يعنى اننا من داخلنا نقدس البطش والقوة والقهر والقتل ونتمنى أن ننجب أولادًا أقوياء وقتلة وأشرار ونخاف ونكره طيبة هابيل وحسن نواياه كلنا مسؤلون عن موت ضمائرنا وتفشي الجحود بقلوبنا ونسينا أن نربي أنفسنا علي أن "الله طيب يحب الطيب"، وأن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كان لين القلب.

أجبروا خاطر بعضكم البعض بالكلام الحلو والأفعال الطيبة ابتعدوا عن القاسية قلوبهم والذين لا يردون الحسنة بالحسنة، الناس الذين لم تحمل طيبتك علي محمل التقدير ابتر علاقتك بهم من الأساس لأن ببقائك معهم ستضل طريقك للخير ومع الوقت ستصبح مثلهم، أياك أن تظن أن طيبتك ضعف شخصية وألا سيتمكن الضعف منك حتى لا تكره نفسك وتبدأ بأتخاذ اتجاهات عنيفة لاحساسك، إن قسوة المشاعر وجفاء المعاملة هما القاعدة، لا تغير مفاهيمك حتى تكسب البعض، كن علي يقين بأن الطيبة قوة والعفو قوة والتسامح قوة واللين قوة حتى يتعلموا الصواب من أفعالك الحميدة ويحسنوا مفاهيم العلاقات من خلالك، حتى إذا ردوا مصداقيتك بالغدر والنكران تجاهلهم وأمضِ في طريق هابيل مع من خاب ظنك فيهم، اهرب من فكرة الانتقام، ردد قوله تعالى "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني اخاف الله رب العالمين". استعن بالدعاء "اللهم إنى أشكوا إليك ضعفي وقلة حيلتى وهوانى علي الناس"، هذا كافِ لأن يشعرك بالسكينة والهدوء وبمرور الأيام، ستراهم بنفس الموقف وسيشعرون بنفس ما شعرت به وأنت مكانك بدون بذل أي مجهود منك وأنت محتفظ بسكينتك وطيبتك، كما يقول المثل الصيني: لا تفكر في الانتقام أجلس على حافة النهر وسيأتي لك بجثة عدوك، استئصلوا چينات قابيل قبل أن تقضي علي بقايا هابيل فينا. وأيضًا..https://www.facebook.com/anahwa2019