سهير صقر تكتب: كشف حساب
-عفوا لقد نفذ رصيدكم -
تلك العبارة المزعجة التي لا نحب سماعها ، وبمجرد علمنا بها نقوم مسرعين لشحن رصيدنا ، هذا في رصيد المكالمات ،
فما بالكم برصيد العلاقات !
ماذا يحدث لو نفذ رصيدنا في قلوب الآخرين؟ وماذا يحدث لو تم اشهار إفلاسنا ؟
ماذا سيبقي لنا ؟
فكلنا إلي زوال ولن يبقي منا غير الأثر الطيب والذكري الجميلة ، ولذا يجب أن نحرص جميعا علي إيداع مانحب أن نسحبه من رصيد علاقاتنا بالآخرين، سواء مواقف جميلة أو مشاعر حانية أو كلمات إيجابية أو حتي ابتسامة صافية .
فازرعوا ما تحبوا أن تجنوه . فيجب أن نعطي حتي نحصل علي مانتمني ، فكلما كان رصيدنا مليئا بالمواقف الجميلة شعرنا بالطمأنينة والراحة والسعادة .
فالابتسامة إيداع ، الطبطبة إيداع ، الكلمة الطيبة والمشاعر الجميلة إيداع ، الاحترام والتقدير إيداع ، الاهتمام والاحتواء إيداع ، الدعم والسند إيداع ، الثقة وحسن الظن إيداع.
فالرصيد ليس ماديا فقط بل معنويا أيضا فالإيداع أولا ثم السحب ثانيا فإن لم يتم الشحن والإيداع فلن نجد شيئا في كشف حسابنا .
كذلك المشاعر من خلال علاقتنا بالآخرين مع الفارق الكبير بين الرصيد المادي والرصيد المعنوي إلا إننا في حاجة لكليهما . ولا نبالغ إذا قلنا إن الاحتياجات المعنوية أهم بكثير من الاحتياجات المادية ، فليبحث كل منا بداخله ليري كشف حسابه ويتسائل :
ماذا قدمت ؟ وماذا تركت ؟ وماذا أودعت ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم وليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق " صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم .
فهنيئا لمن حرص دائما علي أن يكون له رصيدا طيبا عند الآخرين ، بل ويعمل علي شحنه باستمرار ،حتي لا يأتي يوم يجد نفسه مفلسا ولا رصيد له، لأنه استنزف واستهلك كل ماله من مشاعر ومواقف جميلة تحسب له، وأصبحت مواقف وأفعال تحسب عليه.
فالخيانة والغدر والشك وسوء الظن ، الإهمال والتجاهل وعدم التقدير وعدم الاحترام ، كلها أمور كفيلة بأن تنهي علي أي رصيد لك .
فخسر من اهتم بشحن رصيد مكالماته ورصيده البنكي متجاهلا رصيده من مشاعر في قلوب الآخرين .
وهنا تتردد عبارة :
( عفوا لقد نفذ رصيدكم )







