سهير صقر تكتب.. سيد قرارك
عليك الاختيار، إما أن تكون قائدًا، وإما أن تكون تابعًا، إما سعادة وإما شقاء، مما لا شك فيه أن كل إنسان يمر بفترات عصيبة في حياته، كل منا تقابله مشاكل وأحداث مرهقة تؤثر فيه وتعوقه عن القيام بدوره ومهامه الحياتية، لكن طريقة التعامل والتعايش والمواجهة تختلف من فرد لآخر، فما يسبب لك الألم قد يسبب لشخص آخر المتعة.
لكن ما نتفق عليه جميعًا هو أن الإنسان عندما يتعرض لضغط ما ويسبب له ألما، أو مشكلة ما ويعجز عن حلها فإن ذلك يؤثر في تفكيره ومشاعره بل يؤثر في حياته كلها، وهنا يجب ألا نغفل الجانب النفسي، فالنفس والجسد هما أسلحة الإنسان وأدواته في رحلة الحياة، فيجب ألا نهتم بأي منهما على حساب الآخر، ولكن الموازنة بينهما أمر هام وضروري لرقي الإنسان ولسعادته ولاستمرار الحياة بشكل طبيعي.
والصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وكما أن للجسم متطلباته واحتياجاته كذلك النفس لها متطلباتها واحتياجاتها والتي لا يمكن إغفالها لأن عدم اشباعها يسبب للفرد خللًا وعدم توازن في جميع جوانبه، فكل جانب يؤثر في الآخر، ولا نبالغ إذا قلنا إن المحرك الأول للإنسان هو حالته النفسية، وإن أي مشكلة نفسية تؤثر بدرجة كبيرة في مستوي تفكير الفرد وفي انفعالاته وسلوكياته بل وقد تصيبه بأمراض جسدية، ولا يخفي علينا أن تجاهل أي مشكلة مهما كانت صغيرة، أو الهروب من أي موقف يسبب الألم دون مواجهة، فإن ذلك يقود صاحبه للقلق والاكتئاب وقد يصل لضغط واضطراب نفسي، ثم لاضطراب عقلي يصعب علاجه، ونحن في غني عن هذا وذاك.
ولذا فصحتك النفسية أولي بالاهتمام والرعاية والتفهم والتقدير والتصالح حتى يكون هناك السلام والسواء النفسي، إذن فأنت المسؤول الأول والأخير عن سعادتك وعن تعاستك، وذلك من خلال طريقة تفكيرك وتعاملك مع المشاكل ورؤيتك للحياة، فما تفكر فيه سواء كان سلبًا أم إيجابًا سيجذب إليك، فالحياة التي يعيشها أي إنسان إنما هي نتاج لتفكيره سواء كانت نعيما أو شقاءً، ولذا فلا تطلب السعادة من أحد ولا تنتظر من يمنحك إياها لأنك أنت المسؤول عن ذلك.
ولا داعي للصراع النفسي وجلد الذات والنظرة المتدنية لأنهم من أخطر الأمور التي تؤدي للإيذاء النفسي بل للمرض النفسي فأنت بشر تخطئ وتصيب، فرفقًا بحالك وكن هينًا علي نفسك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم"، فلا تبحث عن الكمال، بل حاول أن تتعايش مع واقعك، وتتأقلم مع الظروف بما منحك الله من نعم، حاسب نفسك عل أفعالك وتصرفاتك ولكن دون جلد للذات لأنه هدم لها وليس بناءًا، ولتعلم بأن الدنيا دار ابتلاء ولكن عليك أن تختار إما أن تكون قائدًا لهمومك، وإما أن تكون ضعيفًا هشًا مسلوبًا للإرادة، تابعًا لها.
قال تعالى: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" فعليك بالرضا بابتلاء الله لك ولتفهم الرسالة من وراء تلك المحنة وذلك الابتلاء، ولم أقصد هنا الاستسلام، ولكن أعني الرضا والتقبل والتسليم. فلا يؤخر الله أمرًا إلا لخير، ولا يحرمك أمرًا إلا لخير، ولا ينزل عليك بلاء إلا لخير، فلا تحزن.. فرب الخير لا يأتي إلا بالخير، فليس هناك مستحيل أمام خليفة الله في الأرض، فحياتك أنت المسؤول عنها، وقراراتك أنت من تتخذها، وضغوطك أنت من تقودها، ومن هنا.. فأنت سيد قرارك.







