عماد فرغلي : أنا وزوجتي والملوخية
تربطني بالملوخية قصة عشق لا تنتهي بدأت أول فصولها في مرحلة الطفولة وأمتدت حتى يومنا هذا ، وأتذكر أول لقاء جمعني بها وأنا في السادسة أو السابعة من عمري تناولتها من يد ست الحبايب رحمها الله ، ومنذ ذلك الحين تعلقت بها وأصبحت طبقي المفضل الذي لا يفارق مائدتي .
وتمضي السنين بحلوها ومرها وتبقى الملوخية هي حبي الأول والأخير لا ينافسها في ذلك أشهى المأكولات وأغلاها ثمنا .
تزوجت وتركت منزل العائلة ولم أكن مشغولا بتفاصيل حياتي الجديدة كغيري من الشباب الذي يقدم على مثل هذه الخطوة المصيرية بقدر ما كنت مهموما بطبق الملوخية الذي قد تحرمني الظروف من تناوله إذا ما كانت زوجتي الفاضلة لا تجيد فنون الطهي ( لا قدر الله ) ولكنها كانت عند حسن الظن وأبلت بلاء حسن في كل ما أشتهيته من مأكولات وعلى رأسها الملوخية .
كانت مشكلة زوجتي الوحيدة مع الملوخية هي في طريقة حفظها فزوجتي حريصة كل الحرص على تتبع نصائح خبراء التغذية فيما يتعلق بحفظ الأطعمة فلا تقدم لنا الملوخية الا في نفس يوم طهيها ولا تحتفظ بما تبقى منها في الثلاجة لليوم التالي بحجة البكتيريا التي تتكاثر فيها خلال ثلاث ساعات من طهيها فتسبب أضرار صحية جسيمة لمن يتناولها بعد هذه السويعات القليلة حتى وان كانت محفوظة بالثلاجة .
ارتضيت مضطرا بما تقرره زوجتي في هذا الشأن فقد اتفقنا منذ البداية على توزيع الأدوار فيما بيننا وعدم تعدي ايا منا على حق الآخر في إدارة ملفاته بالشكل والأسلوب الذي يراه مناسبا دون تدخل أو اعتراض ، وبقينا على هذا العهد طيلة حياتنا الزوجية إلى أن جاء اليوم الذي عادت فيه زوجتي وأولادي الى أرض الوطن وكان هذا القرار الحتمي صعبا وأليماً وأصعب ما فيه أنني سأكون مضطرا لتعلم طريقة طهي الملوخية .
اليوم أقوم بطهي الملوخية بإبداع ولكنني أخالف نصائح زوجتي وأحفظها في الثلاجة لمدة يومين أو ثلاثة ، فمهما كانت الأضرار التي ستسببها بكتيريا الملوخية فإنها بالتأكيد أخف وأهون من الأضرار التي يسببها فيروس كورونا المستجد الذي لا يفرق بين من يأكل الملوخية خلال ثلاث ساعات من إعدادها ومن يتناولها على مدي ثلاثة أيام من يوم طبخها .
والله الحافظ .
