محمود حسن يكتب: السياسي والطبال
التطبيل آفة كل العصور ، والمطبلاتي إنسان ضار بنفسه وبمجتمعه ، وأيضا ضار بمن يطبل له ،
والمطبلاتي أول من يسقط في نظره هو المطبل له ، ثم المجتمع كله ، وهو دائما معرض للإهانه من المجتمع ومن المطبل له ذاته ، لأن المطبلاتي ليس وطنيا بقدر ما هو " مصلحجي " من الدرجة الأولى ، فدائما ما تجده يأكل على كل الموائد حسب مصلحته وحسب ما يفيده وينفعه ،
والمطبلاتي معرض أيضا للنقد الشديد لأنه إنسان ساقط في نظر نفسه وفي نظر أسرته وفي نظر مجتمعه ، ومكشوف لدى الجميع ، فهو لا يقل بحال عن شاهد الزور حتى لو كان صادقا في بعض ما يقول ،
والتطبيل له جذور وتاريخ وربما كانت مهنة يعيش عليها الكثير من الشعراء الذين يتملقون الحكام والملوك والأمراء ، ولايزال موجودا وعلى مستوى كل المهن ،
فلو نظرنا فيما يتعلق بالفن نجد أن عبد الوهاب كان شيخ المطبلاتية فقد غنى للملك فاروق أغنية أو أنشودة الفن ووصفه بالفاروق والحارس والحامي والرضوان ، ثم غنى في عهد عبد الناصر لجمال أغنيه وبأرواحنا عاهدناك وبحياتنا ناصرناك ، أكتر من دا حب ما فيش غير حب الله ورسول الله ،
وفي عهد السادات غنى " مصر السادات " ولحن أوبريت الأرض الطيبة أو صوت بلادي ،
وأيضا أم كلثوم كان لها دور كبير في التطبيل ، فقد غنت للملك فاروق أغنية يا ليلة العيد وذكرت إسمه تحديدا في الأغنية ، وفي عهد جمال غنت الكثير من الأغاني التي تحمل إسم جمال ، وغنت محلاك يا مصري وأنت ع الدفة ، ريسنا قال مفيش محال ،
وكذلك عبد الحليم حافظ له دور كبير في التطبيل للرؤساء الذين عاصرهم ،
اما على مستوى الأدب والشعر والصحافة والإعلام فحدث ولا حرج فقد كان لرجال الصفحه الأولى دور كبير في التطبيل وكان على رأسهم إحسان عبد القدوس وغيره ،
وفي العصر الحالي تطور حال المطبلاتي وأصبح لا يستحي أن يغير جلده في ثانية واحدة حسب مصلحته ، كما هو الحال مع شيوخ مطبلين هذا العصر أمثال مصطفى بكري وعمرو أديب وأحمد موسى وغيرهم من أنصار مات الملك عاش الملك ،
وهو أقرب ما يكون للمنافق ، أو ما أسماه الرسول عليه الصلاة والسلام بالجليس السوء أو نافخ الكير فهو إما أن يحرق ثوبك أو تشتم منه رائحة كريهة ، أما الصديق الحسن هو من يشيد بك إذا أحسنت ويرشدك إلى الصواب إذا أسأت ، فهو كبائع المسك ، إما أن تبتاع منه أو تشم منه رائحة طيبة ،
فالمطبلاتي لا يحيي أمة ، ولا يصنع رمزا ، وكان خير له أن يتنحى فور إنتهاء العصر الذي كان يعيش فيه ، لكن المصلحة تغلبت على الضمير ، والمنفعة تغلبت على المبادئ ،
لأنه لا يحب وطنه بقدر ما يحب نفسه .
ولا يحترم ذاته بقدر ما يسعى لبقاءه على الساحة حتى لو كان عاري الجسد مكشوف العورات .











