محمد الغيطي يكتب : مغرب الكرامة والعزة
تابعت عن كثب ما يحدث في المغرب الشقيق من تظاهرات، بمتابعة العاش ق لأهل هذا البلد العزيز الذي أعتبره وطناً ثانيا لي، ففي المغرب لي أصدقاء وأخوة هم كالأهل من قلبي، طالما زرت هذا البلد العظيم الذي يبادل المصريين حبا بحب، فوجدت في شعبه الكرم والسماحة والمحبة والانفتاح على الآخر، وتنوع الثقافات الذي يميّزه منذ قرون.
وكيف لا، والمغرب يطل شمالا على المتوسط فيعانق أوروبا بتمدنها، ويستقبل من الغرب نسائم الأطلسي الدافئة، وهو البلد الذي يحتضن تاريخا روحيا عريقا عاشقاً لآل البيت، يحمل نفسا صوفيا وفاطميا، ويجسد وسطية دينية فريدة تجمع بين عمارة الدنيا وصلاح الدين.
لقد كان لمصر الفاطمية أثر وتأثير متبادل مع المغرب منذ عهد المعز لدين الله الفاطمي وزوجته المغربية السلطانة تغريد، وجوهر الصقلي الذي أسس القاهرة، فالعلاقات بين البلدين ضاربة في جذور التاريخ، وما زال الهوى المصري المغربي قائما لا يحتاج إلى تأكيد أو زيادة، ولهذا، عندما يمر المغرب بمرحلة حساسة، يتداعى قلب كل مصري محب لهذا البلد العريق.
تابعت باهتمام ما عبر عنه جيل الشباب المغربي من مطالب مشروعة، رأيت فيها تعبيرا صادقا عن رغبة جيل جديد يسعى للمشاركة، والإسهام في بناء مستقبل وطنه، وهذه المطالب ــ في جوهرها ــ حق طبيعي لأي شعب حي يسعى إلى مزيد من العدالة الاجتماعية، والتعليم الجيد، والرعاية الصحية، والفرص المتكافئة في العمل والتنمية.
لقد لمست في زياراتي المتكررة للمغرب حجم النهضة التي يشهدها هذا البلد في مختلف المجالات، من الصناعة والتجارة إلى البنية التحتية، ومن الرياضة إلى الثقافة والفنون، إن رؤية الملك محمد السادس تمثل خارطة طريق واضحة نحو مغرب حديث، منفتح، ومتماسك، يوازن بين الأصالة والتطور.
وقد حقق المغرب في عهد جلالته إنجازات بارزة على المستويين الإقليمي والدولي، جعلت منه نموذجا للتنمية المتدرجة والثابتة، فمشاريع كبرى في الصناعة والسيارات والطاقة المتجددة والبنى التحتية، إلى جانب إشعاع رياضي كبير توج بتألق المنتخبات الوطنية في المحافل العالمية، كلها تؤكد أن المغرب يسير بثبات نحو المستقبل.
ومن اللافت أن الشعب المغربي في مجمله يصطفّ خلف الملك محمد السادس باعتباره الدرع الحصين والضامن لوحدة البلاد واستقرارها، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى الحكمة والتماسك أكثر من أي وقت مضى.
إن خروج الشباب للتعبير عن مطالبهم بصورة سلمية هو ظاهرة صحية وديمقراطية، تعبر عن نضج سياسي ووعي اجتماعي متقدم، شرط أن تبقى في إطار السلم واحترام الممتلكات العامة والخاصة، حتى لا تُستغل من أطراف تحاول زرع الفتنة أو بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
أيها الشباب المغربي الواعي، لقد وصلت أصواتكم، ووصلت رسالتكم النبيلة، والمغرب سيبقى بإذن الله أرض العدالة والكرامة، في ظل قيادة رشيدة تسعى دوما إلى الإصغاء والتطوير والإصلاح.
من قلب محب للمغرب وأهله، أقول: احموا وطنكم، فهو وطن لا بديل له، وبه تشرق شمس الغد المشرق كما أرادها الملك محمد السادس، مغرب العدالة والتنمية والحرية والكرامة.











