سهير صقر تكتب: في بيتنا مراهق


نعلم جيدا أن صلاح الأبناء من صلاح الآباء ، وأن فسادهم من فساد الآباء ، ولذا وجب علي الآباء أن يكونوا أداة بناء وليست أداء هدم ، ووسيلة خير لا وسيلة شر ، لأن الأبناء يقلدون الأباء في كل شئ، وخاصة الفعل أكثر من القول، فهم يتعلمون من أبائهم طريقة تعاملهم مع الآخرين، وكيفية مواجهة المشكلات وطريقة حلها،وكيفية تحمل المسؤلية، وكيفية التفكير والتصرف،
باختصار فهم يتعلمون أسلوب الحياة من الآباء ، ولا ننسي أن سلوكيات الأبناء ماهي سوي مرآة لسلوكيات الآباء ، فالأبناء يتعلمون ما يعايشونه، فالآباء قدوة للأبناء يسيرون علي نهجهم في كل نواحي الحياة.
وقد قيل قديماً: إن الطاووس مشى باختيال وكبْر وخيلاء فقلده أبناؤه في مشيته، فقال لهم: ما لكم؟ فقالوا لقد بدأت ونحن مقلدوك .
وللأسف نلاحظ اليوم غياب القدوة الصالحة للأبناء ومعاناة الأبناء من صراعات لاحصر لها في ظل الظروف الصعبة التي يعايشونها ، وخاصة في فترة المراهقة وهي من أصعب المراحل التي يمر بها الأبناء فهي مرحلة تحول في كل شئ حتي في علاقاتهم الاجتماعية، وأول هذه العلاقات هي علاقاتهم بالآباء والتي يشوبها كثير من القلق والاضطراب ، وإن الأمر بالنسبة للآباء ليس هينا، ولكنه في غاية الصعوبة وخاصة مع مشاكل مرحلة المراهقة التي تتسم بالتعقيد والعناد والتحدي والمعارضة ورفض أي توجيه أو نصيحة من الأهل ، والانسياق وراء الرفقاء بمختلف أخلاقهم ، والمخرج الوحيد هو تفهم الآباء لمتطلبات هذه المرحلة والتعامل مع الأمور بهدوء وحكمةوصبر، مع اشعار الأبناء بأن لهم الأولوية في حياة آبائهم، ولابد أن تتسم العلاقة بين الآباء والأبناء بالحميمة ،والاهتمام، والاحتواء ، مما يجعل الأبناء يشعرون بالأمان والرغبة في المصارحة بأحداث حياتهم اليومية، فكلما كانت العلاقة طيبة كلما كانت هناك الرغبة في الاستماع للآباء والمناقشة والحوار والتفكير في نصحهم لهم ، وفي وجهة نظرهم ، فالارتباط الجيد هو الفرصة الوحيدة لتنشئة أجيال يتمتعون بالسواء النفسي والقدرة علي بدأ حياة جديدة ومواجهة الصعوبات والتغلب علي الضغوطات المحيطة بهم في كل مكان .
ولذلك أمرنا الله بأن ندعوه أن يوفقنا لنكون قدوة صالحة حسنة لغيرنا، يقول الله -جل جلاله-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان:74].