محمد الغيطي يكتب: الكينج محمد منير عشرة العمر الجميل


زرت مؤخرا الكينج محمد منير للاطمئنان على صحته والحمدلله وجدته في حالة معنوية رائعة ..وقررت ان اكتب عن بعض ذكرياتي معه...
الكتابة عن محمد منير كالسباحة في بحر بلا شاطئ لكنها ممتعة لكثرة الفنارات المضيئة والموانئ المثيرة وثراء الوجوه العابرة والالوانوالاصوات التي تضخ زخما يغريك بالسفر في رحلته الاشبه برحلة سندباد مغامر امتلك من الجرأة الفنية والانسانية مايجعلك مشدوداومشدوها لانه ليس له شبيه ومتفرد ليس له منافس ،هو مجرة بمفرده وسط اكوان الابداع الموسيقي ،تجربة منير في اعتقادي وتأثيرها تكادتماثل تجربة العندليب عبد الحليم حافظ ،البداية المرفوضة لانها متمردة وتكسر النمط السائد في الغناء شكلا ومضمونا وتثور على القديموتفرض صورة تعبيرية للمشاعر والافكار تخترق القلوب وتتجاوز الحاضر لافاق الحرية وتشكل مفهوما جديدا للحب والوطن والانسان ،لونتذكر بدايات العندليب الذي ظهر في مناخ فني يعتمد على الشكل التركي القديم ومايسمى بالهنك والرنك والمقدمات الموسيقية الطويلةوالميلودرامية في الاداء والمحتوى وافتقاد الايقاع بل وقتله لحد الملل ثم يظهر العندليب ليسبح ضد السياق العام ويصدح باغنيات قصيرةوصوت مجدافه الاحساس وسفيره للقلوب قوة التعبير بينما كان من قبله يعتمدون على قوة الحنجرة واتساع مساحات الصوت الذي يرقع فيالخلاء مع معاني تتسم بتعذيب المحب والتلذذ بعذاب الهجر والشوق ليأتي العندليب ليكسر هذا النمط ويينطلق خارج السرب صانعا كوكبهالدري ،هذا مافعله منير بعد فراغ كبير تركه عبد الحليم وحاول كثيرون بعده ملأه وفشلوا ،كانت الساحة في النصف الثاني من السبعيناتفارغة ونبت فيها نبات غنائي شيطاني او هيش اشبه بهيش المستنقعات ،بين محاولات تقليد العندليب في مستنسخات غنائية مشوهة وعقيمةالابداع او منتجات ذات ايقاع استهلاكي سريع اشبة بالفاست فود الذي لايشبع ولايبقى اثره بل يدمر الذوق والذائقة ويفسد الجهاز السمعيللمتلقي
منير والحتمية التاريخية
اذن كانت الحديقة الغنائية في اواخر السبعينات مترعة بما يشبه الهالوك الذي يعرفه الفلاحون بانه نبات طفيلي يسيطر على الثمرة فيالارض ويلتهمها ويتسلق عليها ويتركها خرابا وعدما ،ووسط سياق سياسي واجتماعي عام تتمه الضبابية والفوضى بعد معاهدة السلام معالعدو والانفتاح السداح مداح كما وصفه العظيم احمد بهاء الدين وسيطرة الرأسمالية الطفيلية ( ومقولة السادات الشهيرة. اللي مشهايغتني في عهدي مش هايغتني خالص )وطبقة النوفو ريش وبيزنس العائلات (الذي توحش وتسلطن في العهد المباركي فيما بعد ) ولانالفن عموما والغناء خصوصا مثل ورق النشاف يجسد حال المجتمع وبوصلته وهو ماقاله الناقد والمؤرخ الموسيقي كمال النجمي الغناء بعدجيل ام كلثوم وعبد الحليم اصبح طنينا وهيصة تعبر عن التيه الذي يعيشه المجتمع وفقدان البوصله من اعلى لاسفل )
اقرأ أيضاً
بحضور محمد الغيطي .. عزاء مهيب للمنتج الراحل طارق صيام
محمد الغيطي: كلمة حق قيلت في مصر ونتنياهو أصبح مرشدًا للإخوان
جدل ”الشورت في القطار” .. الحقيقة الكاملة يكشفها الإعلامي محمد الغيطي
محمد الغيطي يكتب: محمد السادس والرهان على الأجيال الصاعدة بالمغرب
تأجيل حفل الكينج محمد منير بسبب وعكة صحية
بكلمات مؤثرة.. الإعلامي محمد الغيطي ينعي رحيل الفنان لطفي لبيب
رئيس الاتصالات لـ ”الغيطي“: سنفرض على شركات المحمول تعويضات للعملاء
«أنا حوا» يهنئ الزميل محمد سعيد بانضمامه لنقابة الصحفيين
الكينج محمد منير يعود بألبوم جديد: تفاصيل أغنية ”ملامحنا”
محمد الغيطي ضيف شرف ندوة وحفل توقيع رواية ”هجرة مرفوضة” للكاتبة المغربية سعاد بطي
الإعلامي محمد الغيطي يبارك لرجل الأعمال كمال الصبان بمناسبة زفاف كريمته آية.. صور
”الغيطي“ يشيد بإنجاز الداخلية في سرعة القبض على قتلة أشهر طبيب في طنطا خلال ساعات
هنا كان لابد من ظهور المغني الضرورة ،مغني يتمرد على واقع غنائي معتل ويقود الذائقة لافاق رحبة ترقى بالكلمة واللحن والشكل اوالصورة وسط ثورة تكنولوجية في تكنيك التوزيع والالات وايضا ظهور الاخراج السنمائي للاغنية في العالم وهو ماعرف بالفيذيو كليب
كان عالم الكاسيت منفجرا باغاني عدوية واغاني شعبية اخرى لما يسمى بصييتة الموالد والشوادر وكان لايزال اغاني ام كلثوم الاعلى مبيعافي السوق بينما لايجد جيل الشباب من يعبر عن ذائقتهم رغم وجود بعض بعض الفرق التي حاولت التماهي مع ظاهرة الجاز الغربية فيصورة اغاني جماعية ذات ايقاع مثل الفور ام والمصريين هاني شنودة وال نوح وغيرهما
علموني عنيكي
تخرج محمد منير من كلية الفنون التطبيقية قسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون جامعة حلوان عام ١٩٧٦ وكان يغني وسط الطلبة وبعضجلسات المثقفين والنوبيين اهل جلدته واستمع له المفكر الشيوعي النوبي زكي مراد وطلب منه ان يغني اغاني نوبيه فصرخ فيه وقال مامعناهصوتك لازم يوصل لكل الناس واستدعى الشاعر عبد الرحيم منصور بلدياته الذي قال له مرحبا بالرفاجة وكان منصور شاعرا معروفا غنى لهالعندليب قومي يامصر وغنت له سعاد محمد ومحمد قنديل يامعداوية وشادية الاولة مصر امي وعايدة الشاعر وغيرهم ولكنه في رحلته ماقبلمنير كما ذكر كان ينافق السياق العام ويكتب مايوافق نظام الانتاج والاعلام الرسمي ولذلك ماإن التقى منير حتى وجد ضالته وقال لههانغني نفسنا وجيلنا ونعلم الناس والجيل غنى جديد مختلف ،نغني الشعر والقصيدة ،وهذا مافعله لكن المغني والشاعر ينقصهما ملحنوهنا اقترح منصور الذهاب ل احمد منيب الذي كمن وجد ( لقية ) وامسك الدف في منزله واستدعى التراث النوبي وتسلطن مع منير وهناوضعت اول بذرة لمشروع غنائي موسيقي ثقافي متكامل يحي تراث مصري يحمل الشجن والزخم من ارض النوبة خصوصا ومنير مع منيبواهالي النوبة تم تهجيرهم من النوبة القديمة لما وراء السد بسبب بحيرة ناصر بعد بناء السد العالي ،ومنير هاجر مع اسرته للقاهرة في سنالعاشرة. اي انه يحمل طفولته واهازيج الصبا وفلكلور الشمندورة والسلم الخماسي في قلب قلبه وبدأ المشروع الحلم يكتمل بعد لقاء هانيشنودة ثم يحي خليل حامل صولجان موسيقى الجاز وملكها في مصر وخرج اول البوم عام ١٩٧٧ علموني عنيكي اشعار عبد الرحيممنصور تلحين هاني شنودة ،الاغنية صياغة مختلفة عن السائد شعرا ولحنا وايقاعا ،علموني عنيكي اسافر ،علموني افضل مهاجر ،علمونياكون مسامح زي نبع الحب صافي ،علموني اعشق صحابي ،وانسى وياهم عذابي ،والغريب لو دق بابي ،يرتوي من نبع صافي ،وتتدفقكلمات الاغنية القصيدة بصياغة مغايرة ومتمردة على النمط. السائد الذي كان دوما مذهب وكوبليه ولكنه هنا ينهى كل بيتين بمقطع زي نبعالحب صافي بما يخالف سابقيه ، من كتاب الاغنية بل وبما يخالف اسلوب عبد الرحيم منصور نفسه فيما صاغه لمطربين قبل منير
الجراة في الصياغة صاحبها جرأة في التلحين والتوزيع وجمعت بين الايقاع والتعبير او التصوير والتجريب ايضا لذلك كان لابد ان تفشلفي اول طرحها في الوصول للجمهور وهو مايذكرك ببداية العندليب عندما غنى صافيني مرة بالاسكندرية وفشل واصيب بالاكتئاب ،الغريبوهنا تماثل البدايات ان عبد الحليم غنى نفس الاغنية بعد عام اي سنة ١٩٥٣. في حفل اعلان الجمهورية ونجحت جدا وصفق لها الجمهور وهو ماحدث مع منير عندما غنى علموني في العام التالي ١٩٧٨توزيع يحى خليل و كسرت الدنيا بتعبير اهل الفن
واعتقد كان ذلك التدشين الحقيقي لموهبة منير الذي اطلق بعد عام البوم بنتولد فارتفع درجة ثم حدثت القفزة مع شبابيك ١٩٨١ وشجراللمون واصبح الرباعي منير /منصور شنودة /خليل قاطرة الاغنية البديلة العصرية التي لهث لها الجيل الجديد. ويبشر بها في كل مكان
منير والجامعات
كنا في كلية الاعلام اواخر الثمانينات وكنت مسؤلا عن اسرة اسمها العروبة وفي نفس الوقت امين اللجنة الفنية والثقافية باتحاد طلبة كليهالاعلام واقترحت ان نقيم حفلة لمنير بالجامعة وقوبل الاقتراح بحماس وصرا مسؤلا عن ذلك وذهبت لالتقي بمنير في استديو بحاردن سيتيونبضي يتسارع ويكاد قلبي يقفز قي صدري وعندما رأيته من اول لحظة كما يقول. فتحت زرار قميصي للنسمة وللاماني ووجدت شابااسمرا نحيفا بابتسامة مشعة كسرت كل الحواجز والهواجس وتوجس مقابلة النجوم وغطرستهم في فيمتو ثانية ،عشقت منير قبل ان نتكلماو ننطق ببنت شفه ،كان ودودا ،ونيسا مؤنسا ،وظل هكذا حتى كتابة هذه السطور ، الغريب ان الامن رفض الحفلة خوفا من تحويلهالمظاهرة خصوصا ومنير كان صوت اليسار والمثقفين ونجح فيما بعد ان يخول بوصلته تماما ليكون صوت الشعب ،المهم انه بعدها باسابيع. غنى في حفل بنادي على النيل بالمنيل فقررت ان احشد الطلبة وذهبنا له وغنينا معه شجر اللمون وبعد الحفل التقيته وقلت له شفت احناانطلقنا سور النادي عشانك وكان سعيد بنا فعلنا
اتكلمي
اعتقد ان البوم اتكلمي ١٩٨٣محطة خطيرة في قطار الاغنية المصرية وفي مسيرة منير نفسه ليس فقة لجرأة الكلمات لمنصور وعظمة اللحنلاحمد منيب ولكن لانها جمعت بين الرسالة الصارخة والتمرد والثورة بلا مباشرة مستفزة بل وتوحدت فيها شخصية المنادى بين الحبيبةوالوطن ،بين الانثى والعلم ،بين كيمياء الحب وفيزياء الارض والحدود
،اتكلمي ،ليه تسكتي زمن ،ليه تدفعي وحدك التمن ،وتنامي ليه تحت الليالي ،المشربيات عيونك بتحكي عاللي خاتوني
ماأجملها من صورة شعرية عبقرية ،وهذه العبارات الشعرية لم تكن موجودة في اغاني ماقبل منير ولاحتى بعده باستثناء علي الحجار ،لقدنقل منير الاغنية منومجرد كلمات او مولوجات واسكتشات عبيطة وساذجة واستهلاكية مثل ورق الكلينكس الى افاق الشعر ،اخذ القصيدة منبطون الدواوين الى اذن المستمع فرقى وترقى به ونقل ذائقته لمستوى ثقافي وفني رفيع لذلك تعامل مع شعراء وليسوا كتا ب. كلمات اومؤلفاتية
،لذلك تجده لضم الفلة جنب الياسمينا مع فؤاد حداد والابنودي وسيد حجاب وجاهين ومجدي نجيب احمد حسن راؤل واحمد فؤاد نجم. طبعا الذي وضعه على خارطة الاغنية السياسية المباشرة وبعد انتشار البوم الاغنية اختار الناس ان يلقبوا منير بالملك ثم منحته اجيالالالفية لقب الكينج
تجربة شخصية
في التسعينيات طلب مني الدكتور سمير سرحان ان اكتب اوبريت عن مهرجان القراءة للجميع وسوف يلحنه هاني شنودة وذهبت للقاءخالي هاني في الاستديو بالهرم ثم عدت لمنزلي وكتبت الاوبريت وبعد حوالي اسبوع ذهب له وقرأته فقال لي سيبهولي وبعد ايام طلبني وقالتعالى دلوقت وخشيت ان لايكون اعجبه لكني فوجئت به يقول لي دقايق وفيه مفاجاة واذا بطارق على باب الاستديو وهو منير يقول لي. ايهياغيوطة الحلاوة دي ،بتعرف تكتب ياواد ، ولم اصدق انة سيغني اشعاري وامامه
