عماد فرغلي يكتب: بيوت العنكبوت


يقول العلماء أن خيط العنكبوت أدق من الشعرة ، وأخف من القطن ، وأمتن من أمتن عنصر على الأرض وهو الفولاذ المضفور الذي تصنع منه المصاعد الكهربائية والتلفريك بخمسة أضعاف .. أما بيت العنكبوت فهو على العكس تماماً هشا ضعيفاً فمن دخله مفقود والخارج منه مولود ، وما أدل على ذلك من قول الله عز وجل في الآية 41 من سورة العنكبوت : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لبيت العنكبوت لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم .
فبيوت العنكبوت ، لو تعلم ، لا تدفع حراً ولا برداً ولا تحمي من مكروه ، والعلاقات الإنسانية والاجتماعية داخل عائلة العنكبوت مفقودة تماماً فلا أمان ولا ثقة بين أعضائها وكل منهم على استعداد بأن يغدر بالآخر أو يطعنه من الخلف أو يفش أسراره، فأنثى العنكبوت تقتل ذكرها بعد إنجابها وتلقي به خارج بيتها لكنها تنال نفس المصير من أبنائها حين يكبرون ، وينهدم بيت العنكبوت على رأس أعضائه فإذا سقط خيط واحد منه تتناسل من بعده كل الخيوط.
إننا اليوم أمام عمل بطولي ومجهود جبار تقوم به وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية المختلفة في مواجهة شبكات عنكبوتية متعددة الأغراض ومتنوعة النوايا أغرقت مواقعنا الالكترونية بوابل من المحتوى الهابط والألفاظ المبتذلة والإيحاءات البذيئة والمشاهد الساقطة أبطالها فئات كانت مجهولة الكينونة قليلة الحيلة معدومة الإمكانيات وما بين ليلة وضحاها أصبحوا نجوم مجتمع وأصحاب مكانة وظهر عليهم الثراء الفاحش وبعد ما كان بعضهم بلا مأوى سكنوا القصور .
على مدار الأيام القليلة الماضية ألقت أجهزة الأمن على عدد كبير منهم وأحالتهم إلى النيابة العامة للتحقيق معهم ، ولأنهم يعملون ضمن شبكات تخريبية تديرها رؤوس كبرى من الداخل والخارج تتعامل الداخلية معهم بكل مهنية وذكاء للوصول إلى كل الحقائق فليس الهدف من القبض عليهم الإجابة على السؤال المعتاد : من أين لك هذا ؟ بل سيكون السؤال : ما السر في هذا ؟ فما ندري ربما يكون وراء كل ذلك غسيل أموال ، تمويل ارهاب ، تجارة مخدرات ، أعمال منافية للآداب ، أو سرقة أعضاء بشرية والعياذ بالله ، وهذا ما ستتوصل إليه التحقيقات ومن المتوقع أن تتساقط خيوط جديدة من هذه السلاسل العنكبوتية فكما غرروا ببعضهم سيوقعون بعضهم وسيدلون باعترافات تفصيلية عما يحدث في هذا الملف الذي يعد من أخطر الملفات الأمنية التي تهدد السلم العام والتي تحظى بمتابعة واسعة من قبل المواطنين .
رأيت إجماعاً من المصريين على الإشادة بجهود وزارة الداخلية كما لم آراه من قبل ليس في هذا الملف فقط بل في العديد من الملفات الأخرى التي تهم المواطن ولعل الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الداخلية بإتاحة ارقاماً للمواطنين للتواصل معها عند الضرورة كانت مفتاحاً لهذا التقارب خاصة بعدما وجدوا سرعة الاستجابة ،
كان الله في عون رجال الداخلية والجميع ينتظر منهم سرعة إعلان الحقيقة في ملف بيوت العنكبوت .