ماجدة موريس تكتب: فات الميعاد
هل تخيلت أم كلثوم ،او تخيل بليغ حمدي ومرسي جميل عزيز ملحن وكاتب أغنيتها الشهيرة انها ستصبح واحدة من أيقونات الدراماالمصرية بعد حوالي ستة عقود من إبداعها ؟لقد غنت ام كلثوم (فات الميعاد ) وابدعت في حفلها الاول عام ١٩٦٧لتصبح من اكثر أغانيها انتشارا وشعبية ،وبعد كل هذه السنوات تتحول الي عنوان لمسلسل درامي جديد حقق هو الآخر انتشارا وشعبية جزء منها منسوب للأغنية التي أخذ منها اسمه ،وايضاً التيتر الغنائي ،ولكن نجاح التيتر هو مجرد مقدمة موفقة لعمل درامي استطاع صناعه التوغل مع الدراما من قصة وسيناريو ،وحوارات ،للتعبير عن المعني العميق لهذا الاسم الذي اصبح قضية شديدة الاهمية ضمن قضايا المجتمع المصري ،وحيث يؤدي الصدام المبكر بين الاحباء الي الاختلاف الاول الذي يكبر ويستمر ويتخذ من اي موقف ،او حوار حجة للشكوك وإعادة التفكير في كل ما يجري من سلوكيات لتتحول العلاقة الزوجية الي محبة مشكوك فيها ،وتتحول العلاقة العائلية الي احساس بسلب الحرية ،وبعدها تبدأ العلاقات الحميمة في الهبوط وتتسارع المشاكل مع الاكتشافات الجديدة مثل عنف الزوج عند اي خلاف مع الزوجة ورفضها لارائه ،ومثل غضب الزوجة ومحاولتها الهروب معنويا وماديا من زوجها وحماتها التي تمارس نوعا من السطوة علي حياة اولادها ،وهي سطوة تصل الي نوع من القسوة بأسم الحب والأمومة ،ويمارسها ايضا الاب صاحب الثروة باختياره واحد من أبنائه لأدارتها ،أنه مسلسل عن الحياة الخاصة التي تبدو منبع الأمان للناس كأفراد وأزواج وعائلات ،ولكن أهميته تأتي من قدرته علي الاقتراب من هذه الحيوات ،والغوص في تفاصيلها ،في رحلة بحث عن الحقيقة .
بين بسمة ومسعد وعبلة
لا يتمتع (فات الميعاد )بشخصيات واحداث كثيرة ولكنه ينجح في إدهاش المشاهد بكم التفاصيل الدقيقة عن شخصياته التي تدخلنا الي عوالمهم وسلوكياتهم من خلال كتابة جيدة أشرف عليها الكاتب محمد فريد وقام بها ثلاثة غيره هم ناصر عبد الحميد وعاطف ناشد وإسلام أدهم في تجربة تجاوز نجاحها تجارب اخري عديدة لمسلسلات اعتمدت علي فريق كتابة ،أضافة لقائد العمل المخرج سعد هنداوي الذي رأينا له من قبل أعمال سينمائية مهمة منها فيلم وثائقي بعنوان (دعاء وعزيزة )ومنها فيلم رائع هو (ألوان السما السبعة ) الي جانب عدد من المسلسلات مثل (زي الورد )،و(بالحجم العائلي )الذي شارك في إخراجه وها هو (فات الميعاد )يعيده للشاشة الصغيرة بعد سبع سنوات ويكشف لنا عن مزيد من الجهد والاجتهاد له كمخرج في الاهتمام بكل عناصر العمل خاصة اماكن التصوير من المصانع الي البيوت والأماكن العامة (مدير التصوير البارع ذكي عارف )،وعناية بالغة بحالة المكان وصورة الناس فيه ،والمهمة الصعبة وهي اختيار الممثلين وإدارتهم ،وللدرجة التي اصبح بعضهم صديقا لبعض المشاهدين يدافعون عنهم في بوستاتهم علي السوشيال ميديا ،ومرفوضين من آخرين يهاجمونهم ،خاصة احمد مجدي (مسعد )وأسماء أبو اليزيد (بسمة ) وسلوي محمد علي او (عبلة ) أم مسعد ومنعم (محمد علي رزق )والتي قدمت دورا لا ينسي للام التي تحكم أبنائها وتسعي لفرض سيطرتهم علي زوجاتهم مستغلة عيشهم في نفس البيت ،ام من زمن قديم أضافت لابنائها حماية صورية وتسببت في خلافاتهم مع زوجاتهم ،(اسماء ابو اليزيد وفدوى عابد ) ،وعلي الجانب الآخر يقف والد بسمة ووالدتها (محمود البزاوي وحنان سليمان ) كمصدر أمان لها حين تطور الصراع مع مسعد ،وعلي جانب ثالث ،يفشل زواج شابان متحابان هما معتصم وسارة (احمد صفوت وولاء الشريف ) بسبب طفل كفلاه لعدم إنجابهما ولكنه يغير حياتهما بينما يواجه معتصم مشكلة مع شقيقاته بسبب والده (محمد ابو داود )الذي يختاره ليدير مصنعه وارثه،ومن حدث لآخر ،وحياة لآخري،وحوار يصل الي مرحلة الخطر كثيرا ،خاصة بين مسعد وبسمة،وعنف يصل به لضربها في كل مكان ،تفسد العلاقة ،وتنتهي بطلاق يرفضه هو علي امل العودة ،وهنا يكشف لنا العمل عن وجه آخر لاحمد مجدي الذي رأيناه قبل هذا في أدوار مختلفة،وهادئة ،لكنه في المسلسل يقدم وجه جديد لموهبة كبيرة استطاعت ان تحيط شخصيتها الدرامية بعناصر ساهمت في التعبير عن ازمتها مثل أسلوب النظر والكلام والتحول للعنف وحتي طريقة الحركة والمشي والنظرة الحزينة دوما،وبالطبع قدمت سلوي محمد علي الممثلة القديرة دورا لن ينسي للام ،كما قدمت اسماء ابو اليزيد دورا يحسب لها من البداية واستطاعت تقييم انفعالاتها في دور انتقلت فيه من زوجة لمسعد وخلافات لا تنتهي معه الي زوجة لمعتصم (بعد انفصاله عن سارة )ليتحول الجزء الاخير من المسلسل الي لغز في بعض الأحيان من خلال علاقتهما ومن خلال ابنة مسعد وبسمة التي يطالب بها الاب والجدة للحياة معهما بينما ترفض الام لانها اولي بها ،ويصمت زوجها ،عمل طرح علينا صورة اقرب للحياة وما بها من ازمات وتحولات وبإيقاع قريب من الواقع وشخصيات نراها هنا وهناك .
